واشنطن تضع القيادة العراقية أمام مهلة الفرصة الأخيرة
الخطة الأمنية تواجه الفشل مع عودة فرق الموت

بوش والديمقراطيون يفشلون في التفاهم حول العراق
أسامة مهدي من لندن : مع التأكيدات القادمة من بغداد عن عودة فرق الموت الى العاصمة وتصاعد وتيرة التفجيرات التي تواجهها والتي اوقعت امس اكثر من 450 قتيلا وجريحا في اسوأ يوم من اراقة الدماء منذ مطلع العام الماضي ومواجهة المواطنين إثرها للجنود العراقيين والاميركيين بالحجارة والشتائم فإن الخطة الامنية التي يراهن على نجاحها رئيس الوزراء نوري المالكي للاستمرار في منصبه مهددة بالفشل مع كل التداعيات الخطرة التي ستترتب على ذلك ومن بينها نفاذ صبر الادارة الاميركية التي اكدت ان امام القيادة العراقية وقتا قصيرا لاجراء الاصلاحات المطلوبة .

وابلغ عراقيون quot;إيلافquot; في اتصالات هاتفية من بغداد انهم بدأوا يلاحظون منذ ايام عودة لفرق الموت ومسلحيها الى العاصمة بعد اختفائهم منها لدى المباشرة بخطة امن بغداد في الرابع عشر من شباط (فبراير) الماضي بمشاركة 85 الف عسكري عراقي واميركي اعتقل خلالها اكثر من 5 الاف مطلوب كما اكد الناطق باسم الخطة العميد قاسم عطا الموسوي . واضافوا ان المواطنين في بعض مناطق بغداد قد واجهوا رجال الشرطة ودورياتها التي حضرت الى اماكن التفجيرات التي ضربت العاصمة بخمس مفخخات بالحجارة والشتائم التي طالتهم ومعهم الحكومة مما اضطرهم الى الانسحاب خوفا من تطور الامور الى ما لا تحمد عقباه .
وقالوا انه مما زاد الامور سوءا اندلاع معارك في اجزاء من العاصمة اثر هذه التفجيرات حيث تشهد منطقة الاعظمية منذ الليلة الماضية اشتباكات مسلحة بالأسلحة المتوسطة والخفيفة وسط اصوات تسمع على بعد للانفجارات فيما تحلق المروحيات الاميركية بكثافة في اجواء المنطقة السنية هذه .

وفي محاولة منه لتطويق التداعيات الخطرة لانفجارات الامس التي اعتبرت الاسوأ التي تشهدها العاصمة منذ كانون الثاني (يناير) من العام 2006 فقد اصدر المالكي امرا بالقاء القبض على قائد فوج مكلف بحفظ الامن في منطقة quot;الصدريةquot; وسط بغداد واحالته الى لجنة تحقيقية بتهمة التقصير في واجبه بعد ان ضربت المنطقة مفخخة ادت الى مقتل 124 شخصا واصابة حوالى 100 اخرين بجراح للمرة الثانية خلال شهرين حين ادت انفجارات مماثلة انذاك الى مقتل 150 شخصا .

وقال المالكي في بيان رسمي ارسلت نسخة منه الى quot;إيلافquot; الليلة الماضية ان الشعب العراقي يتعرض حاليا لهجمة وحشية لاتفرق بين شيخ وطفل وإمرأة تستهدف التجمعات المدنية بشكل يعيد إلى الأذهان المذابح الجماعية وجرائم الإبادة التي إرتكبها النظام الدكتاتوري الصدامي بحق المدنيين والعزل. واضاف ان الارهابيين ومنذ ان رفعوا شعارات الجهاد ضد جميع مكونات الشعب العراقي quot;فإن الجرائم البشعة التي راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى يجب أن لاتثنينا عن أهدافنا في تعزيز الوحدة الوطنية والتعاون يداً بيد للقضاء على العصابات الإرهابية وتخليص أرض العراق الطاهرة من أهدافها الشريرة ومشاريعها المريضةquot;.
واوضح انه بسبب تكرار حصول الفاجعة في منطقة الصدرية الذي كشف عن الضعف في الإجراءات المتخذة لحماية المدنيين في هذه المنطقة quot;فقد قررنا إلقاء القبض على آمر الفوج الثاني في اللواء الثاني وإحالته إلى لجنة تحقيقيةquot;.

