أكد الدكتور جمال زهران، أستاذ &العلوم السياسية في جامعة بور سعيد وعضو سابق في مجلس النواب، أن الحرب على الإرهاب لن تنتهي في ظل عدم قضاء الدولة على منابع الفتنة، معتبرًا أن حزب النور السلفي من أهم مصادر نشر الفتنة والإرهاب في البلاد.&

إيلاف من القاهرة: قال زهران "إن شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي في تراجع كبير، بسبب قيامه بإصدار قرارات ضد الشعب، وعلى رأسها تعويم الجنيه المصري"، مطالبًا الرئيس بضرورة التراجع عن تلك القرارات، وإلا ستكون العواقب وخيمة على السيسي والشعب، مشيرًا إلى أن قوى الفساد مازالت منتشرة في الدولة، وأن الرئيس لن يستطيع مواجهتها مستقبلًا، وللمزيد من المعلومات، فإلى نص الحوار:&

هل هناك دوافع سياسية تقف وراء حادث تفجيرات كنيسة البطرسية في القاهرة؟

- الذين قاموا بالتفجيرات الإرهابية الأخيرة يريدون توصيل رسائل سياسية عدة، أهمها إجهاض السطلة السياسية للبلاد، وإشاعة أنها تعمل ضد الأقباط، وبالتالي تكون هناك فرصة للتدخل الخارجي بهدف حماية الأقباط، فهناك تفكير خارجي يسعى دائمًا إلى إحداث أزمات داخلية لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، باعتباره من نتائج ثورتي 25 يناير و30 يونيو، فالهدف دائمًا هو أن تكون مصر غير مستقرة.

لفصل الدين عن السياسة
من بالتحديد لا يريدون الاستقرار لمصر؟
- بعض الدول والتنظيمات الخارجية تقف وراء الأحداث التي اندلعت في مصر أخيرًا، سواء أكانوا من الإخوان أو دولًا عربية أم أوروبية، ولكن المشكلة أن هناك منابع داخلية لا تريد الاستقرار لمصر، وعلى رأسها حزب النور السلفي، الذي يعتبر مصدرًا أساسيًا لوجود الإرهاب وزرع الفتنة في مصر، فالسلفيون لهم علاقة بالإرهاب وهم مموّلون رسميًا من دول عربية من أجل زرع الفتنة الداخلية في المجتمع، فجميع فتاوى مشايخ السلفية، وعلى رأسها الشيخ ياسر برهامي، تعد سببًا مباشرًا في نشر الإرهاب بين الشباب، فالدولة إذا أرادت القضاء على الإرهاب نهائيًا، لا بد أن تتدخل لمنع تمويل السلفيين في مصر، والقضاء على جميع الأحزاب الإسلامية وقنواتهم.

ماذا عن تجديد الخطاب الديني الذي يعتبر أحد مصادر مواجهة الإرهاب؟
- الأزهر ليس له دور واضح حتى الآن في مواجهة الإرهاب، فتجديد الخطاب الديني حبر على ورق فقط، سواء داخل الكنيسة أو الأزهر والأوقاف، ونجاح هذا الملف يتطلب ضرورة تنقية الأزهر من قبضة السلفيين والفكر السلفي المنتشر بداخله جامعًا وجامعة، وأن يبتعد عن ربط الدين بالسياسة، وأن ينحصر تركيز الأزهر وكذلك الكنيسة في مجال الدعوة فقط، بحيث لا يكون هناك ما يسمى التعليم الأزهري قبل الجامعي وما بعده.

هل ترى أن المواجهة الأمنية كفيلة بالقضاء على الإرهاب؟
المواجهة الأمنية لن تقضي على الإرهاب في مصر، فتجديد الخطاب الديني ورفع مستوى التعليم ورفع المستوى الاقتصادي للشباب أهم أساسيات المواجهة الشاملة، فالدولة مطالبة بضرورة تعميق الدولة المدنية، وذلك لن يكون إلا عن طريق أبعاد المؤسسات الدينية عن السياسة، وسيطرة الدولة على كل منافذ التعليم، بحيث يتم توحيد التعليم تحت وزارة واحدة تسمى وزارة التعليم، على أن يلغى التعليم الأزهري والخاص والأجنبي.&

الحل هو القانون
هل تغيير قانون الإجراءات الجنائية كاف لسرعة محاسبة الإرهابيين؟
الحل الوحيد &لسرعة مواجهة الإرهاب يتمثل في تعديل القانون، بحيث تنظر المحاكم العسكرية في قضايا الإرهاب، على أن يصدر الحكم بإعدام كل إرهابي. أما محاكمة الإرهابيين أمام القاضي الطبيعي فلن تقضي بسرعة على الإرهاب، وهذا الإجراء لا يحتاج تعديل الدستور كما يروّج البعض، فالتعديلات الجديدة في القانون تنص على اعتبار الكنائس والمساجد والكمائن الأمنية للداخلية منشآت عسكرية، ويجب أن تكون الحكومة جادة في ذلك، وإلا تحوّل الأمر إلى وعود، كما حدث من قبل عقب كل حادث إرهابي.
&
هل تؤيد المطالب بإقالة وزير الداخلية عقب تفجير كنيسة البطرسية؟
وزير الداخلية كان لا بد أن يقال بعد حادث مقتل المستشار هشام بركات النائب العام السابق، فاستمراره في موقعه حتى الآن خطر وخطأ، خاصة وأن حادث الكنيسة تم بسبب خلل أمني، فأين أجهزة اكتشاف المتفجرات الموجودة مع قوات الأمن أمام الكنائس، كما إن جميع الحوادث الإرهابية السابقة لم نعرف حتى الآن هل تمت فيها محاسبة الضباط المسؤولين عن الخلل، فكل ما يصدر من الداخلية عقب كل حدث إصدار حركة تنقلات فقط.

