خبر مبهج ذلك الذي تناقلته وكالات الأنباء عن احتمال إصدار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو مذكرة ضبط وإحضار بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
وليس غايتي من هذه المقالة أن اعدد أسباب ابتهاجي؛ أنا وكل المتخاذلين والمنبطحين من الأمتين العربية والإسلامية؛ ومكان الانبطاح هنا تحت جزمة الديكتاتوريات وليس كما سيظن القارئ المناضل...
لكن الذي أثار استغرابي هو الرد الحكومي السوداني على احتمال صدور مثل هذا القرار؛ فقد طلب السودان عقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية!
استغرب من رئيس دولة حكم ويحكم بطريقة ديكتاتورية واستمر في الحكم ردحاً من الزمن أن تكون هذه وسيلته quot;البائسةquot; للرد على احتمال صدور هكذا قرار مصيري! وهذا يجعلني لا أفهم كيف استمر الرئيس البشير في الحكم طيلة الفترة الماضية وهو يفكر بهذه العقلية quot;المتواهنةquot;؛ وقد قادني ذلك إلى استنتاج quot;مشوشquot; أن الشعب السوداني متكاسل عن مناهضة البشير لذلك استمر في الحكم؛ وإن الحركات المسلحة المناهضة له لم تكن سوى عصابات أطفال؛ أو حركات لتزجية الوقت! وإلا من السهل إسقاط ديكتاتور يفكر بدعوة الجامعة العربية لتنجده!
انصح الرئيس السوداني بالعدول عن هذا الطلب لأسباب هو يعرفها اكثر مني؛ وخصوصا أنه شارك في العديد من اجتماعات القمم العربية quot;وليس مجلس الجامعةquot; ولديه كواليس منها؛ ويعرف انها لم تقرر يوماً شيئا ذا أهمية؛ بغض النظر عن موقف quot;دول الجامعةquot; من صدور المذكرة..
وكما يعلم الرئيس البشير فالجامعة وقراراتها quot;مثل عضرط لا يحل ولا يربطquot; (وهو مثل يضرب للشخص قليل الحيلة)؛ لذلك وبدلا من إضاعة الوقت في quot;ترهاتquot; الجامعة؛ أنصح الرئيس البشير بالتوجه بشكل عاجل وفوري إلى دمشق والاجتماع مع أركان النظام السوري؛ وعليه أن يطلب مخططاً تفصيلياً متضمناً لائحة إجرائية واضحة تجيب على سؤال: كيف تواجه كل العالم وتنفذ منها؟!
وأتمنى على الرئيس البشير أن لا يتمسك بإجراءات البروتوكول أثناء زيارته تلك؛ فمن الممكن أن تجد دمشق quot;والمقصود النظام طبعاًquot; أن المسألة لا تتطلب تضييع وقت كبار المسؤولين في النظام ويستطيع أن ينجز هذه المهمة بعض الرقباء والعرفاء والعناصر في المخابرات السورية؛ فعليه أن يقبل الأمر برحابة صدر ويتلقى quot;المشيرquot; درساً من quot;رقيبquot; في المخابرات السورية؛ في حل هذه المشكلة البسيطة برمتها...
بالطبع مشكلة السودان ستكون في الجغرافيا؛ فهو كما شاهدته على الخريطة ليس متاخما لـ لبنان ولا يمتلك حدوداً مع العراق؛ وليس له حدوداً مع إسرائيل ولا يوجد له جولان محتل..
وقد يكون quot;حلquot; الرقيب السوري للقصة بأسرع ما يمكن ولتجاوز العراقيل التي تضعها الجغرافية؛ متضمناً قبول الرئيس البشير بانتداب سوري على السودان! وعليه حينها أن لا يتردد في قبول ذلك.
ولا انصح الرئيس بمثل هذه الحالة أن يفرط في استخدام الحماس الزائد؛ ويطلب الوحدة الاندماجية، لأن العالم quot;المقتدرquot; سيعتبرها غزواً! فما زال هذا العالم يتذكر طلب الحكومة المؤقتة التي شكلها صدام بعد غزوه للكويت وطلبت الوحدة الاندماجية مع العراق قبل أن يفطن صدام إلى أن الكويت محافظة تاسعة عشر...
