فضاء الرأي

العراق بلد القرارات المتخبطة والدولة المستباحة

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في يوم السبت الثالث من الشهر المنصرم، نشر لي مقالا بعنوان "العراق &- بلد السخرية المضحك المبكي"، حيث سردت فيه قضية الحكم بالسجن مدة عام واحد لصبي يبلغ من العمر 12 عاما بتهمة سرقة عدة علب من المناديل الورقية من محل للبيع لا تتعدى قيمتها في احسن الأحوال 10 دولارات. وقد تم الغاء الحكم نتيجة الضغط الشعبي. كان هذا هو الجزء المضحك في تلك المقالة.

اما الجزء المبكي في المقالة نفسها فقد كان بخصوص موضوعين. الموضوع الأول هو طلب الحكومة العراقية من الأمم المتحدة المساعدة في الكشف عن مصير 361 مليار دولار امريكي مفقودة من موازنات العراق بين عامي 2004م &- 2014م، اضافة الى 98 مليار دولار امريكي خصصت خلال العشر سنوات الماضية لتنفيذ آلاف المشاريع والاستثمارات في قطاعات الكهرباء والاسكان والزراعة، غير ان تلك المشاريع لم ترى النور، ولم يعرف كيف اختفت تلك الأموال.

&اما الموضوع المبكي الثاني هو الاتهامات بالفساد التي وجهت الى كل من "هوشيار زيباري" وزير المالية وقتها، و "ابراهيم الجعفري" وزير الخارجية. وقد صوت مجلس النواب على اقالة "زيباري" في جلسة سريه بتاريخ 21 سبتمبر المنصرم، ويستعد حاليا لإستجواب "الجعفري" قريبا.&

في شهر اغسطس من العام الماضي، وفي محاولة لتهدئة الشعب العراقي بعد المظاهرات الشعبية الغاضبة احتجاجا على الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة والنقص في الخدمات، اصدر رئيس الوزراء "حيدر العبادي" قرارات الغى بموجبها مناصب نواب رئيس الجمهورية، ونواب رئيس مجلس الوزراء. كما تضمنت القرارات ايضا تقليص عدد افراد حماية المسؤولين في الدولة، والغاء مخصصات اصحاب الدرجات العليا من الموظفين والمتقاعدين التي ترهق ميزانية الدولة، اضافة الى تقليص تأثير المحاصصة السياسية في اختيار المناصب العليا في مؤسسات الدولة ليكون التعيين على اساس الكفاءة والمهنية. وفي التاسع من شهر اغسطس 2015م صوت مجلس الوزراء بالاجماع على هذه القرارات.

قامت الدنيا ولم تقعد ضد هذه القرارات، وخصوصا من قبل نواب الرئيس الثلاثة (إياد علاوي، نوري المالكي وأسامة النجيفي) الذين اعتبروا اقالتهم غير دستورية وهددوا باللجوء الى القضاء لإبطال هذه القرارات. بعدها بفترة قصيرة، تقدم "أسامة النجيفي" بدعويين الى المحكمة الاتحادية العليا للطعن في قرار الغاء منصب نواب رئيس الجمهورية.

وفي يوم الاثنين، العاشر من الشهر الجاري، اصدرت المحكمة الاتحادية العليا قراراها بعدم دستورية الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية استنادا الى المادة 69 من الدستور التي تنص على ان: "تنظم بقانون احكام الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، وتنظم بقانون احكام اختيار نائب او اكثر على ان لا يزيد على ثلاثة، ويعرض هذا الترشيح على مجلس النواب للمصادقة عليه بالأغلبية".

هنا اتساءل: الم يكن رئيس الوزراء على علم بهذه المادة في الدستور العراقي؟ وانه بهذا القرار يخالف الدستور، وان هؤلاء النواب لن يقبلوا بتنحيتهم من مناصبهم التي تدر عليهم مكاسب مالية، وتمنحهم نفوذ سياسي واجتماعي. (فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة &- وإن كنت تدري فالمصيبة اعظم).

اعتقد ان العراق هو الدولة الوحيدة في العالم، (او من ضمن دول العالم الثالث القليلة جدا إن وجدت)، التي يوجد فيها ثلاثة نواب لرئيس الدولة وثلاثة نواب لرئيس الوزراء. الولايات المتحدة الأمريكية &- الدولة العظمى &- بعدد سكانها الذي يتجاوز عدد سكان العالم العربي بأجمعه (اي اكثر من 300 مليون بقليل)، والكثير من الدول الديمقراطية في العالم لا يوجد فيها غير نائب واحد للرئيس ونائب واحد لرئيس الوزراء. منصب رئيس الجمهورية في العراق هو تقريبا منصبا تشريفيا بصلاحيات بروتوكولية محدودة. اذا كان هذا هو وضع الرئيس، فماذا يفعل بثلاثة نواب له؟&

