من البديهي القول إنَّ الحرب التي تخوضها إسرائيل اليوم تختلف عن كل الحروب التي خاضتها منذ إعلان قيامها في 14 أيار (مايو) عام 1948، فهي حرب طويلة، مستمرة، وممتدة، وعدد ضحاياها غير مسبوق أيضًا.
هناك ظاهرة رافقت هذه الحرب منذ بداياتها وحتى الآن، وهي حرب إسقاط القيادات. ولعل هذا ما سوف يميز هذه الحرب مستقبلاً! فعلى سبيل الذكر لا الحصر، اغتالت إسرائيل القيادي صالح العاروري في بيروت، في 2 كانون الثاني (يناير) 2024، وهو نائب رئيس حركة حماس وقائد الحركة في الضفة الغربية.
في خضم هذه الحرب، والتي يشارك فيها المحور الإيراني بكل أذرعه، وفي 19 أيار (مايو) 2024، قُتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان في حادث تحطم طائرة في إيران، في ظروف غامضة لم تُكشف ملابساتها بشكل واضح حتى الآن.
ثم في إيران أيضًا، أُعلن عن اغتيال إسماعيل هنية، رئيس حركة حماس، في 31 تموز (يوليو) 2024.
ثم أخذت الأحداث منحى تصاعديًا بإعلان إسرائيل تصفيتها أهم حليف استراتيجي لإيران في المنطقة، وهو حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، حيث أُعلن عن مقتله في الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 أيلول (سبتمبر) 2024.
إقرأ أيضاً: الضربة المرتقبة ضد طهران
وفي يوم الجمعة 18 تشرين الأول (أكتوبر)، نعت حركة حماس، في بيان رسمي لها، رئيس مكتبها السياسي، يحيى السنوار، مهندس عملية السابع من تشرين الأول (أكتوبر) ضد إسرائيل. وفي اليوم التالي، في 19 تشرين الأول (أكتوبر)، نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤول رفيع في الحكومة الإسرائيلية قوله إن "إيران حاولت اغتيال رئيس وزراء إسرائيل"؛ حيث استُهدف منزله بطائرة مسيّرة، لكنه نجا منها!
كانت الحرب العالمية الأولى حربًا هائلة سُميت بالحرب العظمى، وأيضًا الحرب التي سوف تنهي كل الحروب. سقطت فيها إمبراطوريات، ونشأت أخرى. إلا أن ظاهرة أخرى رافقت هذه الحرب منذ بدايتها، وهي حرب الخنادق، حتى غدت رمزًا شهيرًا لتلك الحرب.
إقرأ أيضاً: خلفاء رئيسي المحتملين
في الحرب العالمية الثانية، استطاعت الإستراتيجيات العسكرية الجديدة تجاوز معضلة الخنادق، وسقطت دول وجمهوريات في غضون أسابيع. إلا أنَّ معضلة جديدة ظهرت، وغدت سمة بارزة لتلك الحرب، وهي حرب المدن. التحمت الجيوش المتصارعة داخل المدن وبين المدنيين، وذاق المدنيون الأمرّين جراء الاستراتيجيات الجديدة، وغدت حرب المدن ومعركة مدينة ستالينغراد رموزًا شهيرة لتلك المعارك الفظيعة.
اليوم، الجميع يترقب الحرب في الشرق الأوسط. فقد تنتهي عند الحدود التي وصلت إليها ليعقبها صيغة سياسية مقبولة من جميع الأطراف، وقد تخرج عن السيطرة لحرب إقليمية أوسع وأشمل تسقط فيها المزيد من القيادات والمزيد من الأراضي أيضًا. إلا أنَّ حرب إسقاط القيادات تبقى من العلامات الأبرز لهذه الحرب حتى الآن.
التعليقات