فيما توافقت الكتل السياسية العراقية على بقاء حيدر العبادي رئيسًا للوزراء، فإن الحكيم يحشد لمليونية غدًا الجمعة في 14 محافظة عراقية لتوضيح موقفه من التشكيلة الحكومية ومبادرته للإصلاح، بينما سحب المرشح لحقيبة المالية والتخطيط علي علاوي ترشيحه في هذه التشكيلة.

بغداد: أكد مسؤولون عراقيون اتفاق الكتل السياسية على بقاء حيدر العبادي في منصبه رئيسًا للوزراء، وان تقوم هي بترشيح وزراء من التكنوقراط الكفوئين والنزيهين وتقديمهم اليه. وكشف رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري عن توافق الكتل السياسية على بقاء العبادي، موضحًا ان هذا التوافق شمل محاور عدة، أولها المضي لإجراء التغيير الشامل مع وجود تساؤلات حول الوزارات الامنية وبعض الوزراء الاخرين.

وأوضح أن الشق الثاني من الاتفاق يقضي بأن تقدم مكونات المرشحين، ولرئيس الوزراء ان يضع الضوابط، وهو من يوافق في نهاية المطاف، ويقدم تشكيلته الى مجلس النواب لاحقًا.

رسالة علي علاوي إلى الشعب العراقي يعلن فيها سحب ترشيحه لحقيبة المالية

واضاف ان المحور الثالث من التوافق ينص على انه اذا وجدت ضرورة لترشيق الحكومة، رغم ان التوجه العام هو الإبقاء على الحقائب الوزارية كما هي عليه سابقًا وتوزيعها على الكتل السياسية، وكذلك شمول الهيئات المستقلة والوكالات في عملية التغيير ضمن جدول زمني متفق عليه.

وعن مصير رئيس الوزراء حيدر العبادي في حال فشل مساعي التغيير الوزاري، اشار الجبوري في مقابلة تلفزيونية الليلة الماضية الى ان التركيز ينصب حاليًا على تغيير الوزراء، مع بقاء العبادي في منصبه، وان يقوم هو بتشكيل الحكومة او يُغير الوزراء الحاليين. واوضح ان الكتل السياسية لا تضع عملية تغيير رئيس الوزراء هدفًا اساسيًا لها، وانما تتحدث عن تقديم مرشحين تكنوقراط كفوئين ونزيهين.

وفي ما اذا كان هناك تدخل دولي في هذا الامر، اشار الجبوري الى ان هناك حوارًا عن دور القوى الدولية والاممية، حيث ان بعض هذه القوى تقدم المشورة والنصح، والبعض الآخر يبني تصورات تجد الاطراف السياسية ضرورة مراعاتها.

وكان تقرير لوكالة رويترز تحدث أمس عن دخول الولايات المتحدة وإيران في تحالف ضمني لدعم العبادي، وهو يتحدى النخبة الحاكمة بخطط لتشكيل حكومة من غير السياسيين، يتصدى بها للفساد. ونقل التقرير عن سجاد جياد، وهو محلل يقدم المشورة الى رئيس الوزراء، بحسب الوكالة، قوله إن "الأميركيين والإيرانيين والمرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني كان لهم جميعًا الرأي نفسه بإبقاء العبادي في السلطة، ويعيّن وزراء جددًا.

الحكيم يحشد لمليونية في 14 محافظة غدًا الجمعة
من جهته، يحشد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم لمليونية غدًا الجمعة في 14 محافظة عراقية، حيث سيوجّه خطابًا الى الشعب العراقي، يتحدث فيه عن آخر التطورات السياسية في البلاد، ومبادرته للاصلاح، التي قدمها الى رئاسة البرلمان الاثنين الماضي.

ومن المنتظر ان يتناول الخطاب موقف المجلس الاعلى من موضوع الإصلاحات ومشاوراته مع الكتل وحراكه لتكوين الكتلة الوطنية العابرة للطوائف والتأكيد على أهمية المضي بإصلاحات شاملة وفق أسقف زمنية محددة.

وقد حظيت مبادرة الحكيم بتأييد كل من واشنطن وطهران والامم المتحدة حين عرضها خلال اليومين الماضيين على السفير الايراني دانائي فر ومبعوث اوباما الى العراق بريت ماكغورك والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش.. لكن العبادي رفضها متمسكًا بتشكيلته الحكومية التي قدمها الى البرلمان الخميس الماضي، مشيرًا الى ان البرلمان له الحق في الموافقة عليها او رفضها او اجراء تعديلات عليها.

تتشكل مبادرة الحكيم من مسارين "لتشكيل حكومة التكنوقراط لاخراج البلد من الوضع المأزوم الذي وصل اليه وتجاوز الانسداد السياسي الحالي والحفاظ على مرتكزات العملية السياسية والتنسيق والتعاون بين القوى السياسية المختلفة" مع الحفاظ على الشرعية الدستورية والنيابية للحكومة وتوفير الغطاءات المناسبة لها سياسيًا، كي تساعدها على اتخاذ خطوات كبيرة وجوهرية وبإسناد برلماني وسياسي كبير.

