البورصة تسيطر على الاردنيين وتخسرهم quot;تحويشة العمرquot;
قلة فرص العمل وفراغ التقاعد يدفع للمغامرة في سوق البورصة


تمارا بزبز من عمان: مع تزايد عدد المواطنيين الذين يتجهون الى سوق البورصة، رصدنا نتيجة مفادها أن قلة فرص العمل، والفراغ الذي يعاني منه بعض كبار السن من المتقاعدين، ورغبة البعض بالكسب السريع كل ذلك بات يدفع المواطن الأردني إلى المخاطرة بكل ما يملك من مال في مجال البورصة دون أن تكون لديه الخبرة الكافية التي تؤهله لممارسة هذا العمل، الامر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى خسارة مالية جسيمة مع ما يترتب على ذلك من أضرار نفسية وصحية واجتماعية...
ايلاف حاورت عددا من المواطنين والمختصين في الشؤون الاجتماعية والنفسية والاقتصادية لتسليط الضوء على سوسة البورصة.. سيما حين نعلم أن البعض يستدين من الآخرين لتعويض خسارته فيخسر حتى المال الذي استدانه.

المواطن quot;أبو احمدquot; يقول quot;وضعت كل ما لدي في البورصة على أمل أن أحقق ربحا سريعا لكن حصل عكس ما كنت أتمنى فقد خسرت كل ما لدي خلال أشهر قليلة مشيرا الى ان عدم المعرفة في السوق هي التي تؤدي الى الخسارةquot; ويشاطره الرأي quot;خليل المصريquot; حيث يقول ان عدم معرفة الشركات وكيفية التعامل مع البورصة يؤدي الى الخسارة، مشيرا الى ان نسبة كبيرة من أبناء البلد يتجهون الى الاستثمار بالبورصة دون معرفة وعلم بأسرارها.

فراغ قاتل

أما عثمان طالب فيتحدث عما وصفه بالـ quot;مأساةquot; وقع بها والده خلال عمله بالبورصة حيث يقول : quot;تقاعد والدي من العمل في إحدى المؤسسات الحكومية فشعر بفراغ قاتل، وقد انعكس هذا الفراغ على حالته النفسية والصحية وعلى طريقة تعامله معنا كأبناء، وحين ازدادت مساحة الفراغ في حياته وبدأ يشعر بأن دوره في هذه الحياة قد تقلص قرر العمل بالبورصة فخسر كل ماله ما أدى إلى إصابته بجلطة كادت أن تودي بحياتهquot;. ويضيف طالب : quot;ان على المؤسسات الرسمية والخاصة أن تؤسس أندية للمتقاعدين يشغلون بها وقت فراغهم ويمارسون بها أعمالا معينة تحول دون شعورهم بانتهاء دورهم في الحياة ودنو أجلهمquot;.

ويرى سهيل حنا أن البورصة أصبحت عادة لدى بعض الأشخاص، وحين يكسب احدهم مبلغا ما يندفع كافة أصدقائه لشراء أسهم في نفس الشركة، مشيرا الى الخطورة الكبيرة في هذا النشاط إن مارسه الشخص دون خبرة.
وتلاحظ أروى خليل ان معظم المتعاملين في البورصة هم من كبار السن حيث ترى أنهم يندفعون للبورصة لملء وقت فراغهم.

الامل لا ينقطع
وتقول سامية الكردي ان لديها بعض الأسهم مشيرة الى أنها تحب المجهول ولا تخشى الخسارة.
أما بشارة العبد فرغم خساراته المتكررة في البورصة الى ان أمله لا ينقطع في ان يصبح يوما ما من رجال الأعمال الذين لا يشق لهم غبار.

هناك من يسعى للكسب السريع بأقل الجهد

من جهته قال أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور عبد المجيد خمش ان التوجهات الاستثمارية لدى عامة الناس توجهات تميل إلى الربح السريع، مشيرا إلى فئة من الناشطين في البورصة وهم فئة المتقاعدين، حيث اعتبر ان هؤلاء يغلب عليهم الملل ولا يجدون ما يشغلون به وقت فراغهم فيلجأون للبورصة من باب التسلية وتمضية الوقت أحيانا، ومن باب البحث عن دور ونشاط من ناحية أخرى.
وأشار الخمش إلى أن نسبة كبيرة من الذين يتعاملون بالبورصة ليس لديهم خبرة اقتصادية، وهم يرون أن مخاطر البورصة أقل من مخاطر وضع رأس المال في مشروع استثماري، فيضعون أموالهم في البورصة على أمل تحقيق الربح السريع بأقل الجهد. مؤكدا وجود نوعية من الأشخاص يتخذون من هذا المجال عملا، ومنهم من يعتبره تسلية، والجزء الأكبر يعتبره مصدر دخل سريعا.

أنواع المستثمرين بالبورصة

ومن جهته قال الصحافي المختص بالشؤون الاقتصادية خالد الزبيدي ان هناك أنواعا من المستثمرين في البورصة، حيث يوجد مستثمرون quot;مؤسسونquot; من خلال الصناديق والدول، والمؤسسات. وهناك مستثمرون على الأجل المتوسط، وأما النوع الثالث فهم المضاربون، وهم كالملح في الطعام، مشيرا إلى ان هذه الفئة الأخيرة هي معضلة البورصات خلال السنوات الثلاث الماضية.
وأكد الزبيدي ان عدم معرفة السوق يعد مدعاة للخطورة البالغة، موضحا ان على الذي يريد التعامل بالبورصة دراسة السوق والأسهم من ثم اتخاذ القرار المناسب، مؤكدا أن المضاربة في نفس اليوم خطرة.
وشدد الزبيدي على ان الذي يفكر بالربح السريع عليه توقع الخسارة السريعة والكبيرة.

المضاربون يحاولون نفي قاعدة..quot;لكل مجتهد نصيبquot;

ومن جهته أكد أستاذ علم النفس في الجامعة الأردنية الدكتور محمد فهيم انه عندما تنعدم فرص العمل الإنتاجي الحقيقي يبحث المواطن عن بدائل خصوصا حين يكون من الطبقة المتوسطة، مشيرا الى ان ظاهرة تعامل الناس مع البورصة ازدادت بسبب ما يصطلح على تسميته بـ quot;النمذجةquot; أي اعتماد نماذج اقتصادية معينة تعتمد على الربح السريع والسهل، موضحا ان المواطن أصبح يبحث عن الربح الذي يأتي دون مجهود، وأكد أن مثل هذا النموذج الذي يبتعد عن الجهد ويعتمد على الكسب السريع يعد خطرا كبيرا على العقل لأنه ينفي قاعدة quot;لكل مجتهد نصيبquot; كما أن خطورته تكمن في تعويد العقل على مثل هذا النمط من التفكير الذي يعتمد على ضربات الحظ. وحول الآليات التي تسهم في الحد من هذه الظاهرة مشيرا الى ضرورة وجود تشريعات مؤسسية تحدد النسب والحصص في البورصة، كما حمل الإعلام مسؤولية التوضيح للمواطن وتوعيته في هذا السياق، وبين أن البورصة عالم متكامل يجب دراسته قبل الخوض في التعامل معه والتركيز على الحلول طويلة المدى.