وزير الاقتصاد السلوفاكي في حديث لإيلاف:
التبادل التجاري السلوفاكي العربي لا يزال قليلاً

الياس توما من براغ: أدت الأزمة الاقتصادية العالمية إلى تراجع أداء الاقتصاد السلوفاكي كالكثير من الدول الأوروبية الصغيرة الأخرى التي يتميز اقتصادها بالانفتاح من جهة، وبالاعتماد على الصادرات من جهة أخرى، غير أن الحكومة السلوفاكية اتخذت حزمة سريعة من الإجراءات ساهمت في التخفيف من تداعيات هذه الأزمة على سكان واقتصاد البلاد، الأمر الذي جعلها تتجنب الدخول في حالة انكماش عميقة، أو حدوث أزمات اقتصادية واجتماعية حادة.
وقد فقدت سلوفاكيا نتيجة لتداعيات هذه الأزمة عليها اللقب الذي كان يطلق عليها سابقاً وهو quot;النمر الاقتصادي لوسط أوروباquot; غير أن الاقتصاد السلوفاكي يمتلك الكثير من المقومات، حسب المحللين الاقتصاديين، للانطلاق بسرعة بعد تراجع غيمة الأزمة الاقتصادية العالمية المطبقة على الأجواء الدولية.

ويرون بأن من المقومات التي تسمح للاقتصاد السلوفاكي بالانطلاق بسرعة من جديد الأداء السياسي المتوازن للحكومة السلوفاكية وحراكها النشط في مختلف الاتجاهات بحثاً عن أسواق وعلاقات اقتصادية جديدة، وتنشيطاً للعلاقات التقليدية التي كانت لها زمن تشيكوسلوفاكيا، ولاسيما مع الدول العربية.
quot;إيلافquot; التقت وزير الاقتصاد السلوفاكي لوبومير ياهناتيك للحديث عن الفرص التي تقدمها سلوفاكيا للمستثمرين العرب، وعن العلاقات الاقتصادية بين بلاده والعالم العربي، إضافة إلى تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد السلوفاكي:

ـ ما هي الإمكانيات والفرص الاستثمارية التي يمكن أن تقدمها سلوفاكيا للمستثمرين العرب؟
ـ تهتم سلوفاكيا بتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع دول الشرق الأوسط، ولهذا فقد تم تبني قواعد شفافة لدعم المستثمرين الذين يريدون توظيف استثماراتهم لدينا، ونهتم بشكل أكبر بالمشروعات التي تكون فيها القيمة الإضافية عالية، غير أنني أعتقد أن سلوفاكيا تمتلك إمكانيات أكبر في مجال التعاون الاقتصادي.
إننا نعرض في الوقت الحاضر منتجات حديثة وتكنولوجيا متطورة في المجال الزراعي مثلاً، وفي مجال البنية التحتية وفي قطاعات السيارات والطاقة والآلات والمنتجات الزجاجية والصيدلانية والصناعات الكيماوية...
كما تتوافر لدى سلوفاكيا منتجات حديثة تدخل ضمن الصناعات الدفاعية وأجهزة المراقبة في المطارات. أما المنتجات المستقبلة التي يمكن لسلوفاكيا تصديرها فهي أجهزة الاتصالات ومنتجات كيماوية خاصة وتقنيات البناء وأجهزة طاقة وتنقية. والمجال الثاني الذي يمكن قيام تعاون استثماري فيه هو قطاع السياحة، فسلوفاكيا بلد جميل وغني بالمياه الطبيعية والمعدنية، ولذلك تشكل أساساً ممتازاً لتطوير مجال المصحات.
ونرى أن هنالك فرصة كبيرة أيضاً للتعاون الاستثماري في بناء وتوسيع المصحات وشبكات الفنادق وبناء مراكز جديدة للتزلج أو إشادة حدائق مائية تعمل طوال العام.

