في الوقت الذي حرص فيه الفلسطينيون على إحياء ذكرى الإسراء والمعراج في القدس، وتحديدًا في المسجد الأقصى المبارك، جددت هذه الذكرى في نفوسهم قدرتهم على الثبات والصمود في وجه الاحتلال وأطماعه في المسجد الأقصى.
وشاهدنا مديرية الأوقاف الإسلامية في القدس وهي تنظم احتفالًا كبيرًا بمناسبة الإسراء والمعراج، حضره عشرات الآلاف من المصلين من القدس ومختلف المناطق الفلسطينية، وهذا في الحقيقة جسد معنى الرباط والصمود والثبات على هذه الأرض، وأن المسجد الأقصى خاص بالمسلمين، ولن يشاركهم فيه أحد أبدًا.
ومع هذا الهدوء الحذر في القدس الشرقية، الذي شهد الأسبوع الماضي، كانت الأجواء في ساحة المسجد كريمة واحتفالية وهادئة، حيث كان المصلون يتحركون بحرية في الساحة دون أي قيود. وليظل الأقصى القبلة الأولى للفلسطينيين، فإنهم مرابطون جيلًا بعد جيل للحفاظ على هذا المقدس الديني لا محالة.
ورغم هذا الموقف الفلسطيني الصامد والتمسك بالأرض، نجد الاحتلال الإسرائيلي ما زال يمارس كل وسائل العنف والإبادة والتضييق على الفلسطينيين في شتى المدن، سواء عن طريق الاعتقال أو وضع الحواجز حول المسجد الأقصى المبارك، رغم أن هذا لم يمنعهم من ممارسة الطقوس الدينية والاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج، ليؤكد ذلك أن قضية القدس وفلسطين هي قضية المسلمين وهمهم الأول والأخير، ولن يتم السماح للمستوطنين باقتحام المسجد والاعتداء عليه كمقدس ديني لمسلمي العالم، وليس لمسلمي فلسطين فقط.
إقرأ أيضاً: كيف يخدم التصعيد في الضفة الاستيطان؟
ويبدو أنَّ الإصرار الفلسطيني على الاحتفال بالمناسبات الدينية داخل المسجد الأقصى يعكس حرصاً عليه كمقدس ديني وملتقى يجمع مسلمي فلسطين، ولا نية للتفريط فيه مهما كانت ممارسات الاحتلال وتضييقاته واعتداءاته.
وأيضًا يعكس ذلك أن المسجد الأقصى، الذي هو مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم ومعراجه، هو قبلة مسلمي فلسطين الأولى، ولن يسمح هذا الشعب بأن تتحكم فيه إسرائيل أبدًا، كما أن الصلاة في رحاب المسجد تجدد الروح داخل نفوس الفلسطينيين، كما تجدد ذكرى الصمود الفلسطيني في وجه العدو.
كما أن المسجد الأقصى المبارك ما زال عقيدة المسلمين في كل بقاع الأرض، وهذا لأن قضية القدس وفلسطين هي قضية المسلمين، حتى أن الاحتفال بالإسراء والمعراج لم يكن مجرد احتفال رمزي، بل جسد أهمية الوجود الفلسطيني على أرضهم.
إقرأ أيضاً: المملكة العربية السعودية وقيام الدولة الفلسطينية
وطالما كان المسجد الأقصى في البلدة القديمة بالقدس، وهو أحد أهم المقدسات الدينية بالنسبة إلى المسلمين والأكثر تقديسًا عند اليهود، لذلك يكون دائمًا نقطة اشتعال لأعمال عنف محتملة، خاصة خلال الأعياد الدينية، وزاد الأمر صعوبة واشتعالًا إبّان الحرب في غزة، حيث أعلنت السلطات الإسرائيلية أنها قد تضع قيودًا على الصلاة في ساحة المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، متذرعة بالضرورات الأمنية، وهذا ما رفضه مسلمو فلسطين، متسلحين بأن المسجد هو القبلة الأولى والأخيرة لهم ولكل مسلمي العالم، وأن الصلاة في رحابه، خاصة خلال شهر رمضان الكريم، هي الأكثر روحانية. لذلك، على إسرائيل أن ترفع يدها عن الأقصى، وعلى الفلسطينيين التزام الهدوء مع قرب شهر رمضان الكريم من أجل أداء صلاة التراويح في الأقصى بدون قيود من الاحتلال.
لذلك يصر الفلسطينيون على إحياء مناسباتهم الدينية في رحاب المسجد الأقصى، الذي تتجدد في أروقته راحة النفوس ويجسد رحلة الصمود الفلسطيني في وجه الاحتلال، مؤمنين بأن العودة إلى الأقصى اقتربت مهما ضاقت الظروف.
التعليقات