الإدانات وبيانات الشجب والاستنكار العديدة والشديدة الصادرة من العديد من الكتل والأحزاب والشخصيات السياسية في العراق وخارجه، ومواقف الدول الكبرى والأمم المتحدة والمنظمات والهيئات والشخصيات الدولية، للاستهداف الذي تعرض له حقل كورمور لإنتاج الغاز في إقليم كوردستان العراق، رسالة واضحة وموقف واحد لكل الأطراف الفاعلة والمؤثرة في المشهد العراقي بوجوب وضرورة أن يكون هناك عراق قوي يستطيع أن يحفظ أمن وسيادة وحدود أراضيه، كما يؤكد هذا الهجوم أن ضعف العراق ليس في مصلحة أحد، بل يضر الجميع، وهو يؤثر عليهم وعلى وجودهم ومصالحهم الاقتصادية والسياسية والحياتية.

كما أنَّ وجود إقليم كوردستان واستقراره وحفظ أمنه وكيانه الاتحادي (الفيدرالي) وضمان حدوده وسلامة المنشآت الموجودة فيه من حقول نفط وغاز وسدود وبنى تحتية ومصانع وطرق وجسور هي لمصلحة العراق والعراقيين جميعًا قبل أن تكون لمصلحة الإقليم وأهله. لأن استقرار الإقليم هو عامل قوة وضمانة أكيدة لأمن واستقرار العراق، الذي شهد ما شهده خلال السنوات أو العقدين الماضيين بعد عام 2003، والذي أكد للعالم أجمع أن الإقليم هو رئة العراق التي يتنفس منها عندما تضيق به الأحوال، وعندما يتعرض أمنه وأراضيه ومدنه إلى الهجوم أو الاحتلال كما حدث عام 2014 وما أعقبها من سقوط حوالى 1/3 مساحة العراق ونزوح الملايين من أبنائه، والذين كان الإقليم لهم بيتًا ووطنًا قبل أن يكون مكان نزوح أو هجرة.

إنَّ الهجوم على حقول الغاز والنفط والمتكرر منذ سنوات عديدة بالطائرات المسيّرة وغيرها، والتي دائمًا ما ترتبط بظروف وأوضاع سياسية محلية أو إقليمية، والتي ترتبط هذه المرة بمرحلة ما بعد الانتخابات، يجب أن يتصدى لها العقلاء والحكماء من العراقيين الذين عليهم أن يتحرروا من عقدهم وولاءاتهم وارتباطاتهم بمصالح ودول خارج الحدود، وعليهم أن يثبتوا حبهم وانتماءهم للعراق على الأقل من أجل الناخبين الذين انتخبوهم ووضعوا فيهم ثقتهم وأمانتهم.

ضمان خيرات
إن قصف حقول الغاز وتسببه في انقطاع أو قلة تجهيز الكهرباء لملايين العراقيين هو جريمة إرهابية بكل أركانها وظروفها، وهي تتطلب التحرك العاجل والقوي من قبل الحكومة العراقية وحكومة الإقليم من أجل ضمان خيرات وثروات العراقيين، والتي يبدو أن سكان الإقليم من (الكورد والعرب والتركمان والمسيحيين والإيزيديين والصابئة والنازحين والمقيمين فيه من باقي أرجاء العراق) هم أكثر المتضررين وأقل المستفيدين من خيرات العراق.

فالمشكلات الاقتصادية والمالية ما زالت تعصف بالإقليم وأهله، ويعاني موظفوه من تأخر رواتبهم، والتي يستعد موظفو العراق لاستلام راتبهم لشهر 11 تشرين الثاني (نوفمبر)، بينما موظفو الإقليم ما زالوا ينتظرون وصول راتب شهر 9 أيلول (سبتمبر) من بغداد، خاصة بعد أن أوفى الإقليم بكل التزاماته وتم التوقيع على اتفاق بين الحكومتين.

كما أن هناك تمييزًا وتفريقًا واضحًا في الكثير من الأمور والامتيازات التي يتمتع بها العراقيون في الحصول على البطاقة التموينية وحصة النفط والغاز وكذلك سعر البنزين المدعوم من الدولة وقروض مصرف الرافدين والمشاركات داخل وخارج العراق، والتي محروم منها الإقليم. هذا التمييز الواضح والكبير في الأمور المعيشية والضرورية للمواطنين يجب أن يكون له حل، ويجب أن تضع الحكومة العراقية الجديدة حدًا له بحيث يكون العراقيون حقًا وحقيقة متساوين في الحقوق والواجبات كما نص عليه الدستور.

ويكون الإقليم بجميع ألوانه وأطيافه الذين يعيشون بسلام وأمان واطمئنان، من غير تفرقة أو تمييز بين هذا وذاك، عامل قوة وسند ودعم للعراق القوي والإقليم المستقر.