لعلَّ من الأخطاء التي رافقت نشوء مجلس التعاون الخليجي، إذا ما أردنا قراءة المشهد الحالي، وفق السياسات التي رسمته قبل أكثر من أربعة عقود، هي استبعاد اليمن من أن يكون جزءًا من هذا التكتل الإقليمي المهم، بكل ما له من مقومات سياسية واقتصادية، وأبعاد ديموغرافية بالغة الأهمية.

إنَّ الوضع الجيوسياسي الحالي، للجزيرة العربية، وبحر العرب، والقرن الأفريقي، وباب المندب، يستدعي حضورًا يمنيًا، تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي.

في رصده للمكاسب الإستراتيجية، بانضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي، أشار الأستاذ والكاتب عبد الرحمن الراشد، في مقال له بعنوان “ضم اليمن للمجلس الخليجي” في 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2015، بصحيفة الشرق الأوسط، أنه "سيبلغ عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي 70 مليون نسمة، لو ضمّ إليه اليمن بسكانه الـ25 مليون نسمة، وسيكون المجلس أقوى في جغرافيته السياسية، حيث يشرف على كل الممرات البحرية، في ثلاثة بحار استراتيجية. إضافة إلى أهمية الثقل الديموغرافي والنفوذ الجيوسياسي الذي يمنحه ضمه للمجلس".

مجلس التعاون الخليجي، بات اليوم بحاجة ماسة لمراجعات سياسية عميقة، تحدد فيها الأهداف، ويعترف فيها بالأخطاء، وتبنى فيها الإستراتيجيات بوضوح.

وهو كذلك، بحاجة لتوسيع حدوده السياسية والجغرافية، وخلق قوانين جديدة وآليات عمل فعالة، لمعالجة ما قد يطرأ من إشكالات، قد تعيق مسيرته، أو تهدد وجوده، وأن تعالج مشاكله وقضاياه المختلفة، وفق أنظمة وقوانين واضحة، تجنبًا للبيانات الارتجالية، أو القرارات وليدة اللحظة.

في العالم اليوم الكثير من المجالس، أو الصيغ الاتحادية الناجحة، التي علينا الاستفادة منها، ونقل خبراتها وتجاربها؛ لمواجهة التحديات المختلفة، والتي قد تواجهنا داخليًا أو خارجيًا.

لقد كانت مقتضيات إنشاء مجلس التعاون الخليجي، في الثمانينيات الميلادية دفاعية محضة، استجابة لتحديات ملحة، واجهتها المنطقة الأكثر توترًا في العالم.

إنَّ التحديات التي تواجه الخليجيين اليوم، أكثر إلحاحًا وسطوة من ذي قبل، وهو ما يستدعي شعورًا أكبر بالمسؤولية.

إنَّ أي صيغة اتحادية مستقبلية، لا تشمل اليمن، سوف لا تعزز من الوجود الخليجي إقليميًا أو حتى عالميًا، ناهيك عن المكاسب السياسية والاقتصادية والأمنية.