الحل يواجه عراقيل إسرائيلية وسورية
مزارع شبعا على طاولة مجلس الأمن

الياس يوسف من بيروت: تتلاحق المشاورات في مجلس الأمن للاعداد لمضمون البيان الرئاسي الذي سيصدر عنه، نتيجة النظر في تقرير الامين العام للأمم المتحدة بان كي -مون حول تنفيذ القرار ١٧٠١ ، وتقرير اللجنة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق حول الحدود اللبنانية - السورية. وسيتناول موقف مجلس الأمن حيال استعادة سيادة لبنان على منطقة مزارع شبعا، والخطوات المتقدمة التي أنجزت في تحديد حدود هذه المنطقة وترسيمها على الخريطة.

وتولي الأمم المتحدة أهمية خاصة لايفادها الخبير الحدودي ميكلوس بنكا الى اسرائيل الأسبوع المقبل لإجراء المطابقة المطلوبة لترسيم الحدود على الخريطة مع الحدود الواقعية للمزارع. وتطالب الولايات المتحدة وفرنسا اسرائيل بالانسحاب من مزارع شبعا لما يعكسه الأمر من انتفاء لمبررات استمرار سلاح quot;حزب اللهquot;. الا ان اسرائيل تواجه الضغوط الدولية للانسحاب بالرفض لأسباب تعود الى اعتبارها ان منطقة المزارع استراتيجية تطل على الجولان السوري المحتل، وان انسحابها منها يعني تقديم انتصار الى quot;حزب اللهquot; . وهي لا تزال تشترط للانسحاب منها بتحقيق وقف النار الشامل بموجب القرار١٧٠١ ، ومنع تهريب السلاح من سوريا الى لبنان، والافراج عن الأسيرين الاسرائيليين لدى quot;حزب اللهquot;.

أما في الجانب السوري، فقد طلب الأمين العام من دمشق في تقريره الرابع حول تطبيق ال ١٧٠١أن تعيد النظر في سياستها حول موضوع مزارع شبعا. وتخوف سياسيونمتابعون لهذا الملف في بيروت مما يخفيه هذا الطلب الذي يوحي أن ثمة عقبات تحول دون تلبية طلب لبنان ترسيم الحدود، وبالتالي التسليم مجددا بمنطق سوريةالداعي إلى ابقاء المزارع رهينة لدى اسرائيل حتى استعادتها من الاحتلال مع الجولان.

وكانت سورية قد احتلت هذه المزارع أواخر خمسينيات القرن الماضي ، قبل أن تحتلها إسرائيل. وتقول مصادر دبلوماسية ان المنظمة الدولية تريد الاستمرار رغم العراقيل في السعي الى تنفيذ مقتضيات القرار ١٧٠١ كافة. وتفيد هذه الاوساط انه بعد خطوة انجاز الترسيم على الخريطة والتمكن من الحصول على وعد اسرائيلي بالانسحاب وعدم عرقلة مساعي المنظمة، سيكون على مجلس الأمن ان يحدد السبيل لبسط سلطة القوة الدولية على منطقة المزارع .

وتضيف المصادر ان هناك حلين يمكن اعتمادهما وعلى المنظمة حسم خياراتها: الحل الأول يقضي ان توسع القوة الدولية العاملة في الجولان السوري المحتل ، أي قوة quot;الاندوفquot;، منطقة عملياتها لتشمل المزارع بعد انسحاب اسرائيل منها، أما الثاني فأن تتسلم قوة quot;اليونيفيلquot; العاملة في الجنوب اللبناني هذه المزارع.

أما الفارق بين الحالتين فهو أن اعتماد الحل الأول يعني الموافقة على الطلب اللبناني، لكن تثبيت لبنانية المزارع سينتظر استكمال تنفيذ القرار ٢٤٢المتعلق بالأنسحاب من الجولان ، بحيث ان قواعد ومقتضيات وجود quot;الاندوفquot; التي يتم توسيع النطاق الجغرافي لعملياتها ليشمل المزارع، يجعل هذه المنطقة خاضعة لها، وهي التي أرساها القرار الصادر حول ذلك عن مجلس الأمن في العام ١٩٦٧ لانهاء الاشتباك على الجبهة السورية - الاسرائيلية آنذاك.

جدير بالذكر ان سورية تبدي تحفظات عن حل منفصل لقضية المزارع يتيح للبنان استعادة سلطته عليها، لأنها تعتبر ان هذا الحل يُسقط أحد خطوط الرابع من حزيران / يونيو١٩٦٧ ، وان ذلك العام الذي شهد احتلالا للجولان ولمزارع شبعا يجب بحسب موقفها ان يتلازم مع الحل للمنطقتين.

أما اعتماد الحل الثاني،أي تسليم هذه المنطقة ل quot;اليونيفيلquot; فيعني اعترافا نهائيا بأن مزارع شبعا لبنانية، وان تجسيد ذلك رهن بترسيم الحدود على الأرض، وفقا للترسيم على الخريطة الذي أنجزته المنظمة، كما يعني ان منطقة المزارع خاضعة للقرار ٤٢٥ الصادر في العام ١٩٧٨ رغم ان احتلالها تم في العام ١٩٦٧ ، وبالتالي يحتم هذا التوجه ان تنسحب منها اسرائيل فورا حتى الحدود الدولية بينها وبين لبنان.


يشار الى ان مزارع شبعا هي منطقة جبلية تقع على الحدود بين لبنان وهضبة الجولان، وهي جيب كان يشكل الحدود اللبنانية - السورية قبل حزيران ١٩٦٧ واليوم هي محتلة من اسرائيل وهي الحدود بين لبنان والجزء من الجولان الخاضع للسيطرة الاسرائيلية. ويمر quot;الخط الأزرقquot; الذي رسمته الأمم المتحدة عام ٢٠٠٠ شمال منطقة مزارع شبعا، وتمتد المزارع وعددها ١٤ طوليا بحدود ٢٤ كيلومترا ويراوح عرضها بين ١٣ و ١٤ كلم، وتقع على منحدرات وتلال وتتدرج من ارتفاع١٢٠٠ متر عن سطح البحر وصولا الى مستواه.

و أبرز ما يدل على استراتيجية المزارع هو العدد الكبير من المراصد العسكرية التي وضعتها اسرائيل فيها منذ عام٦٧ . وتشرف المزارع على جبل عامل والجليل الأعلى، الجزء الجنوبي من سلسلة جبال لبنان الغربية، هضبة الجولان، سهول البقاع وحوران والحولة، وتشكل هذه المزارع المصدر المائي لمعظم روافد نهر الاردن ويجري نهر الحاصباني في ناحيتها الجنوبية، وتختزن في باطنها كميات كبيرة من المياه.

وكانت قبل احتلالها منطقة سكن دائم ل ١٢٠٠ عائلة. وحسب السجلات العقارية والقرارات الادارية اللبنانية يتجاوز عدد العائلات التي تملكها ال ٧٠ عائلة ، وفيها أملاك وقفية عائدة للأوقاف الاسلامية والكنيسة الكاثوليكية في لبنان.