القاهرة:تم الكشف في 8 مارس/آذار عن حالة طفل يبلغ من العمر ثماني سنوات من محافظة الفيوم مصاب بأنفلونزا الطيور، ما رفع عدد الإصابات البشرية بالمرض إلى 4 إصابات خلال الأسبوعين الماضيين وأثار مخاوف جديدة من إمكانية انتشار الوباء.

ومنذ ظهور أول إصابة بشرية في مصر في شهر فبراير/شباط 2006، ظهرت بعدها 47 إصابة أخرى، حسب جون جبور، المستشار الطبي للأمراض المستجدة في منظمة الصحة العالمية.

وكانت سيدة تبلغ من العمر 25 عاماً - وهي الإصابة 45 بالمرض - قد توفيت في 4 مارس/آذار، ما جعل العدد الإجمالي للوفيات بسبب أنفلونزا الطيور يصل إلى 20 شخصاً.

وفي بلد مثل مصر التي يصل عدد سكانها إلى 80 مليون نسمة، يعتبر هذا العدد قليلاً نسبياً في مجال الأمراض التي تصيب الإنسان والحيوان معاً.

وكانت الحكومة قد تبنت، بعد أول ظهور لفيروس quot;إتش 5 إن 1quot;، عدداً من الإجراءات للحد من انتشاره والسيطرة عليه للحيلولة دون حدوث إصابات بشرية، حيث تم إعدام 30 مليون طائر تقريباً وتوفير التطعيم المجاني للطيور التجارية ودواجن البيوت.

هل يُلقى اللوم على شبكات التوزيع؟

ويرتبط الانتشار السريع للمرض في مصر بتطور شبكات توزيع منتجات الطيور التي تقوم بنقل ملايين الطيور يومياً ضمن مستويات منخفضة من الأمن البيولوجي، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة تحت عنوان quot;الآثار الاجتماعية والاقتصادية للأمراض الحيوانية العابرة للحدود في الشرق الأدنى مع تركيز خاص على أنفلونزا الطيورquot;، والذي تمت مناقشته خلال المؤتمر الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة الذي انعقد في القاهرة خلال الفترة من 1 إلى 5 مارس/آذار.

وجاء في هذا التقرير أن quot;الحالات الأخيرة لظهور المرض تبدو مرتبطة بعملية الخلط بين البط والدجاج على أسطح المباني وساحات البيوت وقربها من الوحدات الصناعية لإنتاج الطيورquot;، مشيراً إلى أن البط يلعب دوراً كبيراً في بقاء الفيروس.

كما أفاد التقرير أنه على الرغم من قلق القطاع الطبي لانتهاء 60 بالمئة من الإصابات بفيروس quot;إتش 5 إن 1quot; بالوفاة، إلا أن quot;القلق الأكبر يتمثل في احتمال أن ينجم عن فيروس إتش 5 إن 1 الموجود حالياً في مصر فيروس جديد يصيب البشر ويسهل انتقاله من شخص لآخر ويخلق وباء أنفلونزا بشريquot;.

الإصابات في المناطق القروية


يساهم انخفاض مستوى الأمن البيولوجي لدى شبكات توزيع منتجات الطيور التي تقوم بنقل ملايين الطيور الحية يومياً في نشر مرض أنفلونزا الطيور في مصر، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)
وقد انتشر مرض أنفلونزا الطيور بشكل خاص حتى الآن في المناطق الريفية في مصر. وكانت الإصابة البشرية الوحيدة التي حصلت في منطقة حضرية هي تلك التي ظهرت في شبرا عام 2007.

وأفاد عبد الناصر عبد الغفار، ممثل وزارة الصحة والسكان في اللجنة القومية العليا لمكافحة أنفلونزا الطيور، أن القوانين المصرية تمنع تربية الطيور في المناطق الحضرية، غير أن هذه القوانين لا تحظى باحترام الجميع. فهناك من يربي الطيور في المدن الكبرى، الأمر الذي يشكل خطراً كبيراً في حال بدأت الإصابات في الظهور بين الطيور في المدن، وخصوصاً إذا بدأ الفيروس بالانتقال إلى البشر.

