المقصود حرب غزة، والتوسع أقصد به فتح جبهات جنوب لبنان والجبهة السورية وتكثيف الهجمات على القواعد العسكرية الامريكية في العراق وكوردستان وسوريا، هنا سيكون التدخل الأمريكي حاضراً، مما يستدعي تدخل حلف الناتو أيضاً. السؤال المهم والذي يدور حول تركيا بأعتبارها عضواً في حلف الناتو، هل ستتنصل تركيا عن إلتزاماتها بميثاق الحلف وترفض الوقوف الى جانب دول حلف الناتو؟، بمعنى أوضح تركيا ستكون أمام خيارين أما رفضها التدخل المباشر لصالح حلف الناتو، لأي سبب تختلقها حكومة أردوغان وسيكون لهذا القرار تبعات خطيرة على تركيا ومستقبل تركيا منها أحتمالية تعرضها للطرد من الحلف وتصاعد الازمات الداخلية وربما ستكون هنالك سلسلة من القرارات السياسية والاقتصادية من قبل الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية قد تزعزع استقرار تركيا، لذلك فأن قرار تنصل تركيا من ميثاق الحلف بعيدة جداً، أردوغان يجيد إستثمار الفرص في مثل هكذا مواقف مما يعجل الذهاب الى الخيار الثاني وهو مساندة الدول الحليفة مع أمكانية وضع بعض الشروط المناسبة لمثل هكذا منازلة، قد يوافق الحلف على هذه الشروط العملية منها على سبيل المثال توغل القوات التركية داخل العمق السوري واحتلال اراض إضافية من شمال سوريا وحتى أجزاء من مدينة الموصل وضمها الى الاراضي التركية ومنها أيضاً السماح لتركيا بتوجيه المزيد من الضربات للوجود الكوردي والاهداف الكوردية، وقد تبحث تركيا عن المزيد من المزايا لتتدخل وتسمح لجيوش حلف الناتو بأستخدام أراضيها وقواعدها الجوية لضرب إيران وسوريا ولبنان ومقرات الفصائل المسلحة، أي أن تركيا ستحقق مجموعة أهداف منها أحتلال اراض جديدة في سوريا ومنها أيضاً التخلص من إيران العدو الآيدلوجي التي طالما سببت الاحراج للوجود التركي في شمال العراق وشمال سوريا وفي منطقة الشرق الاوسط عموماً وكذلك كسب الشارع الداخلي التركي المهزوز ودعم الليرة التركية المتهاوية. أن فتح الجبهة التركية ستكون ضربة مؤلمة لإيران ومليشياتها وستقلب هذه الجبهة المعادلات الإقليمية لأنها ستكون الجبهة الاوسع والأكثر تأثيراً على سير العمليات.

أن الحسابات الإيرانية بأن الضربات المعادية ستأتيها فقط من البحر والجو حسابات خاطئة لأنها لم تحسب حساب المواجهة من البر التركي المباشر، ولو كانت قد حسبت لتركيا الحساب ما كان لإيران ان تدفع بحماس للهجوم على إسرائيل، صحيح أن تنظيم حماس حليفة لإيران ولكن آيدلوجية حماس أخوانية (من الأخوان المسلمين) والكل يعرف بأن الاخوان المسلمين تحت الرعاية التركية، تركيا تخلت عن حماس نهائياً بسبب إرتماءها بأحضان إيران، لذلك سترحب تركيا بأن تقوم إسرائيل بالقضاء على حماس عقاباً لها بسبب ولاءها لإيران. أما روسيا فإنها تبقى تترقب من بعيد وتمني النفس أن تبتعد تركيا عن حلف الشمال الاطلسي (الناتو) لتتخلص من كابوس حلف الناتو الذي يحيط بها، لكن حسابات الواقع تبين أن السياسة البراغماتية للرئيس التركي ستميل بلا أدنى شك لصالح الولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو، بذلك ستكون الجبهات التي وعدت بها إيران لإسرائيل وصدعت بها رؤوس الناس والعالم ستتحول الى جبهات معاكسة وستكون المعركة مهلكة لإيران ومليشياتها.

في حرب احتلال العراق عام 2003 م أعلنت تركيا حينها بإنها لن تسمح بأستخدام أراضيها من جانب حلف الناتو لشن الهجمات على العراق ولكن بنفس الوقت فتحت القواعد العسكرية الجوية التركية لحلف الناتو وحشدت الالاف من جيوشها على الحدود العراقية للتدخل في حالة طلب الحلف ذلك فهي قد خدعت العرب ودول الجوار وحتى الداخل التركي بموقفها الإعلامي المحايد الكاذب وخدمت الحلف كعضو اساسي في الحلف وعملت بما عليها تقديمه من واجب. وبنفس الطريقة ستخدع تركيا الحالية إيران ودول المنطقة، فهي سياسة أردوغانية معروفة للقاصي والداني. سوريا ستكون الخاسر الأكبر عند توسع الحرب، سوريا ستعاني التقسيم بشكل مؤكد إذا سارت الامور بهذا السيناريو، وإسرائيل ستكون الرابح الأكبر خاصة عندما تقوم بضم أجزاء جديدة من الاراضي السورية واللبنانية الى إسرائيل.

كل التوقعات والمؤشرات تسير بأتجاه توسع الحرب لا محالة. أما إذا قررت إيران العكس تماماً وفاجأت العالم بأنها غير معترضة عن تدمير غزة وإنها لا تريد توسع الحرب وقبلت على مضض إستئصال حماس وعدم التدخل، فإنها سترضى بزوال حزب الله لاحقاً، لأن إسرائيل سوف لن تسمح ببقاء حزب الله بهذه القوة العسكرية الضخمة على حدودها وستعمل على فتح جبهة الجنوب اللبناني بعد القضاء على حركات المقاومة الإسلامية الفلسطينية وبنفس الطريقة ستقضي إسرائيل على حزب الله، ثم سترضى إيران أيضاً بالقضاء على جميع المليشيات التابعة لها تباعاً. فهل ستختار إيران سيناريو الانتحار بالتدخل في الحرب الدائرة على أرض غزة أم أنها ستختار سيناريو السكوت وتجرع السم وذلك بعدم التدخل بالحرب؟