أن نعيش الحياة عفويةً هو هذا الجمال الحقيقي...
ببساطتها،، بحلوها،، بمرها دون تكلف او مجاملة قد تبعدنا عن مصداقيتنا في التعامل وكل ذلك يتحقق باقامة علاقات إجتماعية قائمة على الصدق والتلقائية في التعامل والتصرف بعفوية دون نفاقٍ وتصنع.

إن من سمات الانسان العفوي ان يكون صادقاً باقواله وأفعاله،، أنيقاً في تصرفاته،، بسيطاً في حضوره فهو ينطلق بحرية تامة وعلى سجيته دون أي تكلف غير مهتم بارتداء الأقنعة المزيفة التي تخفي حقيقته وتجعله يظهر بصورة مختلفة عن طبيعة ذاته.

فالانسان العفوي يملك من الثقة الكبيرة ما تميزهُ بذاته عن غيره وتجعل من أيامه وإن كانت لا تخلو من الاحداث المؤلمة هادئةً وجميلة فهو يملك قلباً مطمئناً للحياة،، ونفسٍ مُسَّلِمة بالأقدار،، وآمالٍ مفعمة بالنجاحات والأنتصارات تقوده نحو أحلامه المؤجلة في ذاكرة الخيال،، كما أنه يتمتع بحيوية ومرونة عالية في التعامل،، ولديه طاقة إيجابية تجعله مصدر إلهامٍ للأخرين وبالتالي سيكون مميزاً كونه لايكترث بالفشل ولا يخشى الوقوع في الخطأ ولا يهتم لنظرة الناس له وبالتالي ستكون له مكانة مميزة بين أقرانه وأبناء مجتمعه.

فهل التعبير عن الذات يحتاج إلى تكلف!! تصنع!! مجاملة!!
للأسف هذا ما يفعلهُ البعض في سبيل إخفاء حقيقة شخصياتهم والظهور باكثر من صفة أو وجهٍ مُغاير ومختلف لحقيقة ذاتهم الأصلية محاولين التميز من خلال التظاهر بما ليس فيهم فيحاولون الظهور باكثر من صورة بارتدائهم أقنعةً مزيفة حسب ما تقتضيه مصالحهم الذاتية والشخصية فتغلب على افعالهم سمة التعددية فلا يملكون من الصدق ما يميز افعالهم وتصرفاتهم كونهم غير متصالحين مع ذواتهم وغير مطمئنين للحياة فلا يملكون من الثقة قدراً يجعلهم يتصرفون ببساطة في اقولهم وإنسيابية في تعاملاتهم فيكونون كثيري الأنتقاد للناجحين والمميزين من حولهم لضعف نظرتهم لذاتهم الحقيقية والخوف من الواقع الذي يعيشون فيه.

فبالتكلف والتصنع يحاولون ان يكونوا متزنين في الحياة وإن كانوا بعيدين عن المصداقية في تعاملاتهم وعلاقاتهم الاجتماعية.
فعلى سبيل المثال: قد نجد شخصاّ مغروراً يحاول ان يصل لغايةٍ ما والارتقاء بنفسه نحو ما يطمح سنجدهُ يرتدي قناع التواضع بشكل مؤقت،،
وقد نجد شخصاً سيء الطباع في اقواله وافعاله يتحول إلى إنسانٍ خلوق لحين تحقيق ما تصبو إليه نفسه،،
فالمتصنع يتصرف عكس طبيعته الانسانية الحقيقية محاولاً إرضاء الناس ليظهر امامهم بصورة مثالية وهذا الفعل سيبعده تلقائياً عن طبيعته في التعبير عن ذاته خلال تعاملاته وعلاقاته مع الآخرين.

إنَّ الانسان مهما كان متقناً للتصنع والذي فيه نوع من المخادعة للنفس وحذراً في المجاملات التي يراها البعض فطرة إنسانية قد يلجأ إليها المتصنع في درء الخلافات وإرتداء اقنعة النفاق المزيفة ستنكشف حقيقته ويظهر واقعه الثابت في فترةٍ ما من خلال تصرفاتٍ له تكشف حقيقة ذاته وطبعه الغالب بين الناس.

فالافضل أن يبقى الشخص على سجيته وفطرته بعيداّ عن التكلف او المجاملة وإن كانت بحسن النية فالاهتمام بجوهر الامور اولى من شكلياتها.
العفوية سمة رائعة لصاحبها وإن كان البعض يصفها بالسذاجة والغباء على اعتبار أنها تفقدهُ القدرة على التحكم في اقواله وتصرفاته فلا يشعر بالراحة اثناء التعامل مع الآخرين ولا يجيد فن الحوار وليس لديه من الذكاء ما يمكنه من تسيير الحال والمحافظة على نظرة الغير له فلا يستطيع ان يصنع لنفسه شخصية مناسبة تليق به امام الآخرين.

إن من يصف العفوية بهذا الوصف السلبي باعتبارها سذاجةً وغباء!! يمكن القول لهم إنَّ وصفكم هذا قد ينطبق وينسجم تماماً مع المتصنعين المنافقين الذين يحاولون بذكائهم ودهاء مكرهم ان يصنعوا شخصية قوية تمكنهم من نواياهم وغاياتهم في علاقاتهم مع الآخرين لكنها تبقى غير متزنة كونها بعيدة عن حقيقة الذات الأصلية وتفتقر الى المصداقية في التعامل.

ستبقى العفوية رغم بساطتها سمة جميلة ومميزة لصاحبها،، معبرة عن ذاته وصدق شخصيته،، ملائمة لجوهره ومعدنه الحقيقي،، كاشفة عن مدى ثقته الكبيرة بامكانياته وقدراته باقامة علاقات إجتماعية ناجحة أساسها الصدق والطيبة.

جمال الحياة أن نصنعها بعفوية دون تكلف.. وبحقيقة دون تصنع.. هذا هو الجمال الحقيقي فيها.