ويقول الخبراء إن عدم حصول إصابة بشرية في المناطق الحضرية يرجع إلى أن الدواجن لا تعيش مع الأشخاص في المكان نفسه في تلك المناطق، بل تكون في العادة معزولة فوق أسطح البيوت. ويتكفل شخص واحد فقط بشكل عام بالاهتمام بها ولا يُسمح للأطفال باللعب بالقرب منها، حسب عبد الغفار.

وأضاف قائلاً quot;في القرى، تجد الناس والطيور يعيشون معاً. وتغيير ثقافة الناس ليس بالأمر السهل. كما أن بعضهم لا يعون مخاطر أنفلونزا الطيور ولن يصدقوها إلا بعد أن يصيبهم مكروهquot;.

أعلى نسبة وفيات خارج آسيا

وتضم مصر أعلى نسبة إصابة بالفيروس وأعلى نسبة وفاة خارج آسيا. فبالإضافة إلى ثقافة تربية الدواجن في ساحات البيوت، تشجع الكثافة السكانية في المناطق الحضرية على انتشار الطيور المصابة ما قد يؤدي إلى انتشار وبائي سريع، حسب عبد الغفار.

وعلى الرغم من ذلك، لا يكفي خطر الإصابة بأنفلونزا الطيور لإقناع سكان الأرياف بضرورة التخلي عن مصدر رزقهم هذا، حسب جبور من منظمة الصحة العالمية، الذي أشار أيضاً إلى أن معظم حالات الإصابة البشرية بأنفلونزا الطيور تظهر بين النساء والأطفال، لأن النساء هن اللواتي يعتنين بالطيور في حين يلعب الأطفال بالقرب منها.

وتقوم الحكومة حالياً بمساعدة منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة وغيرهما من منظمات الأمم المتحدة بوضع خطة طوارئ في حال حدث انتشار وبائي للمرض. وقد تم إنشاء لجان استجابة في جميع أنحاء البلاد بينما قامت كل وزارة باتخاذ الخطوات اللازمة لتوفير الخدمات التي يحتاجها الناس في حال حدوث انتشار وبائي. كما تم الاهتمام بأي نقص محتمل في الأغذية والكهرباء والمياه والاتصالات.

رفع الوعي

مازالت تربية الطيور في الباحات الخلفية للمنازل منتشرة في مصر
وأفاد عبد الغفار أنه تم تكليف 14,000 عاملة صحية لتثقيف السكان حول كيفية التعامل مع الطيور المريضة أو النافقة وكيفية حماية أسرهم من الإصابة بالعدوى. وكل العاملات الصحيات هن من سكان المناطق اللواتي يعملن فيها ومعروفات لدى المجتمعات المحلية، وهو تكتيك لجأت إليه الحكومة لتثقيف الناس دون إحراجهم بتوظيف أشخاص من خارج القرية.

ويتم توفير التطعيم اللازم للدواجن التي تتم تربيتها في ساحات المنازل، ولكن لا يعرف ذلك كل القرويين الذين يربون الطيور على أسطح بيوتهم، حسب جبور. أما طيور المزارع فتتم تربيتها في بيئة مراقبة وتحصل على التطعيم اللازم. ومن بين 47 شخص الذين أصيبوا بالمرض إلى اليوم، كان شخصان فقط يعملان في المزارع التجارية ولم يمت أي منهما.

وأفاد عبد الغفار أن بعض القرويين يعمدون إلى إخفاء تربيتهم للطيور في البيوت، حتى عندما يأتون إلى المستشفى وهم يعانون أعراض أنفلونزا الطيور، لأنهم يفضلون حماية طيورهم وسبل عيشهم.