يعاني الشعب الإيراني منذ عقود تحت وطأة أنظمة استبدادية، بدءًا من الدكتاتورية الشاهنشاهية، التي فرضها الغرب لحماية مصالحه وصولًا إلى نظام الملالي الذي استمر بدعم غربي مماثل... هذه الأنظمة التي تجاهلت إرادة الشعب الإيراني أججت السخط الشعبي وأثارت نفور شعوب المنطقة من سياسات تفتقر إلى الرشد والعدالة وتستخف بالقيم الإنسانية، واليوم يواصل الشعب الإيراني نضاله من أجل الحرية والديمقراطية رافضًا الخضوع للظلم متمسكًا بحقه في تقرير مصيره.
انتفاضة الشعب الإيراني
تتجلى إرادة الشعب الإيراني في انتفاضاته المتواصلة ضد نظام الملالي بهدف إسقاطه وإقامة نظام ديمقراطي وطني يضمن السلام والعيش الكريم. في خطابها أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بتاريخ 18 حزيران (يونيو) 2025 قدمت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية رؤية واضحة لمستقبل إيران مؤكدة أن "إيران على أعتاب تحول تاريخي حيث اجتاحت أزمة سقوط النظام الديني أركان الحكم"، وأشارت إلى أن الشعب الإيراني "أكثر تمسكًا اليوم بالتغيير من أي وقت مضى".
في رسالتها إلى المتظاهرين في برلين وستوكهولم أكدت رجوي التالي: "كلامنا واضح: يجب الاعتراف بالمقاومة التحررية لشعب إيران.. نقول: لا للمساومة والإبقاء على نظام الملالي، ولا للحرب، بل الحل الثالث: التغيير على يد الشعب والمقاومة الإيرانية"، وأضافت أن "شرط السلام والأمن في المنطقة هو تغيير النظام" مشيرة إلى أن المقاومة الإيرانية التي دفعت ثمنًا باهظًا على مدى 44 عامًا هي "أكبر وأطول وأعقد المقاومات المنظمة في تاريخ إيران"، تحت شعار "لا لنظام الشاه ولا لنظام ولاية الفقيه".
المقاومة الإيرانية: رؤية وتضحيات
تسعى المقاومة الإيرانية بقيادة رجوي إلى إقامة جمهورية ديمقراطية تقوم على فصل الدين عن الدولة، المساواة بين الجنسين، احترام حقوق القوميات والأقليات، استقلال القضاء، إلغاء عقوبة الإعدام، والتعددية السياسية، مع التزام بأن تكون إيران خالية من السلاح النووي، وأكدت رجوي: "التغيير والثورة أمر لا يمكن لأحد أن يوقفه، وثورة الشعب الإيراني الديمقراطية ستنتصر".. وهذه الرؤية تجسدت في برنامج المواد العشر الذي يمثل خارطة طريق لإيران حرة.
على الأرض نفذت وحدات المقاومة أكثر من 3000 عملية احتجاج خلال العام الماضي؛ فيما وصل عدد الإعدامات إلى أكثر من 1350 حالة منذ آب (أغسطس) 2024، وهو أعلى معدل عالميًا، وقد وصفت رجوي هذه الاحتجاجات بأنها "لا مثيل لها في العالم من حيث الانتشار والاستمرارية".
دور الغرب وسياسة الاسترضاء
استمد نظام الملالي قوته من دعم الغرب الذي لم يكتفِ بمهادنة النظام، بل قيد المقاومة الإيرانية لضمان استمراره، وقد مكن هذا الدعم النظام من قمع الشعب الإيراني وتهديد استقرار المنطقة، وأشارت رجوي إلى الحرب الإقليمية التي اندلعت في 13 حزيران (يونيو) 2025 قائلة: "نهج الاسترضاء هو الذي فرض الحرب، والحل الحقيقي هو تغيير النظام بيد الشعب والمقاومة المنظمة"، ودعت المجتمع الدولي إلى الاعتراف بالمقاومة مشبّهة نضالها بمقاومة الأوروبيين للفاشية الدينية.
التعليقات