الاحتلال ارتكب خروقات جسيمة لوقف إطلاق النار في غزة، بالرغم من الاتفاق الذي وقع عليه في شرم الشيخ، في التاسع من الشهر الجاري، واستشهد منذ ذلك الحين عشرات الفلسطينيين. ولا بد من التزام الاحتلال ببنود الاتفاق الذي وقع عليه، ولا يمكن للاحتلال استمرار ارتكاب المجازر المروعة، حيث ارتكب مؤخرًا مجازر في غزة والوسطى وخانيونس ومناطق متفرقة من قطاع غزة، في جريمة تعكس السياسة المنظمة التي ينتهجها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.

تصعيد من قبل قوات الاحتلال واستهداف العائلات الفلسطينية يعد امتدادًا لحرب الإبادة الجماعية وعودة لمخططات الإبادة بذريعة اقتراب المركبات والمواطنين مما يسمى "الخط الأصفر"، مما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ودليلاً جديدًا على استهتار الاحتلال بالقيم الإنسانية وخرق الاتفاقيات وجميع المواثيق الدولية التي تحرم استهداف المدنيين. وهذه الجرائم ليست عملاً معزولًا، بل جزء من نهج مستمر يقوم على القتل والتدمير في ظل تراخٍ دولي واضح عن محاسبة المجرمين ووقف العدوان.

حرب الإبادة الإسرائيلية لم تفرق بين طفل وامرأة وشيخ، وحوّلت قطاع غزة إلى رماد ودمار، وتعمدت سلطات الاحتلال خرق الاتفاق منذ اليوم الأول لسريان وقف إطلاق النار وارتكبت العديد من الجرائم والانتهاكات الجسيمة، وقامت باستهداف المدنيين عمدًا وإطلاق النار عليهم في المناطق المسموح لهم بالتحرك فيها، مما أدى إلى استشهاد 66 فلسطينيًا، إضافة إلى إصابة 132 مواطنًا بجروح متفاوتة، ومن بين الشهداء عائلة أبو شعبان التي أبيدت بالكامل.

تمثل العمليات الإجرامية المتعمدة استمرارًا لسياسة العدوان والإرهاب، ومحاولة لتقويض الاتفاق وإفشاله ميدانيًا، حيث تتجاوز قوات الاحتلال خطوط الانسحاب المتفق عليها، وما زالت تفرض سيطرتها النارية على شريط يمتد على طول خط الانسحاب المؤقت المعروف بالخط الأصفر، بمسافات تتراوح بين 600 إلى 1500 متر جنوبًا وشرقًا وشمالًا من قطاع غزة، مانعة المواطنين من العودة إلى أماكن سكناهم، ويتم ذلك عبر إطلاق القذائف المدفعية، واستخدام طائرات الكوادكابتر، وإطلاق النار من الآليات العسكرية. وتبلغ مساحة المنطقة المستهدفة 45 كيلومترًا مربعًا، ما يشكل خرقًا فاضحًا لخط الانسحاب المؤقت، مع استمرار توغل الآليات العسكرية داخل هذا الشريط.

وينص الاتفاق على إدخال المساعدات الإنسانية والغذائية بكميات كبيرة وكافية وفق تفاهم 19 كانون الثاني (يناير) 2025، غير أن قوات الاحتلال لم تلتزم بما نص عليه الاتفاق، واتخذت إجراءات مخالفة، كما منعت إدخال العديد من الأصناف الأساسية مثل اللحوم والبيض والدجاج والمواشي الحية، فضلًا عن إدخال كميات محدودة جدًا من الوقود وغاز الطهي، إذ لم يُسمح سوى بدخول 3 شاحنات غاز و29 شاحنة وقود خلال تسعة أيام، في حين ينص الاتفاق على إدخال 50 شاحنة وقود يوميًا، أي أن ما دخل يشكل بنسبة 7.1 بالمئة مما هو متفق عليه.

حكومة الاحتلال تتحمل المسؤولية الكاملة عن أي تدهور أو انهيار للاتفاق، ويجب على الوسطاء والمجتمع الدولي التدخل العاجل لوقف الممارسات العدوانية وضمان تنفيذ الاتفاق بما يحقق الأمن والاستقرار للشعب الفلسطيني، والتوقف عن ارتكاب الجرائم التي تعتبر جريمة حرب ضد الإنسانية. ويجب على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات فورية لإدخال قوات دولية لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، وعلى الأطراف الدولية والإدارة الأميركية العمل على تثبيت وقف العدوان وتوفير ما يلزم لشعبنا الفلسطيني من مأكل ومأوى وخدمات صحية وعلاجية، والانتصار للعدالة والحق الفلسطيني.