مشهدية لافتة كانت في استعراض حزب الله العسكري في بلدة القصير السورية، مشهدية تزامنت مع عيد الإستقلال اللبناني مع ما تمثله بلدة القصير من رموز في اتجاهات عدّة، فلمن وجّه حزب الله رسائله من خلال هذا الإستعراض العسكري؟

إيلاف من بيروت: هي المرة الأولى التي يقوم بها حزب الله منذ نشأته باستعراض فرقة عسكرية مؤللة خارج الأراضي اللبنانية وفي بلدة القصير السورية تحديدًا، فما هي الرسائل الموجهة من قبل حزب الله، وما هي رمزية هذه المشهدية الإستعراضيّة؟

يؤكد النائب السابق مصطفى علوش لـ "إيلاف" أنه من الواضح أن تزامن هذا الإستعراض العسكري مع تزامن الإستعراض العسكري للجيش اللبناني في 22 نوفمبر، له دلالات كثيرة، ويريد حزب الله أن يؤكد من خلاله أن دولته تختلف عن لبنان، واستقلاله يختلف عن استقلال لبنان، والإستعراض في بلدة القصير بالذات يبقى للتعبير عن حدود الدولة التي يعتبرها حزب الله امتدادًا له على الأقل لمدى السنوات الماضية، حيث ظهر أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد غير قادر على الإستمرار في المحافظة على حدود السورية التابعة لإيران، وإذا لاحظنا التطهير المذهبي الذي جرى&في القصير وصولاً إلى الزبداني وأيضًا الذي يجري في الغوطة الشرقية حاليًا، نلمس أن حزب الله يرسم معالم لحدود دولة يريد أن تكون له بمثابة مداه الحيوي، وهي المتصلة بشكل مباشر مع إيران، وصولاً إلى البقاع.

إسرائيل

عن تفسير البعض لمشهدية حزب الله الإستعراضية في القصير بأنها رسائل تهديد باتجاه إسرائيل، يلفت علوش إلى أن حزب الله لو أراد إرسال رسالة تهديد لإسرائيل لكان قام بذلك من الجنوب اللبناني مباشرة، أو من الحدود اللبنانية السورية، ولكن تبقى بلدة القصير بعيدة نسبيًا عن إسرائيل، وتبقى المشهدية الإستعراضية لحزب الله موجهة للعرب والشعب السوري وللشعب اللبناني، بأن لبنان يتلهى بالقشور المسماة الدولة اللبنانية مع تشكيل حكومتها وعلاقات دبلوماسية وإقتصادية، وهم، كحزب الله يشتغلون على مجال آخر.

مدرعات أميركية

ماذا عن الحديث عن وجود مدرعات أميركية في المشهدية الإستعراضية لحزب الله، كيف وصلت هذه المدرعات ليد حزب الله؟ يلفت علوش إلى أن على الحكومة الأميركية أن تتحرى حول هذا الموضوع، ولا نعرف كيف حصل عليها حزب الله، هل حصل عليها مباشرة من أميركا؟ هل حصل عليها بطريقة غير مباشرة؟ هل حصل عليها من إسرائيل؟ تبقى الأسئلة برسم الحكومة الأميركية.

تداعيات

ما هي تداعيات مشهدية القصير على لبنان؟ يؤكد علوش أن التداعيات تبقى في استمرار الوضع الشاذ وعنوانه التدخل لحزب الله في سوريا، وبينما الأفرقاء اللبنانيون من رئيس الجمهورية، إلى رئيس الحكومة اللبناني المكلف، إلى أفرقاء طبيعيين في لبنان يجهدون لتأمين الإستقرار وإيجاد مخارج دستورية للوضع القائم، وإعادة الإنتعاش للإقتصاد، فإن حزب الله يتوجه إلى الجميع من خلال هذه المشهدية الإستعراضية، انه في مجال آخر يختلف تمامًا عن هذا المجال.

عن أسباب اختيار بلدة القصير ورمزيتها بالنسبة لحزب الله، يلفت علوش إلى أن رمزيتها تبقى أنها المدينة السورية الأولى التي احتلها حزب الله وهو يقول إنها مقدمة لتغيير المعالم الجغرافية، وأعلنها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في أكثر من مناسبة.

هل سيبقى حزب الله يستعرض ويتفاخر بتدخله في سوريا؟ يؤكد علوش أن حزب الله أعلن في الماضي انه ينتمي إلى أمة حزب الله، وهذه الأخيرة تبدأ في طهران ولا تنتهي بمكان واضح حتى الآن، ولكن بالنسبة لحزب الله فهو يؤكد أنه في مكان آخر، ولا علاقة له بالمشهدية اللبنانية، ولا علاقة له بحدود الدول القائمة، ولديه مشروع آخر هو مشروع ولاية الفقيه.

الحرب الإسرائيلية

عن التقارير الإسرائيلية التي تتحدث باستمرار عن سيناريوهات الحرب المقبلة، ما مدى دور حزب الله في استفزاز اسرائيل من خلال مشهديته الإستعراضية؟ يلفت علوش إلى أن حزب الله سيتحاشى أي حرب أو مواجهة مع إسرائيل لأنه يتلهى بمسائل أخرى، أما إسرائيل فتضع دائمًا سيناريوهات متعددة، وبعض الأحيان سيناريوهاتها تأتي لخدمة من يعتقد أنهم أعداؤها أي حزب الله الذي يستفيد إعلاميًا من الأمر.

ويلفت علوش إلى أن لبنان لا يحتمل المزيد من تلك المشهديات الإستعراضية من قبل حزب الله، ولكن السؤال يبقى هل يأبه حزب الله بالأمر، فطبعًا لا، وإلا لما أرسل آلاف المقاتلين إلى سوريا وتسبب في تدمير الإقتصاد وقام بحرب تموز 2006، حيث أيضًا جماعته متهمة باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الذي كان عنوان الإستقرار في لبنان، وعمليًا لا يمكن أن نتعامل مع حزب الله على أنه مكون لبناني، فأعضاؤه وأفراده لبنانيون ولكن يبقى مكونًا عسكريًا إيرانيًا موجودًا على الساحة اللبنانيّة.