فالشعب لا بد أن يعرف سير التحقيقات، وعلى الداخلية فتح حوار مجتمعي مع الأحزاب والمجتمع، بحيث تكون هناك مشاركة معهم في مواجهة الإرهاب، بدلًا من توجه أصابع الاتهام إلى الداخلية عقب كل حادث، بحيث يكون الشعب متحملًا المسؤولية مع وزير الداخلية.

لا تغيير جذريًا
هل ما زال الرئيس السيسي محافظًا على شعبيته كما كانت في وقت انتخابه؟
- شعبية الرئيس تأثرت كثيرًا بشكل سلبي، فهو يغامر بشعبيته الأولى التي حصل عليها في وقت انتخابه 98%، وهو وحده الذي يتحمل ذلك بسبب اتخاذه العديد من القرارت ضد الشعب، ومنها تعويم الجنيه، ورفع أسعار بعض الخدمات الأساسية، وحذف البعض من البطاقة التموينية، وكون الشعب لم يخرج في مظاهرات 11/11، فليس لأنه راض عن القرارات، ولكنه يدرك مدى المخاطر الخارجية التي تواجه البلاد، فكان لا بد من الصبر على تلك القرارات، التي سوف يؤدي استمرارها إلى حدوث انفجار يومًا ما في وجه الرئيس، وهو ما يتطلب ضرورة التراجع عن القرارات الأخيرة فورًا، حتى يحافظ على ما تبقى من شعبيته، وإلا سيكون الأمر غير محسوب المخاطر، وسيكون السيسي في مأزق شديد شعبيًا في الانتخابات الرئاسية المقرر لها عام 2018، &فثورتا يناير ويوينو قامتا من أجل التغير في السياسات، وهذا لم يحدث حتى الآن، فرجال أعمال وأعلام مبارك مازالوا مسيطرين على أجهزة الدولة، والسيسي لم يستغل الظهير الشعبي، الذي كان حوله في بداية حكمه للقضاء على نظام حكم مبارك.

لماذا تعتبر اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل سببًا رئيسًا في تراجع البلاد؟
- مصر تعرّضت لتدميرعلى المستويات كافة عقب حرب أكتوبر، وبدء التآمر على مصر عقب توقيع اتفاقية السلام الوهمي مع إسرائيل، فمصر خسرت الكثير بسبب تلك الاتفاقية، والجيش المصري تأخر كثيرًا في ترتيبه وإعداده، إلى أن تنبه الرئيس السيسي إلى ذلك، وبدأ بتجديد الجيش عن طريق شراء العديد من الأسلحة الحديثة، كما حدث أن أدى السلام إلى تراجع في الثقافة والتعليم وقيم المجتمع، وذلك عن طريق تحكم الولايات المتحدة من خلال المعونة المالية بفرض شروط على مصر، على عكس العدو الصهيوني، فقد استفاد من السلام عن طريق عزل عن الأمن القومي العربي، ما كان سببًا في حدوث العديد من الخلافات المصرية العربية الآن.

حكم الفساد
لماذا فشلت الحكومة حتى الآن في مواجهة الفساد داخل مؤسسات الدولة؟
- الفساد تفشى في جسم الدولة المصرية والمجتمع، ويكفي أن حجم الفساد عن طريق سرقة أراضي الدولة بلغ 2 ترليون جنيه، أي تخطى قيمة مديونات مصر بكثير، وحتى الآن لم يتم مواجهة الفساد بالشكل الواضح والحاسم، ولجنة المهندس إبراهيم محلب الخاصة بمكافحة فساد الأراضي دورها بطيء، وأرى أن قوى الفساد تكبّل يدي السيسي، ولا تجعله قادرًا على مواجهة الفساد أو القضاء عليه.

باعتبارك نائبًا برلمانيًا سابقًا كيف تقيّم أداء مجلس النواب؟
- البرلمان الحالي مزيّف لإرادة الشعب، حيث يغلب عليه الفكر الموالي للحاكم، ومجلس النواب يدار من خارجه من خلال قوى تابعة للدولة تحتمي فيه وتحرك قرارته لمصلحتها، ولا توجد بداخله معارضة حقيقية، فالأعضاء، إما من الحزب الوطني أو سلفيون، الأمر الأهم أن البرلمان الحالي يرتكب البلطجة دستوريًا، حيث لم يلتزم بالفصل بين السلطات عن طريق تنفيذ أحكام محكمة النقض الخاص بتصعيد بعض المرشحين على حساب نواب في المجلس، فهناك أكثر من 100 حكم لم يقوم المجلس بتنفيذه، &كما إن المجلس ارتكب عددًا من المخالفات الدستورية عن طريق بطلان موعد فض الدورة البرلمانية الأولى، كذلك عدم التزام النواب بالتفرغ لدورهم النيابي، فمعظم النواب يجمعون بين عضويتهم بالبرلمان وعملهم الخاص، من بينهم رئيس ائتلاف دعم مصر، وهو ما سوف يؤدي في النهاية إلى حدوث أزمة دستورية عن طريق صدور أحكام من المحكمة الدستورية ببطلان بعض قرارات المجلس.


&