وعلى الرغم من ذلك عبرت واشنطن عن نفاذ صبرها مهددة الحكومة العراقية بان الوقت يضيق امامها وانها امام فرصة اخيرة للعمل على تحسين الاوضاع الامنية والسياسية في البلاد .فقد اكد الاميرال وليام فالون قائد القوات الاميركية في الشرق الاوسط ان الخطة الامنية في بغداد والمشتملة على زيادة عديد القوات الاميركية في العراق من المرجح ان تكون quot;الفرصة الاخيرةquot; للقادة العراقيين لاقامة دولة فعالة مؤكدا ان عليهم اتخاذ القرارات السياسية بسرعة اكبر.
واضاف امام المشرعين الاميركيين ان quot;الوقت قصير وقد حاولنا منحهم الفرصة لاتخاذ هذه القراراتquot;. واشار الى انه quot;في كل مناسبة احمل الرسالة نفسها : يجب ان تبدأوا باتخاذ القرارات بشكل اسرع اذا اردنا تحقيق النجاح واذا اردتم تحقيق النجاحquot;. وشدد على انه على القادة العراقيين التحرك لتطبيق الاصلاحات الدستورية وقانون توزيع النفط من اجل استقرار العراق بغض النظر عن زيادة قوات القوات الاميركية. واوضح انه لم يحدث تقدم مستمر باتجاه اقامة حكومة تمثيلية فعالة خلال السنوات الاربع منذ الغزو الاميركي للعراق.

وتابع quot;من الواضح بالنسبة لي ان علينا الان تطبيق نهج مختلف تماما عن هذاquot; في اشارة الى زيادة عديد القوات الاميركية.وقال القائد العسكري الكبير quot;ولكن نظرا للعديد من العوامل فان هذه اخر واكبر فرصة للقيادة العراقية لاحراز التقدمquot;. وقال quot;لا اتخيل انهم سيحصلون على فرصة بحجم ودرجة الفرصة الممنوحة لهم الان. وبالتالي فانني ارى ان عليهم ان يستفيدوا منهاquot;.
وكان فالون قد خلف الجنرال جون ابي زيد في قيادة القوات الاميركية قبل شهر. ويعكف على اجراء مراجعة مكثفة للظروف الحالية في المنطقة التي تشملها مسؤولياته الممتدة من مصر وحتى افغانستان.

وتقول المصادر العراقية ان واحدة من الاشارات الاخرى على عودة فرق الموت مجدداً واستئناف التصفيات الطائفية عقب غياب دام أكثر من شهرين عثرت قوات الأمن على أكثر من 25 جثة ملقاة في أنحاء متفرقة في العاصمة امس وبدت آثار التعذيب على جميع الجثث كما حصدت أعمال عنف متفرقة في أنحاء العراق 42 قتيلاً .

وكشفت عن سرقة كمبيوتر محمول quot; لاب توب quot; من مشرحة بغداد يحمل أكثر من 1500 صورة لجثث ضحايا مجهولي الهوية يتم العثور عليهم بين فترة واخرى في بغداد ومدن العراق الاخرى قضى اصحابها في عمليات اغتيال غامضة او انفجارات.واشارت الى ان دائرة المفتش العام في وزارة الصحة قد اكتشفت سرقة الحاسوب الذي عادة ما يتم فيه تخزين صور الجثث التي لم يراجع عليها ذووها والتي يتم ابقاؤها لفترة شهر ثم يتم دفنها في مقابر كربلاء او واسط بعد ان يتم تصويرها تحسبا لمراجعة ذويها. واعتبر مصدر في مشرحة بغداد في دائرة الطب العدلي فقدان أو سرقة هذا الحاسوب كارثة يمكن لها أن تؤزم الوضع الأمني وتذكي نار الطائفية.وقالت إن دائرة الطب العدلي أكبر مشرحة في العراق تستقبل يوميا أكثر من 100 مراجع بحثا عن مفقودين وتقوم بتسهيل مهمة تعرفهم إلى صور الجثث الموجودة لديها إذ يتم إدخال المراجعين إلى الدائرة على شكل دفعات للتعرف إلى أبنائهم.

