لم يفلح مركز "الوسطية" الكويتي التابع لوزارة الأوقاف منذ التأسيس في تحقيق الاعتدال الديني وترسيخه ثقافياً واجتماعياً والتصدي للغلو والإرهاب الفكري ومواجهة الجماعات الدينية المتشددة والجهادية والموالين والملقنين المتوارين للتطرف والتزمت الديني ضد الدولة المدنية.
نزفت الكويت أموالاً طائلة على مركز "الوسطية" بحجج شتى وتحت غطاء مؤتمرات دولية، ومنها في العاصمة البريطانية لندن، وبهندسة مستشار سوداني من فلول جماعة دينية مسيّسة دون فائدة فكرية في نشر ثقافة التسامح في الكويت وخارجها ودعم الحوار بين الأديان دولياً.
لجأ مدير مركز "الوسطية" التابع لوزارة الأوقاف د. عبدالله الشريكة لأسلوب التهويل والتبرير اللغوي لإخفاق مركز "الوسطية" الكويتي عبر منصة "إكس" في شهر أيار (مايو) بالاستغاثة بالقيادة السياسية لتبرير فشل "الوسطية" بحسب رأي شخص غير محايد ودون الاعتراف بمصادر الفشل والانحراف وتاريخه.
ذكر مدير "الوسطية": "نحن نعاني من عرقلة عملنا في بعض القطاعات والإدارات المعنية مع الأسف وبشكل كبير وسنرفع ذلك إلى ولاة الأمر بعون الله وكثير من الوزراء الأوقاف السابقين ليس عندهم إلا التصريحات وهم غير جادين في محاربة التطرف ولا في نشر الوسطية ومثلهم بعض القياديين".
لا أتصور أن مركز "الوسطية" المثقل بالأحلام والأوهام يجهل ما نشر في الكويت من معلومات وقراءات رقابية عن فشل مركز "الوسطية" والاهداف المزعومة قبل وبعد تسلم السيد الشريكة للمركز، ونلتمس العذر للانحياز والتناقض فقد تكون الانتقائية الوظيفية السبب وراء ذلك.
سأكتفي في عرض بعض المحطات الرسمية لمركز "الوسطية" بشأن التناقض الإعلامي والمهني والمبالغة اللغوية في تبني الرأي القاطع لعمل وبرامج المركز وإنجازاته المزعومة لعلها تساعد على قراءة موجزة للغة التهويل والتبرير التي انتهجها مدير مركز "الوسطية" وظيفياً وإعلامياً.
برنامج "تحصين" لمركز "الوسطية" فشل في تقديم معالجة فكرية وثقافية للمجتمع الكويتي وخاصة الشباب لإنقاذهم من فخ التضليل لتنظيم "داعش" الإرهابي وغيره من "تنظيمات منحرفة" ولعل تباكي د. الشريكة مؤخراً على مجموعة شباب كويتيين متهمين بالانتماء لمنظمة إرهابية يؤكد الفشل.
سعى مركز "الوسطية" إلى اختلاق "الإنجازات" للمركز وصناعة الجزم القاطع عن "خلو الكويت" من المتطرفين وجماهير التنظيمات الإرهابية وتفوق برنامج "تحصين" المزعوم دون الامتثال لقواعد العمل والتعاون المدني المشترك والاهتمام المهني في صياغة تكوين ثقافي وفكري في المجتمع ضد التطرف الديني.
في 9 آذار (مارس) 2019، لجأ مدير "الوسطية" إلى الرأي الرسمي القاطع بشأن عدم وجود متطرفين في الكويت بناء على "عدم تلقي المركز لأي بلاغات من الأهالي عن أبنائهم" في حين يستنجد سياسياً في العام 2024 في "محاربة" التطرف في الكويت!
في 12 كانون الأول (ديسمبر) 2017، أعلن مدير مركز "الوسطية" عن "عدم تسجيل أي حالة تطرف فكري أو مشاركة في ساحات القتال" تعبيراً عن "شفافية إعلامية" في حين أعلنت وزارة الداخلية في 9 كانون الثاني (يناير) 2018 إحالة "ملفات عشرات من الأشخاص الذين غادروا منذ أكثر من 6 شهور وتورطوا بالإرهاب".
في 18 كانون الثاني (يناير) 2018، صدر حكم محكمة الجنايات بحبس 19 موطناً غيابياً لمدة 10 سنوات مع الشغل والنفاذ في حين يسبح مركز "الوسطية" الكويتية في بحر التناقضات وأوهام نبذ الغلو والتطرف وزف تباشير واهمة عن "خلو الساحة من التطرف والإرهاب".
في 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2017، أعلن مدير مركز "الوسطية" عن رأيه الرسمي بأن "التطرف العنيف غير موجود بالبلاد" في حين يعترف ذات الشخص في أيار (مايو) 2024 في "التطرف" وعدم جدية وزراء الأوقاف السابقين في "محاربة" التطرف!
"التطرف العنيف" والإرهاب الفكري وجهان لعملة واحدة ذات منهج غير مختلف عن غايات التنظيمات الإرهابية وأهدافها المتطرفة وأي حديث واهم بالصواب في التعبير والتوصيف لا يستحق المناقشة، فثقافة ولغة القوة الناعمة لا تعرف التطرف الناعم وفهلوة الاستغاثة اللغوية.
لعل الاستغاثة بالقيادة السياسية لمدير مركز "الوسطية" تساعد الحكومة في تنفيذ عملية مراجعة شاملة ودقيقة للعمل والخطاب الديني وبرنامج "المناصحة" وغيره وإنقاذ الدولة والمجتمع من المحاصصة الدينية على حساب مصالح الدولة المدنية.
تمدد التيارات الدينية المتشددة والمسيّسة في الكويت وفوضى إنفاذ الفتاوى بإدارة شؤون البلد ليست تطورات حديثة، فالحكومة سلمت رقاب المواطنين والمستقبل لأحزاب الإسلام السياسي والجهادي أيضاً، الذين نبذتهم كل البلدان فاحتضنتهم الكويت من دون إدراك خطورة ذلك على المجتمع والدولة.
الكويت... دولة ديمقراطية مدنية وليست دكتاتورية أصولية تتحكم بها القوى الأصولية حتى لو كانت أكثرية طارئة والأمل السياسي يتجدد في جراحة هيكلية لوزارة الأوقاف ومؤسساتها وفي مقدمتها مركز "الوسطية"... مركز التطرف الناعم!
التعليقات