بالفعل ما أوقح العرب...
ما أوقح العرب! يجترحون الخطايا لا بكونهم القاتل بل المقتول!
لا بكونهم المُغتَصِب بل ضحايا الاغتصاب!
... بالفعل لم أرَ أوقح من العرب!

يدفعون بالمجرم إلى جريمته دفعًا! فهو المجرمُ الذي يأبى الاعتداء، ويأبى الاغتصاب، ويأبى القتل لا سيما قتل النساء والأطفال... ولكن، ماذا يفعل بالعرب وهم يدفعونه دفعًا إلى سبي نسائهم، وقتل أطفالهم، واغتصاب أرضهم؟!
...بالفعل لم أرَ أوقح من العرب!

يدفعون بالزين إلى الشين دفعًا! يجرونه إلى الرذيلة وهو القائل إنَّه ضد الرذيلة يملك الحصن الأمنع... لكنًّ العرب – وما أوقح العرب – أدخلوا الرذيلة حصنه المنيع، بعد أن علّموها الرقص والغناء، لتكسب قلب الزين المبجّل الذي لم يسكب الحب فيه خمره يومًا... أدخلوا الرذيلة حصنه، فتعلّم الرياء وهو المؤمن بـالـ"لا" "لا تكذب... لا تسرق... لا تزني..." لكن العرب – وما أوقح العرب ـ جعلوا الرذيلة تثنيه عن جميل خصاله، وتُعبده عن سلام أفعاله!
ما أوقح العرب جعلوه يكذب، ويزني، ويسرق، ويغتصب، ويعتدي... وقبل العرب كان هو الملاك...

هو قبل العرب – وما أوقح العرب ـ لم يصلب المسيح، ولم يحمّله الصليب على درب الجلجلة... لأنَّ العرب – وما أوقح العرب – بما اِجترحوه من خطايا لا بكونهم القاتل بل المقتول – سلّموا المسيح إلى الرومان، وجعلوه يهندس إكليل شوك الغار... ولأن العرب أصحاب كل الخطايا، اختار المسيح أن يحمل الصليب، وأن يسير درب جلجلته الدامي، وأن يُصلب على الصليب... كل هذا فعله العرب! وما أوقح العرب!

هو الزين قبل العرب لم يسأم من انتظار موسى ليعود من الجبل، إذ انتظره ولم يأنف... ولم يسكب ذهب النساء في عجلٍ إله... بل انتظر عودة موسى بحِلمٍ لم يعرفه أيوب حتى... لكنَّ العرب – وما أوقح العرب – وسوسوا في آذانه، وسكبوا اليأس في صبرِه على عودة موسى، وأقنعوه بصنع تمثال من ذهب، يتألق تحت شعاع الشمس، ويطيب حوله الرقص والدمدمة والهمهمة والتمايل إلى الأمام والخلف... لم يكن القصد إبدال إله موسى بإله صنعه من ذهب، لكنَّ العرب – وما أوقح العرب – استغلوا انشغال إله موسى بتلقينه فن الـ"لا" فتسللوا إلى الأيادي يسلخون عنها أساورها ويسكبونها في قالب عجل لأنَّ العرب – وما أوقح العرب- لا يفرطون بناقة أو جمل!
وهو الزين قبل العرب، وما أوقح العرب!

ما أوقح العرب كيف لا يقبلون بسرقتهم؟ كيف يصرخون من وجعهم؟ كيف يجابهون قاتلهم؟ كيف يدافعون عن أنفسهم؟ كيف يتحدَون من يغتصب نساءهم؟ كيف يصدّون من يُريق دم أطفالهم؟ كيف يرفضون أن يُظلموا؟ كيف يأبون أن يُسجنوا؟
...بالفعل لم أرَ أوقح من العرب!

لماذا لا تقبلون بأنَّ حياتكم بلا قيمة؟ وأن دماءكم أرخص من مياه؟ وأنَّ الإنسانية عليكم محرّمة؟ وأنَّ طفولتكم أهداف رماية؟ وأنَّ بيوتكم حلال لغيركم؟ وأنَّ خيركم شرّ عليكم؟ وأنَّ أنعامكم ليست لكم؟ وأنَّ لا حقَّ لكم بالحياة؟ وأن لا منفعة لكم بالكرامة؟ وأنَّ وطنكم عالم افتراضي؟ وأنَّ فلاحَكم حلال على ظالمكم؟ وأنَّ استمراريتكم محض أوهام؟
لماذا لا تقبلون بالواقع الذي رسمه الزين لكم؟ فتنتحرون قبل أن تولدوا، وتهدونه أرضكم، وأعراضكم، وأطفالكم، وتاريخكم، ووجودكم،

وإرثكم، ودور عباداتكم، وترفعون عن ذمته ذنب قتلكم، وسبيكم، وسرقتكم، واغتصابكم، وإخراجكم من أرضكم؟؟؟
بالفعل... ما أوقح العرب، يدفعون بالمجرم إلى جريمته دفعًا!
مرضى نفسيون أنتم! إذ يطيب لكم أن تروا أراضيكم تُحرق وتُنهب، وبيوتكم تُهدم وتُهدّ، ونساءكم تُسبى، وأطفالكم تُقتل... بالفعل، ما أوقح العرب!

ما أوقح العرب... كلا، بل ما أجمل العرب!
عربٌ لا تُزهر دماؤهم إلاَّ الأبطال، ولا تُنجب نساؤهم إلاَّ الفرسان، ولا ترتفعُ بيوتهم إلاَّ كقلاعٍ ترتفع عالية في السماء ولو دُكَّت كل اليوم بوابل عواصف من نيران...

ما أجمل العرب! ما أجملهم بالأخضر ينبتون الأرض بساتين الحياة... ما أجملهم بالأحمر يحضنون السماء باقات من الورد... وما أجملهم بالأسود يرسمون الليل قرابين نجوم وضياء سماك... وما أجملهم بالأبيض الفيصل القاطع البتّار يسطرون للإلياذة الطريق، و يسطرون للحق السبيل، و يسطرون للإنسانية مجدها التليد...
ما أوقح العرب؟!... كلا وكلا وكلا

بل ما أوقح القاتل الذي يدّعي الفضيلة، والسارق الذي يدّعي بالوصيّة، والمغتصب الذي يدّعي بأنَّه الضحية... ما أوقح القاتل، ومحامي القاتل، وما أوقح من يُحِّمل العرب ذنب الجريمة لأنّهم هم المقتول!

ما أوقح العرب؟! كلا وكلا وكلا
بل ما أحقَّ العرب، وما أجمل ما ينشدون من إنسان، وما أسمى ما يسطرون من أيام، وما أبدعَ ما يصونون من وطن!