لقد مضى على الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من سنة ونصف، والمقاومة الفلسطينيّة في القطاع على أحسن حال، فهي لا تزال تكبد الكيان خسائر فادحة في أرواح جنوده، كما أصبحت تقود المعركة بأسلوب جديد عجز العدوّ عن فكّ رموزه. فمن حين لآخر نسمع عن تفجير دبابات القوات الصهيونية المتوغلة في مناطق مختلفة من غزة، في شمالها وجنوبها وشرقها وغربها. بالإضافة إلى تفخيخ البيوت، ما يؤدّي إلى قتل وجرح الجنود، وذلك باعتراف من الكيان...

فالدعم الأميركي ومعظم البلدان الأوروبية هو ما شجّع إسرائيل على الاستمرار في حربها الشعواء على المدنيّين الأبرياء العزّل. لم يُثنِ هذا الدعم العسكري واللوجستي اللامحدود المقاومة الباسلة عن إيلام الكيان وتلقينه دروساً لن ينساها أبداً.

كانت حماس فيما قبل تعقد أملها في أن تضغط الدول العربيّة الوسيطة في اتجاه وقف إطلاق النار والسماح بدخول مساعدات إنسانية إلى غزة لإنقاذ أرواح الآلاف من الأهالي الذين يفتقدون إلى أبسط وسائل الحياة. ولكن، للأسف، لم تقوَ هذه الدول على اتخاذ أي قرار في هذا الشأن، لكونها عاجزة عن مواجهة الولايات المتحدة الأميركية التي أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لاستكمال إبادتها الجماعيّة للمواطنين في غزة.

أمام الدعم الأميركي والأوروبي الكامل لإسرائيل لفعل ما تريد بالشعب الفلسطيني، وأمام الصمت الرهيب للأمة العربيّة والإسلامية، عزمت حماس على التحدّي وعدم التعويل على أيّ طرف للضغط على إسرائيل من أجل وقف إبادتها الجماعيّة للشعب الفلسطيني. عزمت على مواصلة الدفاع عن أرضها بكل ما تملك من قوة.

لقد فقدت حماس كل الثقة في الدول العربيّة والإسلامية، ولم تَعُدْ تنتظر لا من أميركا ولا من الدول الأوروبية العمل على إجبار إسرائيل على وقْف عدوانها على الشعب الفلسطيني، لذلك شمّرت على ساعد الجدّ لدحر العدوّ وإرغامه على قَبول مطالبها في إنهاء الحرب وسحب قواته من القطاع والسماح بإدخال المُساعدات الإنسانيّة إلى الشعب الفلسطيني.

أمام إصرار إسرائيل على توسيع نطاق الحرب في القطاع وتهجير أهاليه، ظهرت أصوات داخل الكيان تدعو إلى وقف الحرب والعمل على إجراء مفاوضات جديدة لإطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى حماس.

وأمام فشل القوات الإسرائيلية في تحقيق أهدافها في غزة، عزم الرئيس الأميركي على القيام بزيارة للشرق الأوسط، تضمّ المملكة السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة. يبحث، بالدرجة الأولى أثناء هذه الزيارة، الحرب في غزة التي يرى، فيما يبدو، أنّ الحل السياسيّ هو السبيل الوحيد لإنقاذ إسرائيل من وَحل غزة.