في الوقت الذي يعاني فيه أهالي غزة من تجدد الحرب الإسرائيلية عليهم، تسعى حركة حماس لتحقيق مكتسبات على أرض الواقع، فبدلاً من السعي لإيجاد حل، تواصل جرّ شعبها في غزة إلى مزيد من المعاناة وواقع لا يُطاق.
وبدلاً من بثّ الأمل في غزة، تختار المقاومة العشوائية دون استراتيجية واضحة، مما قد يُعمّق عزلة القطاع عن العالم، ويزيد من مأساة الحرب التي تتجدد ويتجدد معها جراح ونزيف الأهالي كل يوم وكل دقيقة بل وكل لحظة.
وكانت حركة حماس، قد أعلنت أنها لا تزال تبحث مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وأفكارًا أخرى متنوعة، بهدف التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب في غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، لكن يبدو أن هذا ليس إلا تصريحات إعلامية و"شو"، لتؤكد الحركة أنها لا تزال في قلب المفاوضات، وأنها هي المسؤولة عن زمام الأمور في غزة.
ومع تعثر مفاوضات إنجاز صفقة تبادل تؤمن الإفراج عن الأسرى، وإنهاء الحرب، وتحقيق الانسحاب، ما زالت "حماس" تتمسك بورقة الأسرى الإسرائيليين وتستفز تل أبيب بها، ومن ناحية إسرائيل فهي الأخرى تتعمد استخدام نفس الورقة في تجدد الحرب على أهالي غزة، وما بين هذا وذاك يدفع الأهالي ثمن الحرب سواء بالموت أو بالتشريد أو الاعتقال والجوع والمرض.
إقرأ أيضاً: رمضان ساخن في القدس
ربما تحتاج حماس إلى مراجعة نفسها بتعاطيها مع تنفيذ المرحلة الأولى للهدنة، وأيضًا مع المفاوضات المباشرة التي قام بها آدم بولر مع قادة الحركة في الدوحة، فكان من المفترض على حماس تنفيذ هذا الاتفاق حتى تكسب ورقة رابحة عند الإدارة الأميركية وخاصة لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي لا يريد خيرًا للفلسطينيين.
ولعل أكثر ما يزيد الأمور تعقيدًا هو إدارة قيادات حماس، زمام الأمور في غزة من الخارج، فهم لا يستطيعون اتخاذ القرار في الوقت المناسب دون الرجوع لقيادة غزة المنشغلة في المواجهة العسكرية مع الاحتلال، ومع كل هذا يضيع الشعب الفلسطيني ويموت ويتشرد دون وجود أي بوادر للحل.
ربما على حماس أيضًا أن تدرك أن الوضع في قطاع غزة أصبح من أصعب ما يمكن تخيله، كما أن حرب الإبادة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني لن تتوقف، هذا إضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات الفقر وتحول حياة الأهالي إلى جحيم، فهل يمكن للحركة أن تتنازل عن حكم غزة وأن ترحم الأهالي من العدوان الإسرائيلي الذي يتذرع بوجود حماس حتى تستكمل مسلسل الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
إقرأ أيضاً: ذكرى الرباط والصمود الفلسطيني تتجدد
ورغم تمسك حماس بحكم غزة، إلا أن الأهالي يرفضون وجودها سياسيًا داخل القطاع خاصة وأنها المسؤولة عن أحداث السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، التي خلفت كارثة إنسانية لم تحدث في التاريخ، وتسببت في مقتل أكثر من 100 فلسطيني، هذا بخلاف عشرات الآلاف من جرحى الحرب المفقودين.
قد تكون مغادرة حماس للمشهد في غزة أو التنازل عن الحكم، في مصلحة الأهالي، فقد يؤدي إلى تخفيف معاناتهم، وعودة الهدوء والحياة مجددًا ولو بأبسط الإمكانيات، وقد تتجدد فرصة إعادة إعمار غزة، وأن يدعم المجتمع حق أهالي غزة في الحياة من جديد.
التعليقات