مع تزايد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت المعلومة الصحيحة ضائعة بين تغريدة هذا وتعليق ذلك، ومشاركة هؤلاء لمقطع فيديو مفبرك، غير أن مع اندلاع الحرب في أوكرانيا انتشرت المعلومات المضللة والأكاذيب حول سببها وموعد انتهائها، وأصبح الباحث عن المعلومة كأنما يخوض حرباً ضروس.

ومن المؤسف أن يكون التضليل موجوداً في عصرنا هذا رغم انتشار الفضائيات والقنوات والمواقع الإخبارية المتخصصة، التي تبدو عاجزة عن مواجهة كل هذا التضليل بشكل أو بآخر. والسبب في ذلك، وبكل وضوح هو أن المعلومات المضللة أصبحت أوسع انتشاراً من المواقع والقنوات الإخبارية، كما أن من يقف وراء هذه المعلومات جيش من الذباب الإلكتروني، الذي له مآرب في توصيل هذه الأخبار إلى فئة معينة من الجمهور على منصات التواصل من أجل تحقيق هدف معين.

وبحكم اهتمامي بالإعلام ومتابعتي المستمرة له ولقضاياه، فإني أنصح الجميع باتباع الحكمة التي تقول: "ليس كل ما يُقرأ يُصدق"، لأنه مع الأسف حتى وسائل الإعلام العالمية المشهورة تخفق في التوصل إلى المعلومات الصحيحة، بل تساهم بعض القنوات العالمية في نشر ما يعرف بالأخبار الكاذبة أو بـ «FAKE NEWS».

على سبيل المثال لا الحصر، قد تلجأ بعض الحسابات والقنوات الفضائية إلى نشر مقاطع فيديو قديمة على أساس أنها حديثة، وقد تجلى ذلك في الحرب الأوكرانية الراهنة حيث تم توظيف هذه المقاطع إما لإلصاق تهم ما بالجيش الروسي أو التهويل من الحرب.

إن آفة هذا العصر، ومع كل الأسف، أن الكل أصبح يشارك في صناعة الأخبار، طالما يمتلك هاتفا ذكيا يستطيع من خلاله الدخول على التطبيقات المعروفة والشهيرة، على عكس العقود الماضية حين كانت وسائل الإعلام الرسمية سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية المنبع الوحيد للأخبار والمعلومات.

أما اليوم، تم تحويل صناعة الأخبار من الصحيحة إلى الكاذبة، الأمر الذي يرتب على الصحفيين مسؤولية ضخمة تتمثل في الوقوف أمام المعلومات الكاذبة وتصحيحها بأقصى درجات السرعة كالنار في الهشيم، عبر الوعي الإعلامي في درء الأكاذيب.

ولعل أكثر الأزمنة التي شهدت تضليلاً إعلامياً لم يسبق له مثيل كانت خلال الحرب العالمية الثانية، حين تولى جوزيف جوبلز وزارة الإعلام في عهد أدولف هتلر، إذ وظف الصحافة في تضليل الرأي العام وتمجيد الحزب النازي.

كما أننا عانينا في المملكة خلال فترة جائحة "كورونا" من المعلومات المغلوطة والمضللة، لكن بفضل وعي المواطنين وهمة وملاحقة الأجهزة الأمنية تم التصدي للمعلومات المغلوطة وتصحيحها وتصويبها في حينه.

في الختام، تتطلب مواجهة آفة الأخبار المضللة التي تهدد المجتمعات والدول تكاتفاً من الجميع، واعتبار كل فرد مسؤول عما ينشره على حسابه.

هذا سيؤدي بطبيعة الحال إلى عدم تداول الأخبار إلا بعد التحقق منها بكافة السبل وأسهلها وأيسرها عبر موقع "جوجل"، حتى لا يقع تحت طائلة القانون والتأني قبل نشر المعلومة على منصات التواصل وتطبيق الآية الكريمة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ".