مع حلول نهاية الأسبوع الأول من الضربة الإسرائيلية التي استهدفت منشآت إيرانية، تتضح ملامح فشل تل أبيب في تحقيق الأهداف التي روجت لها بداية التصعيد، وعلى رأسها القضاء على البرنامج النووي الإيراني الذي تعتبره تهديداً وجودياً لأمنها القومي. هذا الهجوم الذي اعتُبر مفاجئًا في توقيته وتداعياته، رجّح مراقبون أنه لم يكن ليتم دون تنسيق مسبق أو على الأقل موافقة ضمنية من الولايات المتحدة، الشريك الاستراتيجي الأبرز لإسرائيل.

أهداف معلنة ونتائج متواضعة
أعلنت إسرائيل أن هدفها من الضربة هو تحجيم، وربما إنهاء، المشروع النووي الإيراني، عبر توجيه ضربات نوعية لما اعتبرته "بنية تحتية نووية وعسكرية تهدد المنطقة". إلا أن النتائج على الأرض كشفت عن محدودية الضربة وعجزها عن إحداث تحول استراتيجي في موازين القوى. فبعد مرور أسبوع على بدء العمليات، لم تُسجَّل إصابات جوهرية في مواقع نووية حساسة، كما أن البرنامج النووي الإيراني لم يتأثر بشكل كبير.

الردّ الإيراني: صواريخ متطورة تكشف هشاشة الدفاعات الإسرائيلية
التحول المفاجئ في سير المواجهة جاء من الجانب الإيراني، حيث أقدمت طهران، في اليومين الأخيرين، على استخدام صواريخ باليستية متطورة وتقنيات هجومية جديدة، فاجأت بها المنظومة الدفاعية الإسرائيلية. بالرغم من التطور التقني لمنظومة القبة الحديدية وأنظمة "حيتس" و"مقلاع داوود"، أظهرت هذه الدفاعات عجزًا واضحًا عن التصدي للعدد والنوع المتطور من الصواريخ التي أطلقتها إيران.

وقد أسفرت هذه الهجمات عن دمار واسع في منشآت إسرائيلية حيوية، شملت مواقع عسكرية واستخباراتية ومراكز قيادة، مما أثار القلق داخل الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية من احتمال تصعيد إيراني أوسع قد يُخرج المواجهة عن سيطرة الطرفين.

أميركا في موقع الحرج
إذا صحّت التقارير التي تشير إلى منح واشنطن الضوء الأخضر للهجوم، فإن الولايات المتحدة تجد نفسها اليوم في موقف محرج. فبدلاً من تحجيم إيران، أدّى التصعيد إلى تقوية موقفها إقليميًا، وإبراز قدرتها على الردع والدفاع، الأمر الذي يضرّ بالمصالح الأميركية في المنطقة ويهدد استقرار الخليج.

سيناريوهات مستقبلية
المرحلة المقبلة قد تشهد واحدة من ثلاث مسارات:

1. التصعيد الشامل: دخول المنطقة في حرب مفتوحة، تشمل حلفاء الطرفين، خصوصًا "حزب الله" وحلفاء طهران في العراق وسوريا.

2. الردع المتبادل: الوصول إلى توازن رعب يُجبر الطرفين على وقف إطلاق النار غير المعلن، مع بقاء التوتر قائمًا.

3. الوساطات الدولية: تدخل فاعل من أطراف دولية كروسيا، الصين، أو الاتحاد الأوروبي، لفرض تهدئة بضمانات متبادلة.

خاتمة
ما بدأ كضربة محدودة في أهدافها، تحوّل إلى اختبار حقيقي لمدى جاهزية إسرائيل، وقدرة إيران على الرد. هذا التصعيد يكشف أن أي مغامرة عسكرية في الشرق الأوسط قد تخرج عن نطاق السيطرة بسرعة، وتعيد رسم خرائط القوى والنفوذ بطريقة لم تكن في حسابات من أطلق شرارة المواجهة.

وإن كان في الصراع رسالة واضحة، فهي أن الحسابات العسكرية التقليدية لم تعد تصلح لفهم توازنات القوى الجديدة في المنطقة.