ـ كيف تقوّمون التعاون الاقتصادي والتجاري الحالي بين سلوفاكيا والدول العربية، وأين ترون إمكانيات تطويره؟
ـ تقوم الحكومة السلوفاكية بتطوير علاقاتها الاقتصادية والتجارية بشكل براغماتيكي مع الجهات العالمية الأربع، وليس لديها من وجهة النظر الاقتصادية المبرر لرفض أي جهة تعبر عن رغبتها بالتعاون أو تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية معها.
إن هذه الفلسفة قد أتت بها الحكومة السلوفاكية الجديدة برئاسة روبرت فيتسو، ونحن نعي بأن سلوفاكيا تحتاج فتح أسواق جديدة أمام منتجاتها، وفي الوقت نفسه نريد الاستفادة من أسس وتقاليد التعاون التي كانت قائمة في الماضي، أي من حقبة تشيكوسلوفاكيا السابقة، لأن من شأن ذلك خلق المجال المناسب أيضاً للتعاون في الوقت الحاضر والمستقبل، وإننا نرى بأنه من الخطأ عدم تجريب التواصل والاستفادة من التجارب الماضية، والاستفادة من هذه الفرصة التي لدينا.

إن حجم التبادل التجاري بين سلوفاكيا والدول العربية في العام الماضي لم يكن كبيراً، وشكّل فقط 0.40 % من دخل سلوفاكيا أما بالتعبير المادي لذلك فإن حجم التبادل التجاري بيننا وبين الدول العربية كان العام الماضي 393 مليون يورو، فيما كان في عام 2007 على مستوى 309 مليون يورو.
وعلى الرغم من هذا الارتفاع المعتدل في حجم التبادل، إلا أننا نرى بأن هناك احتياطاً لا يزال موجوداً في العلاقات الاقتصادية والتجارية المشتركة، ولهذا لدينا الاهتمام، وقد قمنا باتخاذ العديد من الخطوات المحددة للإقلاع بعلاقات أكثر تكثيفاً مع الدول العربية.

_ ماهي تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد السلوفاكي؟
ـ سلوفاكيا تمتلك اقتصاداً منفتحاً بشكل كبير، حيث تصل مساهمة الصادرات في الإنتاج القومي الإجمالي إلى 87.5 %، وبالتالي فإن مثل هذا الانفتاح للاقتصاد يعتبر عاملاً إيجابياً، عندما يكون هناك ازدهار، في حين يعتبر هذا الأمر سلبياً عندما تكون هناك أزمة.
إن سلوفاكيا لم تتسبب بالأزمة الاقتصادية العالمية، غير أن هذه الأزمة عالمية، وبالتالي يتوجب علينا أن نساهم في حلها في إطار الاتحاد الأوروبي، ولاسيما عن طريق دعم المبادرات لزيادة الإنتاج ومنع الإجراءات الحماية ودعم الإنفاق المحلي، كي يبقى الناس محتفظين بأعمالهم.
وتعمل الحكومة السلوفاكي الآن في هذه الإطارات، وكمثال على ذلك يمكن إيراد الاستمرار في بناء الطرق السريعة واستكمال بناء محطة موخوفتسي النووية، حيث سيتم خلق 10 آلاف فرصة عمل جديدة.
إن البطالة العالية تعتبر على الأرجح النتيجة الأكبر للازمة الاقتصادية، ولهذا اتخذت الحكومة السلوفاكية العشرات من الإجراءات للتخفيف من تداعيات الأزمة، تتمحور حول تخفيف الإجراءات الإدارية، وتحسين الوصول إلى القروض، ولاسيما بالنسبة إلى رجال الأعمال من الحجمين الصغير والمتوسط.
إن وزارة الاقتصاد السلوفاكية شكلت نهاية العام الماضي لجنة متابعة لتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على الشركات السلوفاكية الصغيرة والمتوسطة، وتقوم اللجنة أيضاً ببحث الوضع الآني في التوظيف وتفعيل الاقتصاد وإمكانيات تصريف المنتجات والمقدرات التصديرية ووضع كل فرع من الاقتصاد بهدف تحديد المجموعات الأكثر عرضة للتهديد من الأزمة، ومن ثم اقتراح القيام بخطوات محددة، وعرضها على مجلس الأزمة الاقتصادية الذي يتخذ الإجراءات التي تعتبر حلاً وسطاً يتم الاتفاق عليه بين ممثلي مختلف الشرائح المعنية، أي الحكومة والنقابات واتحاد أصحاب الأعمال وممثلي مختلف المدن والمناطق.