هل سمعت من قبل عن مصطلح الحرب الطيبة؟ هل لديك فكرةٍ عن دور الإعلام في هذه الحرب؟ استخدم مصطلح الحرب الطيبة لوصف العمليات العسكرية التي قامت بها بريطانيا بشن قصف جوي واستخدام العنف والاحتجاز دون محاكمة على أساس محاربة النظام الفاشي، كما حصل في العراق وأفغانستان، وهو بالضبط ما تفعله اسرائيل مع قطاع غزة، تستهدف في هجماتها المدانين الذين يعيشون في الفقر المدقع في ظل ظروف حصار يعيشونه في القطاع منذ عدة سنوات، لكن بالمقابل لم توثق وسائل الإعلام أفعال الاحتلال الإسرائيلي المشينة من قصف واستخدام القنابل محرمة دوليًا في قطاع غزة، بل سلطت كاميراتها على المستوطنات المتواجدة في غلاف غزة.

هل تظن أنّ منظمات وسائل الاعلام تنقل لك الأحداث بشفافيةٍ وحيادٍ؟ اذا كنت تعتقد ذلك فأعد التفكير مجددًّا، إذ علينا ألّا نغفل عن دور المؤسسات الإعلامية، وحقيقة انها مؤسسات دعائيةٌ لصالح النخبة، فقد تمّ إخلاء سابقًا مسؤولية كلٍّ من بريطانيا وأميركا من جميع الأعمال الإجرامية التي قامت بها في العالم، وذلك من خلال وسائل الإعلام التي أثبتت أنها مجرد أداةً لرسم صورة العالم كما يريد أصحاب القوة والمال والسلطة، فالمسؤول في هذه المؤسسات هم أصحاب النفوذ والمال ولا وقت لديهم للمساءلة والعمل في سبيل دوافع أخلاقيةٍ.
يمكننا القول إن مؤسسات الإعلام ما هي إلا مشاريع أعمالٍ تسعى إلى الربح، ويتمّ تمويلها من المعلنين، الأمر الذي يصعّب من مهمّة الصحافة التوفيق ما بين الحقيقة ومتطلبات مصالح المؤسسات، عدا عن الضغوط التي تتعرض لها من مؤسسات الدولة، وقد تكون لنظامٍ قائمٍ على المال ومعدٍّي سرد الأكاذيب، من خلال تقديم تقارير عن وجهات نظر الشخصيات البارزة، تمامًا كما يحدث في العديد من القضايا المطروحة في الساحة الإعلامية، كالحرب على قطاع غزة وما سبقها الحرب على أفغانستان والعراق وغيرها من الجرائم الأكثر عنفا في العالم.
لننتقل قليلًا إلى الشاشة الإخبارية الخاصة بأحداث الحرب على قطاع غزة، لكن لا تنظر إلى الأمور كما يتمّ نقلها لك؟ فلنستمع معًا، أشارت منظمة الصحة العالمية ومندوب الأمم المتحدة في غزة وغيرها من الجهات الحقوقية الأخرى الى الأوضاع الصحية والمعيشية في قطاع غزة منذ بداية الحرب، بالإضافة إلى قطع الكهرباء والماء ونقصٍ في الادوية وطواقم الصحية والطواقم المساندة ... لنتوقف هنا قليلًا ولتراجع ما تمّ تناقله على شاشات التلفاز بعيدًا عن هذه الحقيقة المخفاة، سترى الآن وسائل الإعلام التي تدّعي أنّ حركة حماس هي السبب في كلّ هذا الدمار، متجاهلةً دور الكيان الإسرائيلي المسبب لكل هذا الدمار، إذ ألقت اطنانا من القنابل على قطاع غزة ودمرت كلّ ما هو حيويٌّ.
من ناحيةٍ أخرى، اتّهمت كلٌّ من إسرائيل وأميركا وغيرها من الدول الاخرى بالتعاون مع وسائل الإعلام حركة حماس لها بقتل الأطفال والنساء المتواجدين في المستوطنات في غلاف غزة، وركزت على إظهار أفعال حركة حماس كأفعالٍ شيطانيةٍ، تمكنا الصحفيين من تضليل مسؤولية اسرائيل عن كلّ جرائمه التي تسبّبت في حصد أرواح الأبرياء متجاهلين مسؤوليتهم الأخلاقية، وقامت الصحافة بتعزيز ادعاءاتها.
في نهاية هذا المقال إنّ وسائل الإعلام ما هي إلّا وسيلة رسمٌ لصورة العالم من حولنا وفقًا لأهواء أصحاب النفوذ ورؤوس الأموال على حساب دول العالم الثالث، لاستغلال ونهب ثرواتها تاركين وراءهم الملايين من الأبرياء منهم من حصدت ارواحهم أسلحتهم العسكرية الشنيعة ومنهم من فقدوا الأمان في أوطانهم، وكلّ ذلك تمّ بالتعاون مع مؤسسات وسائل الإعلام التي تسعى باستمرار إلى تشويه الحقائق وتضليلها وذلك بوضع أخطاء الدول المستهدفة تحت المجهر لتتخذها الدول الطامعة ذريعةً للاحتلال والنهب بحجة الإصلاح والقضاء على الإرهاب.