إعداد- نبيل شـرف الدين: في مقال رأي نشر أمس الاثنين في صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية، قال كولن باول وزير الخارجية الأميركي إن الرئيس بوش حذر في خطاب "حال الإتحاد" من أن "الخطر الأشد الذي يواجه أميركا والعالم يتمثل في انظمة الحكم المارقة التي تسعى لامتلاك أسلحة دمار
شامل، والمثال الأول على ذلك هو عراق صدام حسين"، وتابع قائلاً : "إن ما علينا الا أن ننظر إلى الكيفية التي عمد صدام الى قمع وقتل أبناء شعبه لفهم& أساليبه. ولعل ما هو أكثر أهمية هو أن الرئيس بوش أمد أن لدى العراق قنوات مفتوحة وروابط مع تنظيمات إرهابية، بما فيها القاعدة"، على حد تعبير الوزير الأميركي.
ومضى باول قائلاً إنه في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أصدر مجلس الأمن بالإجماع القرار رقم 1441، وهو القرار الذي منح العراق فرصة أخيرة أخرى لنزع اسلحته سلميا والا "واجه عواقب وخيمة". بيد ان العراق، وعوضا عن نزع اسلحته، رد على القرار 1441 بادعاءات فارغة، وإعلانات فارغة وايماءات جوفاء. وقبل أسبوع واحد فقط، أبلغ رئيس مفتشي الاسلحة الدوليين هانز بليكس، مجلس الأمن ان "العراق يبدو انه لم يتوصل الى قبول حقيقي، حتى في هذا اليوم، لنزع الاسلحة الذي طلب منه القيام به." وفي الحقيقة، فان النظام العراقي يقطع أشواطا بعيدة لإخفاء أسلحة الدمار الشامل لديه كما أزال موادّ من مواقع كان يعلم ان من المرجح لها أن تفتش.& ولدى النظام العراقي برنامج نشط لتوجيه العلماء العراقيين قبل ان يتحدثوا الى المفتشين ويسمح فقط بمقابلات معهم بوجود مراقبين حكوميين.& وعلاوة على هذا كله تم العثور على آلاف صفحات من وثائق حساسة متصلة بالأسلحة في منازل عراقية خاصة.
وحول عمليات التفتيش التي يقوم بها فريق المفتشين الدوليين، قال باول انهم اكتشفوا عددا من الرؤوس الحربية الكيميائية لم يكن العراق قد أقر بها سابقا. كما يواصل العراق اقتناء معدات محظورة، كما أنه يواصل استيراد مواد ممنوعة كما تبين في وقت لا يعود الى أكثر من الشهر الماضي.& وأفاد المفتشون ان النشاطات العراقية تعيق عملهم بصورة خطيرة. وعلى سبيل المثال، رفض العراق طلب المفتشين باستخدام طائرات استطلاع من طراز "يو-2"، فيما يرافق مراقبون عراقيون المفتشين في كل مكان ويوصف هؤلاء من قبل المسؤولين العراقيين بأنهم جواسيس، ويواجهون المضايقات والاحتجاجات المزعجة التي من غير المرجح ان تحدث من دون تشجيع السلطات (العراقية).
وتابع باول قائلاً : "لقد ارسى القرار 1441 اختبارين رئيسين هما: كشف كامل ودقيق عن أسلحة العراق، ومطلب تعاون العراق الفوري، وبلا شروط، وبنشاط مع المفتشين. وقد أخفق العراق في هذين الاختبارين.& وإعلان العراق حول ما يمتلكه من أسلحة ناقص وغير دقيق ولا يوفر معلومات جوهرية عن حيازته أسلحة دمار الشامل، ولا غرابة ان المفتشين وجدوا ذلك الإعلان منقوصا للغاية، وفي تقريره الى مجلس الأمن أشار بليكس الى أن العراق لم يكشف عن انتاجه غاز الأعصاب القاتل "في اكس"، وحوالي 6500& قذيفة كيميائية، ونحو ألف طن من عنصر كميائي، كما اقتنى العراق سابقا موادّ لتصنيع كميات من جراثيم الجمرة الخبيثة (الأنثراكس) بكميات أكثر بكثير مما أعلن في الماضي".
&
معلومات استخبارية
هذا ومن المقرر أن يعرض باول يوم غد الأربعاء على مجلس الأمن معلومات استخبارية وصفها باول في مقاله بأنها "بمثابة أدلة إضافية على نمط الخداع العراقي، وستعزز أدلتنا ما أبلغه المفتشون إلى مجلس الأمن في الأسبوع الماضي وهو انهم لا يجدون التعاون المطلوب وأن طلباتهم تحجب، وان أسئلتهم لا تجد ردودا".
ومضى باول إلى القول إلى أن واشنطن ستوفر عرضا صريحا متزنا وقويا على أن صدام& يخفي الأدلة بشأن اسلحة الدمار الشامل لديه، وفي الوقت نفسه يحافظ على الأسلحة عينها. وعلى العالم أن يدرك الآن ان العراق لم يمتثل لإرادة المجتمع الدولي كما عبر عنها القرار 1441. وقد أخفق العراق في اختباري القرار وهما الكشف والتعاون & بصورة تشكل خرقا ماديا آخر للقرار.
وتابع باول قائلاً إنه رردا& على ذلك، ستبدأ الولايات المتحدة جولة جديدة من المشاورات الكاملة والعلنية مع حلفائنا بشأن الخطوات التالية. وهناك مبالغة عن الخلافات بين الولايات المتحدة وبعض شركائها التقليديين حول سبل العمل بشأن العراق، ونحن سنعمل على تجسير هوة خلافاتنا وبناء اساس لقيمنا المشتركة وتاريخنا الطويل من العمل سوية لمواجهة التحديات المشتركة.& إن ثمار شراكتنا في العالم كله من غرب أوروبا الى اليابان فكوريا فالبوسنة فأفغانستان واضحة دون لبس"، على حد تعبير الوزير الأميركي.
واختتم باول قائلاً علينا ان نواجه الحقائق التي عرضها علينا مفتشو الأسلحة الدوليون ومصادر استخبارية موثوقة، فالعراق يواصل إخفاء اسلحة قاتلة ومكوناتها والإصرار على الإنكار والخداع، ولدى العراق روابط مع تنظيمات إرهابية، وينبغي أن نعرف أن دكتاتورا مثل صدام حسين لن يتردد لحظة في استخدام اسلحة الدمار الشامل ضد شعبه وجيرانه كما فعلها في الماضي مراراً إذا تراجعنا عن نزعها.
* نقلاً عن صحيفة "وول ستريت جورنال"، 3 شباط (فبراير)