مرت عشرون سنة على إطلاق تلسكوب هابل إلى الفضاء بعد تحقيقه لكشوف علمية مذهلة غيرت فهمنا للكون بشكل جذري.
سمح أول منظار صممه غاليليو في أوائل القرن السابع عشر بتعقب أطوار كوكب الزهرة وتحديد البقع على سطح الشمس واكتشاف أربعة أقمار تدور حول كوكب المشتري وهذه أخذت بعد ذلك اسمه.
لكن لم يكن أي عبقري إيطالي في مجال علم الفضاء من تلك الحقبة قادرا على تصور ما ستأتي به التلسكوبات الحديثة من صور عن الكون . فمنذ إطلاق المكوك الفضائي quot;ديسكوفريquot; (الاكتشاف) يوم 24 نيسان/أبريل 1990 وإبقائه معلقا في الفضاء البعيد، تمكن تلسكوب quot;هابلquot; الخاص بوكالة الطيران الفضاء القومية quot;ناساquot; من التقاط صور جميلة لانفجارات كبرى خاصة بنجوم وقت موتها quot;سوبرنوفاquot; عرضها يبلغ ست سنوات ضوئية (السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها جسم بسرعة الضوء خلال سنة)، إضافة إلى آلاف العناقيد النجمية التي تجمعت مع بعضها البعض بفضل الجاذبية الخاصة بكل منها، جنبا إلى جنب مع مجرات بعيدة جدا عنا وتشبه كثيرا الكائنات القائمة في أعماق البحار، كذلك نقلت لنا الصور ثقوبا سوداء وسحبا متوهجة لغاز الهايدروجين حيث تعوم في مكان ما وسط العتمة.
وتشير صحيفة الاندبندنت اللندنية إلى أن الصور التي بعثها تلسكوب quot;هابلquot; خلال العشرين سنة الأخيرة إلى الارض تجاوزت كل التصورات الخيالية التي صاغتها أفلام الخيال العلمي مثل مسلسل quot;طريق النجومquot;.
ويأتي إطلاق اسم quot;هابلquot; على هذا التلسكوب العملاق تكريمًا لعالم الفضاء الأميركي ادوين هابل الذي توفي عام 1953 أي قبل 37 سنة من تاريخ الإطلاق، مع ذلك فإن اختيار اسمه يكمن في ما قدمه من اكتشاف غيّر فهمنا بشكل جذري عن الكون.
فـquot;هابلquot; لم يبرهن على أن المجرات موجودة في ما وراء حدود طريق التبانة فقط بل ساهم في الحوار العلمي الذي توصل إلى أن المجرات في حركة مستمرة، مبتعدةً عن بعضها البعض. فهو باختصار أظهر أن الكون في طور التوسع الدائم وهي ظاهرة برهن التلسكوب الذي حمل اسمه لاحقا صحتها بشكل عيني وواضح عبر الصور التي التقطها.
وتعود فكرة إطلاق تلسكوب فضائي إلى عالم الفيزياء الفضائية لايمان سبيتزر الذي اقترح الفكرة في عام 1946، ولكن تطلب الامر 40 سنة أخرى للقبول بتنفيذها. مع ذلك فإن أول تلسكوب اطلق عام 1986 تعرض للتدمير بعد تحطم مكوكه الفضائي quot;تشالينجرquot; ما أدى إلى تأخير إطلاقه مرة أخرى أربع سنوات أخرى.
ويعود نجاح التلسكوب quot;هابلquot; في بقائه فترة طويلة في الفضاء إلى الزيارات المنتظمة التي قام بها رجال الفضاء لصيانته. فقد سافرت أربع فرق تضم تقنيين من quot;ساناquot; إلى تلسكوب quot;هابلquot; منذ عام 1993 وكانت أخرى رحلة صيانة له في عام 2009، ومن المتوقع أن يستمر quot;هابلquot; في الخدمة حتى عام 2014 حين يتم استبداله ببديل أكثر تطورًا من الناحية التكنولوجية والذي سيطلق عليه تلسكوب quot;جيمس ويبquot;، حسب صحيفة الإندبندنت.
كان أعظم اكتشاف قدمه تلسكوب هابل هو الثقوب السوداء التي تقع في نواة كل مجرة، وساعدت الحسابات التي تركها العالم أدوين هابل على تحديد عمر الكون استنادًا إلى معدل توسعه، وكشفت عن تزايد سرعة الكون مع توسعه المستمر. وأوضحت صور التقطها التلسكوب الفضائي عام 1994 عن اصطدام المذنب شومايكر-ليفي 9 بسطح كوكب المشتري الغازي ما قدم دروسا قيمة جدا لعلماء الفضاء حول الكوكب والمذنب معا. ولم يكن ممكنًا تحقيق هذه الاكتشافات من خلال تلسكوبات منصوبة على سطح الأرض.
التعليقات