وقد لقي اكثر من 200 شخص مصرعهم وأصيب حوالى 250 اخرين بجروح في خمس هجمات بينها أربع استخدمت فيها سيارات مفخخة استهدفت أماكن مزدحمة بالمدنيين في بغداد رغم الإجراءات المتخذة ضمن خطة quot;فرض القانونquot; لإعادة الأمن والاستقرار. وفي تفجير هو الثاني من نوعه في المنطقة ذاتها خلال أقل من ثلاثة أشهر قتل أكثر من 115 شخصا وأصيب 137 آخرون بجروح بانفجار سيارة مفخخة متوقفة في شارع الكفاح حيث يقع سوق الصدرية في وسط بغداد. ووقع الانفجار وسط شارع الكفاح وأحدث حفرة بعمق مترين ودائرة قطرها 2.5 متر واختفاء كل أثر للسيارة المنفجرة. وكانت غالبية الإصابات داخل محطة يستقل منها الركاب حافلات نقل صغيرة باتجاه مدينة الصدر وقد احترقوا داخل السيارات والحافلات. وشوهدت جثث متفحمة تحت الحافلات والسيارات التي انقلبت بفعل قوة الانفجار الذي ترددت أصداؤه في وسط بغداد بشكل عنيف. وعمت الفوضى في موقع الانفجار وسط صرخات الاستغاثة في حين كان آخرون ينتحبون لفقدان قريب لهم.

وقد وصلت الى مكان الحادث اكثر من ثماني سيارات إطفاء تحاول إخماد النيران التي اندلعت في السيارات وحافلات نقل الركاب في حين تولت أكثر من 20 سيارة إسعاف نقل الجرحى فقط بينما تولت شاحنات صغيرة من الشرطة والسكان نقل القتلى حيث تم نقل الجثث المتفحمة من موقع التفجير بوساطة عربات نقل مخصصة للسلع التجارية وذلك قبل رفعها إلى الشاحنات. كما جلب سكان الحي شاحناتهم الصغيرة لنقل الجثث المتفحمة في المكان الذي يكتظ بالباعة المتجولين وقدموا المساعدة لرجال الإطفاء في إخراج الجثث من السيارات.

ثم وصل رتل للجيش العراقي وصل إلى المكان فهاجمه المواطنون بالحجارة والشتائم وسرعان ما انسحب فتبعه رتل أميركي رشقوه بالحجارة فانسحب من الموقع هو بدوره. وقد تدمرت واجهات المباني المحيطة بمكان الانفجار كما لحقت أضرار كبيرة بالمنازل المجاورة.

ومما يضع ملامح الفشل امام الخطة الامنية الراهنه انه بالاضافة الى العدد الكبير من القتلى والجرحى الذين راحوا ضحية تفجيرات امس فان عدد ضحايا العنف خلال الأسبوع الماضي كانت 200 قتيل ونحو 300 جريح. وقد تركزت العمليات في المناطق التي تشهد غالبية شيعية. ففي بغداد تركزت في مناطق العطيفية والكرادة والكاظمية فضلا عن حي البياع والشرطة الرابعة إلى جانب سوق المحمودية الشعبية في حين شهدت المحافظات الوسطى والجنوبية عمليات مماثلة وكان أسوأها التفجير الذي حدث في مراب النقل في محافظة كربلاء والذي وصل عدد ضحاياه الى 47 قتيلا و124 جريحا.