في ضوء تسارع واضح المعالم، والمساعي الجدية الجارية من أجل إيجاد صيغة لنهاية الحرب في غزة أو کبح جماحها، لا سيَّما بعد إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن الذي لاقى تجاوباً ملفتاً للنظر فيما يتعلق بمسار جماعي لإنهاء الحرب في غزة، فإنَّ مٶشرات التفاٶل بدأت تزداد أکثر من أي وقت مضى من حيث دفع هذه الحرب باتجاه نهاية أو على الأقل صيغة حل لها.

الصيغة الأميرکية کما أعلن عنها بايدن، يبدو واضحاً بأنها تلقي الکرة داخل البيت الفلسطيني، بل وحتى في غزة نفسها، بحيث تضع معظم الأطراف أمام طريق أو مسار لا عودة منه.

وهذا يعني أنَّ الأطراف المتحالفة والمتعاونة مع النظام الإيراني ستصبح أمام ما يمکن وصفه خيار إعلان الموافقة المبدئية على الصعيد الدولي مع سلوك نهج أو أسلوب آخر مع الأطراف الأخرى لحسم الوضع والموقف على الأرض لصالحها، وهذا ما قد يکون على الأرجح الخيار الذي ستوحي به طهران لحلفائها في غزة.

لکن، هل يمکن للنظام الإيراني مثلاً، أن يقوم عن طريق حلفائه بخلق معوقات أمام مشروع بايدن وتغييره باتجاه يحفظ له شيئاً من ماء الوجه أو على الأقل يبقيه في الصورة ولو بلون باهت؟

في الحقيقة، لا يبدو حلفاء طهران، بعد کل هذه الأشهر من الحرب المرهقة بما فيه الکفاية، في وضع يمکنهم القيام بهکذا مهمة صعبة في ضوء الأوضاع الراهنة.

إقرأ أيضاً: ماذا قصفت إسرائيل داخل إيران؟

أمَّا أن تبادر طهران، بهدف المراوغة والمناورة وممارسة الضغط، إلى جر إدارة بايدن إلى أزمة نوعية أخرى تشعلها بصورة دراماتيکية، فذلك ليس بالأمر السهل أو الممکن، لاسيما أن اللعب بات على المکشوف على أثر المواجهة المباشرة بين إسرائيل والنظام الإيراني خلال الفترات الأخيرة.

هذا الوضع يعني أنَّ النظام الايراني شاء أم أبى، يدق طبول الحرب من جديد، ويطالب بأن يتواجد في قلب الصورة کما يريد هو وليس کما يريد الآخرون لعب دوره المعهود، في ظل وضع تكون فيه جميع الأطراف الدولية تعمل من أجل إيجاد نهاية للحرب في غزة.

إقرأ أيضاً: التعازي في وفاة رئيسي تقابل بازدراء عالمي

بعد حادثة مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسین أمیر عبد اللهیان، وکانا يشکلان كثنائي فريق عمل مفيد للنظام الإيراني في سبيل إبقائه متصدراً لمشهد الأحداث والتطورات الجارية في غزة، من الصعب الآن على النظام الإيراني أن يستمر على ذات المنوال، لا سيما أن إعلان بايدن الأخير كان بمثابة حصان طروادة تتواجد فيه کل الأطراف المعنية بالحرب في غزة ما عدا النظام الإيراني. وفي ذلك أکثر من عبرة ومن معنى!