لا تقلق يا سيادة الرئيس سيجد لك الرقيب السوري حلاً؛ وإذا كان من الصعب تأجير حزب الله اللبناني لـكم؛ لأنه لم ينته بعد من المهام المكلف بها على ارض لبنان، فإن فكرة استئجار حركة المقاومة الإسلامية quot;حماسquot; لتنفيذ مقاولات نضالية لصالح السودان على الأراضي الفلسطينية، خصوصاً في quot;دولةquot; غزة الجهادية ليست معقولة، كما أن فتح الإسلام قد ثبت فشلها في النسخة الأصلية... إلا انه ورغم ذلك فلن يعدم الرقيب وسيلة للحل؛ قد تتضمن خلق ألاف المشاكل!
وأرجو من الرئيس البشير أن يطيع quot;الرقيبquot; السوري في كل ما يخططه له فالمثل يقول quot;اسأل مجرب ولا تسأل خبيرquot; حتى لو تضمن الحل إنشاء حزب الله الأوغندي أو الاريتري أو المصري أو أي دولة متاخمة للسودان، والرقيب بالطبع سيعرف أكثر مني ومن الرئيس البشير أي دولة سيختار ليقيم حزباً لـ الله فيها؛ بعد أن يتشاور مع المرجعية الروحية الممانعة في إيران الصديقة، وليس من الضروري حينها التمسك بإجراءات شكلية كأن يكون حزب الله الأوغندي شيعياً فالوقت داهم ولا يحتمل أن تنتظر لتقوم إيران بحملة تشييع في المنطقة ليتم بعدها إنشاء الحزب اللهي المذكور؛ فسياسة الممانعة لديها حلولاً ولا تأبه للعقائد كما ظهر ذلك بشكل واضح لدى الإخوة الملالي الممانعين في إيران؛ من استيرادهم أسلحة من إسرائيل التي يهدد نجاد بمحوها من الخارطة، إلى دعم الإرهاب السني في العراق! كما أن الله ليس شيعيا فقط! فيمكن لحزب الله الأوغندي (في حال اختار الرقيب أوغندا مقرا للحزب) أن يكون سنياً أو مسيحياً وقد يقبل الوثنيين كذلك! باشتراط امتلاكهم عقيدة نضالية قابلة للتشكل وفق أي ظرف وأي طلب يحقق مصلحة الأطراف التي أسست الحزب المذكور.
وبالطبع ياسيادة الرئيس quot;المشيرquot; فأنت ليس لديك مشكلة في اغتيال بعض أو كم من الأشخاص الذين سيكون لاغتيالهم دور مؤثر في القضية؛ في حال اقترح ذلك عليك الرقيب السوري؛ فأنت مارست الإبادة الجماعية، كما تقول المذكرة المقترحة، وقتلت مئات الآلاف من quot;شعبكquot; فلن يضيف لسجلك شيئا قتل quot;كم شخصquot; ليسوا من شعبك!
وحسب اقتراح الرقيب؛ عليك أن quot;تقوي قلبكquot; في دعم كل الحركات المناهضة للأنظمة المجاورة لك وان لم تجدها أنشئها؛ quot;فجّر دمّر خرّب والعب على أعصابهم...quot; خصوصا الأنظمة المجاورة لك والتي تمتلك علاقات جيدة مع الغرب وبفضل اختيار دولة يدعمها الغرب بحماس شديد. بالإضافة لذلك عليك أن تتخذ شعبك رهينة وتفاوض عليه! ولو اضطرك الأمر إلى اعتقال كل الشعب السوداني، وأنا أعلم أنه ليس لديك مشكلة في ذلك، إنها وصفة سورية مجربة على حد علمي...
دع عنك الجامعة العربية يا سيادة الرئيس و quot;طعْ شوريquot; نفذ مخطط الرقيب السوري وستجد نفسك بعد فترة وجيزة في قصر الاليزيه، وربما البيت الأبيض! وسيستقبلك زعماء العالم بما فيهم من يطالبون بمحاكمتك الآن! ولا بأس بالطبع أن تكون الشقيقة قطر و quot;جزيرتهاquot; وراءك أو أمامك فهي تصنع حجب quot;لفك المربوطquot; بوصفة مجربة وفاعله في فك العزلة عن أحزاب مصنفة إرهابية! وعن أنظمة كان العالم يطالب برأسها؛ ولديها قدرة على أيضا على القيام بدعم لوجستي لتجنب المحاكمات الدولية. وإذا لم تنجح طبخة الرقيب في تجنيبك المحكمة الدولية quot;وهذا شبه مستحيلquot; تكون قد ضمنت لعائلتك إقامة هانئة وهادئة في ربوع الشقيقة قطر.
التعليقات