في مثل هذه الأيام من العام الماضي، وتحديداً في 22 نوفمبر 2022 تمكن المنتخب السعودي من تحقيق أحد أكثر الانتصارات أهمية في تاريخ المشاركات العربية والخليجية بالمونديال، حينما تفوق على نظيره الأرجنتيني المتوج لاحقاً بلقب المونديال في البطولة ذاتها التي أقيمت في قطر.

البريق الكروي للفوز التاريخي يمكن الحديث عنه بتفاصيل لا نهاية لها، والمجد الرياضي المترتب على قهر بطل العالم سوف يذكره التاريخ في كل مناسبة مونديالية، بل في كل نقاش يتناول مقدرة شبابنا أن يصبحوا شركاء في المشهد العالمي لا مجرد متفرجين تعلو وجوههم علامات الدهشة بما يفعله "الآخر".

هناك جانب لم يتناوله أي من المراقبين للمشهد السعودي على اتساعه بقوته الناعمة الهائلة التي ترافق المشروع التنموي والحضاري الأكبر في منطقتنا.

هذا الجانب يتعلق بأهمية الفوز السعودي على الأرجنتين كرسالة للداخل السعودي وللمحيط الخليجي والعربي بل والعالمي بأن القوة الرياضية الناعمة في السعودية لا تقوم على القدرات المالية فحسب، بل تنطلق كذلك من سواعد وعقول سعودية، وهي قوة تستدعي العالم لكي تشاركه التجربة لا لتكتفي بمقعد "المتفرج".

المال جلب رونالدو ونيمار وبنزيمة بل وكان سبباً في قدوم نجوم لم يتجاوزهم قطار النجومية في أوروبا، وهذه حقيقة يراها من لم يتعمق في فلسفة القوة الناعمة الرياضية للسعودية.

والحقيقة أن المملكة تمتلك قاعدة ممارسة رياضية وكروية تجعلها حاضرة قارياً وعالمياً.

كما أن المجتمع السعودي "مجتمع شاب" وفقاً للإحصائيات التي تقول إن 51% شباب أقل من 30 عاماً.

وهذه المعادلة تعني أن قاعدة الجماهير والمتفاعلين مع المشروع الرياضي السعودي الناعم في الداخل هدف في حد ذاته، فهؤلاء سوف يتشبعون بحلم العالمية ويكسرون حواجزها اليوم وغداً.

دوري كرة القدم السعودي والفعاليات الرياضية العالمية التي تقام بوتيرة منتظمة في السعودية خلال السنوات الأخيرة تأثيرها لا يقدر بثمن، فهي الباب الناعم الذي يرى العالم من خلفه مشروعاً تنموياً هائلاً، ولن يكون سهلاً أن يفهم العالم شعار وحقيقة "الرجال قبل الريال".