ما يجري في قطاع غزة خصوصاً وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، لا مثيل له على مستوى المجتمع الدولي والتاريخ المعاصر، وهو أكثر فظاعة مما حدث في الحرب العالمية الثانية، إذ أن حجم الدمار والقتل في بقعة جغرافية صغيرة يؤكد على العقلية الصهيونية الاستعمارية المغتصبة للحقوق الفلسطينية والتي تمارس أبشع أنواع القمع بحق الشعب الفلسطيني، فيما جميع ممارسات جيش الاحتلال عديمة الأخلاق ولا تمت للمفاهيم الأخلاقية والإنسانية بصلة، وبات استمرارها يشكل عاراً على العالم أجمع.

ما من شكّ في أنَّ الهجمات الإسرائيلية التصعيدية على رفح منذ مطلع الأسبوع الماضي، باتت تشكل تحدياً لمناشدات المجتمع الدولي بالإحجام عن هذه الخطوة، خاصة في ظل الكثافة السكانية العالية في رفح نتيجة التهجير القسري للفلسطينيين، في ظل عدم امتثال إسرائيل، قوة الاحتلال، الصارم بمسؤولياتها بموجب القانون الدولي، لا سيما القانون الدولي الإنساني.

تطورات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تدفع الجميع الى ضرورة تحمل المسؤولية والعمل على تعزيز سبل التحرك العربي في كافة المحافل الدولية لدعم القضية الفلسطينية، بما في ذلك حشد التأييد الدولي للاعتراف بدولة فلسطين ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. ويجب العمل على الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني الأعزل.

احتلال الجيش الإسرائيلي للمعبر، المنفذ الوحيد إلى قطاع غزة، هو السبب الرئيسي في عدم القدرة على إدخال المساعدات الإنسانية، الأمر الذي تسبب بتعطيل وصول المساعدات الإغاثية والطبية إلى شعبنا الفلسطيني، إضافة إلى توقف خروج الجرحى لتلقي العلاج في الخارج. واستمرار إغلاق المعبر ينذر بكارثة إنسانية، وتفاقم لحالة المجاعة في جميع أنحاء القطاع المحاصر، والذي يتحمل الاحتلال المجرم الذي يمعن في جريمة الإبادة وحرب التجويع والتطهير العرقي المسؤولية الكاملة عنها.

إقرأ أيضاً: جرائم الحرب وتصدير الأسلحة للاحتلال

إغلاق قوات الاحتلال لمعبر رفح، أغلق شريان الحياة لإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني المحاصر والذي يعاني من انعدام حاد في الأمن الغذائي وانتشار المجاعة والأمراض، وأمام ذلك لا بد من الضغط على الاحتلال لضرورة أن تقوم إسرائيل بفتح كافة المعابر بشكل كامل وفوري والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بما يتناسب مع حجم الاحتياجات على الأرض.

المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها مطالبة بالتحرك العاجل لوقف هذه الكارثة الإنسانية في ظل تصاعد الهجوم البربري الإجرامي على رفح، ويجب اتخاذ ما يلزم من إجراءات تجبر جيش الاحتلال الفاشي على وقف عدوانه، والانسحاب من المعبر وإعادة فتحه، وتسهيل وصول الإمدادات الإنسانية الإغاثية والطبية الطارئة لشعبنا المحاصر.

إقرأ أيضاً: انعدام مصادر الدخل وتدهور الوضع الإنساني في غزة

وفي ضوء تطورات العدوان وحرب الإبادة المتصاعدة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة، يجب مواصلة العمل داخل مجلس الأمن من خلال العضو العربي فيه، دولة الجزائر، لحث المجلس على الاضطلاع بمسؤولياته في صون السلم والأمن الدوليين، ووضع حد للأعمال التصعيدية ضد الشعب الفلسطيني، وضمان تنفيذ قراراته ذات الصلة، وآخرها 2728 و2712 و2720.

ويجب تعزيز دور المحكمة الجنائية الدولية ومواجهة الحملة الممنهجة والتهديدات الصارخة الموجهة ضدها في ضوء التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجرائم المرتكبة على أراضي دولة فلسطين، بما يشمل الحرب على غزة، وضرورة أن تفي المحكمة بولايتها في تحقيق العدالة والمساءلة عن الجرائم الدولية الخطيرة دون ازدواجية في المعايير، والعمل على احترام استقلال المحكمة، من أجل تعزيز سيادة القانون على المستوى الدولي.