الضربات الأميركية العنيفة التي تم توجيهها للحوثيين في اليمن يوم السبت 15 آذار (مارس) 2025، والتي، كما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" في 16 آذار (مارس)، عن مصدرين مقربين من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قولهما: "الهدف الواضح من هذه الهجمات هو إرسال رسالة إلى النظام الإيراني بأنه قد يكون الهدف التالي، وأنه يجب أن يدرك حجم القوة العسكرية التي يمكن استخدامها ضده"، يمكن اعتبارها صفحة جديدة من صفحات المواجهة مع النظام الإيراني، الذي أثبت طوال السنوات الـ 46 المنصرمة أنه يشكل مصدر زعزعة للسلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
عندما نراجع الصفحات السابقة من عمليات المواجهة الدولية مع هذا النظام، فإنَّ الذي يلفت النظر هو أن جميع المواجهات لم تكن محكمة بما فيه الكفاية، وكان هناك دائماً خلل أو ثغرة ما فيها، ومن خلال ذلك كان النظام الإيراني يخرج من تلك المواجهات سالماً ليقف مجدداً على قدميه ويواصل نشاطاته ودوره المشبوه المزعزع للأمن والسلام في المنطقة والعالم.
إقرأ أيضاً: خدمة مجانية للنظام الإيراني
عند مراجعة المحصلة العامة لهذه المواجهات، فإنَّ الثابت فيها أنه كان هناك دوماً منفذ أو باب يضمن للنظام الخروج بأمان من تلك المواجهات، والأهم والأخطر من ذلك أنَّ النظام أثبت عملياً، ومع كل تلك المواجهات، أنه لم يكترث للمطالب الدولية والإقليمية، بل وحتى إنه سار في الاتجاه المعاكس وسعى إلى زيادة مستوى الخطر والتهديد الذي يشكله للمنطقة والعالم. ولو أخذنا البرنامج النووي والمستوى المحدد المسموح للنظام الإيراني بتخصيب اليورانيوم وقارناه مع مستوى التخصيب الحالي الذي وصل إليه، عندئذ ندرك حقيقة أن هذا النظام ليس فقط لا يكترث أو يهتم بالمطالب الدولية، بل يستخف بها.
إقرأ أيضاً: سوريا تستعد لمقاضاة إيران والتعويض 300 مليار دولار
أمَّا فيما يتعلق بتدخلات النظام الإيراني في المنطقة، فإننا، عندما نتذكر حالة الارتباك والقلق التي سادت في النظام الإيراني على أثر ثورة الشعب السوري عام 2011، والتي وصلت إلى حد أن حسن روحاني، الذي كان رئيساً للنظام حينها، صرح بما يشبه إعلان البراءة من النظام السوري، قائلاً إن لا علاقة لنظامه بالنظام السوري، وإنه يتحمل تبعات أعماله، فإن حسين سلامي، قائد حرس النظام، عندما صرح في 16 آذار (مارس) 2025، على أثر الضربات الأميركية العنيفة للحوثيين، ردد كلاماً يشبه ذلك الذي صرح به روحاني في عام 2011، حيث قال: "أعلن اليوم أن الجمهورية الإسلامية لا تلعب أي دور في تحديد سياسات أو عمليات الحوثيين". ولكن، وكما أثبت روحاني أنه كان يمارس الكذب والخداع في موقفه حرصاً على مصلحة النظام، فإن سلامي يقوم بالأمر نفسه. غير أنه، وما إن تزول الحالة أو الأوضاع الطارئة، فإن هذا النظام، وكما يقول المثل "عادت حليمة لعادتها القديمة"، أما بالنسبة إلى المجتمع الدولي، فإن موقفه، كما مع القول السائد "وكأنك يا أبا زيد ما غزيت".
ومن هنا، فإن العبرة كل العبرة في بقاء هذا النظام، الذي لا يمكن له أبداً أن يتغير أو يساير العالم، لأن نهجه لا يسمح له بذلك، ونهجه هذا غير قابل للتغيير أبداً!
التعليقات