نواب الرئيس ونواب رئيس مجلس الوزراء يكلفون العراق مبالغ مالية طائلة من دون مردود ملموس من عمل هؤلاء النواب، ومن الواجب والأولى ان تصرف هذه الأموال الى الأرامل والأيتام الذي يعج بهم العراق بسبب الحروب العبثية التي تسبب بها النظام السابق، والحروب الأهلية التي تلت سقوطه.&

العراق، منذ سقوط بغداد في التاسع من شهر ابريل عام 2003م، اصبح دولة مستباحة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الجوار كتركيا وايران. العراق، هو ارض الحضارات الانسانية ومهدها،ومنه تعلم العالم الكتابة في سنة 5000 قبل الميلاد. وعليه، من العار على الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003م وحتى اليوم ان يسلموا مقاليد هذا البلد الغني بحضارته وشعبه وثرواته الى هذه الدول الطامعة فيه.

الاصلاح في العراق يجب ان يبدء باصلاح الدستور عبر اعادة كتابته، وتنقيحه من مواد المحاصصة السياسية والقنابل الموقوتة كالمادة 140 وغيرها، وكل ما يعيق مفهوم الاصلاح الحقيقي وتكريس مبدأ المواطنة.&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
النظام الحالى
لن يقوم بالاصلاح -

هناك قانون تعلمنا ه لا اصلاح مع وجود الطائفية يعني قصة انت سنى وانا شيعي انا ........... انا ما نطيها لو تطلع نخلة هاي هية الكرة في حضني اتحداك ان تاخذها مني ساقتلك ساهجرك .

الكورد لم ولن يفرطوا بو
Rizgar -

الكورد لم ولن يفرطوا بوطنهم فها هو الشيخ محمود الحفيد في رسالة له الى عصبة الأمم 1935 يقول وبوضوح (في الحقيقة أن إلحاق وطننا بالعراق وفرضها علينا بقوة السلاح، فأنه لايمكن تأمين الأمن والسلم أبداً في هذه المنطقة من العالم واللتان هما هدف هذه العصبة المحترمة، وأن مصير وطن الكورد إذا لم يقرره أبناؤه وحتى ذلك الزمن الذي ستدير فيه دولة كوردية هذا القسم من وطنها كوردستان فأنا على يقين بأن الأمن والأستقرار لن يستتب فيها)........الهمجية والتعريب والاغتصاب والقيم المنحطة اخلاقيا غير كفيلة بتحقيق الرغبات العرقية العربية للجماهير العربية .مصير الكيانات المفبركة مزبلة التاريخ ...يوغوسلا فيا , جيكوسلوفاكيا , الاتخاد السوفيتي , دولة مصر وسودان , ......الخ

العراق
العراق واليمن وسوريا .. -

العراق واليمن وسوريا .. فهذه معرفات لمناطق جغرافية .. تتشكل كل منها من مكونات مؤهلة لدول.. وسبب الازمات بالعراق واليمن وسوريا.. ان كل منهما فرض على مكوناتها السكانية ان تتشكل بدولة واحده.. و تم تبرير قتل السكان تحت شعار (الدفاع عن وحدتها)؟؟؟

مكونات متنافرة
منطقة العراق -

منطقة العراق مشكلة من ثلاث مكونات (الشيعة بالوسط والجنوب.. السنة العرب بالمثلث السني.. والكورد بكوردستان العراق).. ونزيف الدم بالعراق سببه جمع مكونات متنافرة غير متعايشة سياسيا.. وخاصة ان (التعايش الاجتماعي ليس عامل في تاسيس دول) بل (التعايش السياسي هو اساس تشكيل اي دولة).. وهذا التعايش السياسي منعدم بين المكونات المشكل منها كلاً من العراق واليمن.. وحتى التعايش الاجتماعي ليس حقيقيا بل سطحيا فيهما.. لذلك نرى عمليات التهجير والقتل على الهوية.. التي راح ضحيتها ملايين العراقيين.. وتهميش الشيعة والكورد سياسيا عبر تاريخ العراق.. والمقابر الجماعية والاعدامات بالجملة التي استهدفت مكونات دون اخرى في ظل العراق (الواحد) الذي كان كارثة على سكانه.

ألكلام حول ألأخوة ألعربي
آرام -

التعايش الاجتماعي حتى لو كان موجودا (افتراضيا) فهو لم يمنع تهجير وقتل ملايين العراقيين.. وتفجير منازل الاف منهم على الهوية.. وما جرى كذلك من عمليات تهجير وقتل عانى منها سكان العراق خلال العقود الماضية استهدفت الكورد والشيعة بالعراق بشكل جماعي.. ونذكر بان (الزيجات والتزاور والتجارة) تحصل بين شعوب متعددة بالعالم وبين دول متعددة.. فهناك الاف العراقيين متزوجين من ايرانيات واتراك واوربيين وبالعكس.. فهل يعني (ان وجود ظواهر التعايش الاجتماعي بان تجمع تلك الدول بكيان سياسي واحد). مثلا؟؟ مما يؤكد بان التعايش السياسي وليس الاجتماعي هو الاساس في تشكيل الدول.