وتنص المبادرة في مسارها الاول على تمثيل المكونات الاساسية في حكومة التنكوقراط من خلال منحها حقها بترشيح تكنوقراط، ان كان مستقلاً أو سياسيًا، للمواقع المحددة ضمن مواصفات وشروط يضعها رئيس الوزراء مع صلاحيته بالبتّ بالمرشحين. وطالبت بتحديد تسعين يومًا لتنفيذ الجزء الاول من خارطة الطريق، تبدأ من منتصف الشهر الحالي، وتنتهي في منتصف شهر تموز (يوليو) المقبل لتقويم ما تحقق وتقويم التزام جميع الاطراف بالواجبات الملقاة على عاتقهم، اضافة الى اعتماد برنامج حكومي مركز وواقعي، يغطي الفترة المتبقية من مدة تكليف الحكومة، محددًا بأسقف زمنية واضحة لكل مهمة فيه.

واشارت مبادرة الحكيم الى انه في حال تعذر المسار الاول هذا، فإنه يتم اعتماد المسار الثاني، الذي يقضي بالعمل على تغيير تشكيلة الحكومة والدعوة الى حكومة تكنوقراط تشمل رئيس مجلس الوزراء والعمل على حفظ التوازن الوطني في الحكومة المزمع تشكيلها، كما نص الدستور وتشكيل كتلة عابرة للمكونات، تكون داعمة لحكومة التكنوقراط، ويحدد ذلك بسقف زمني مدته ثلاثون يومًا.

تشكيلة المرشحين للحكومة تتشظى قبل عرضها للتصويت
فيما رفضت اللجان البرلمانية المختصة عددًا من المرشحين لتشكيلة العبادي الجديدة، فقد اعلن علي عبد الامير علاوي المرشح لمنصب وزير المالية والتخطيط في التشكيلة الحكومية الجديدة التي قدمها العبادي إلى مجلس النواب الخميس الماضي سحب ترشيحه لهذا المنصب. وقال علاوي في رسالة وجّهها الى الشعب العراقي، واطلعت "إيلاف" على نسخة منها: "لقد تم ترشيحي لمنصب وزير المالية والتخطيط في التغيير الوزاري المقترح، ووافقت على ان يطرح اسمي على مجلس النواب الموقر". 

واضاف "ولكن خلال الايام الاخيرة، وبعد مراقبة تسلسل الاحداث، لاحظت تداخلات سياسية وتجاذبات فئوية، ستؤدي حتمًا الى إجهاض مشروع الاصلاح الجذري والشامل الذي عملت على انجازه منذ سنين".

وقال "كان مشروع حكومة الكنوقراط المستقلين مقدمة الى مشروع اوسع يتضمن محاربة الفساد واصلاح الاداء الحكومي وخلق فرص عمل وتحفيز القطاع الخاص وبداية جدية لتطوير وتحديث الاقتصاد العراقي وإلحاق هزيمة حقيقية ونهائية للإرهاب تمهيدًا لبناء دولة المؤسسات والمواطنة، وليس دولة الطوائف والاثنيات". وختم علاوي رسالته بالقول "بناءً على ما تقدم قررت سحب ترشيحي لهذا المنصب".

وشغل علاوي حقيبة التجارة ثم الدفاع في حكومة مجلس الحكم وحقيبة المالية في الحكومة العراقية الموقتة بين عامي 2004 و2005.. وهو من مواليد 1947 في بغداد، وخاله هو الراحل أحمد الجلبي، رئيس المؤتمر الوطني العراقي سابقًا، ويحمل الجنسية البريطانية. 

وعلاوي هو ثاني مرشح يسحب ترشحه من التشكيلة الوزارية بعد نزار محمد سليم النعمان (كردي) الذي اعلن الجمعة الماضي سحب ترشحه من وزارة النفط، بسبب ما قال انه "عدم وجود توافق سياسي على التشكيلة الوزارية الجديدة".

يذكر انه نظرًا إلى إصرار الكتل السياسية على عدم تخليها عن استحقاقاتها الانتخابية، فإن اتفاقًا غير مكتوب قد توصلت اليه هذه الكتل بترشيح وزراء تقول انهم سيكونون من التكنوقراط وتقديم اسمائهم إلى العبادي في تشكيلة بديلة. فقد رفضت غالبية اللجان البرلمانية المختصة مرشحي العبادي، حيث ان لجنة التعليم العالي رفضت المرشح لوزارة التعليم العالي عبدالرزاق العيسى، والقانونية رفضت المرشح لوزارة العدل محمد النصر الله، فيما اعلنت اللجنة المالية رفضها المرشح علي عبد الامير علاوي، ولجنة الشباب والرياضة رفضت المرشح عقيل مهدي لوزارة الشباب والثقافة والسياحة.

في هذا الاطار، اكد مقرر مجلس النواب نيازي معمار اوغلو وجود ملاحظات وتحفظات كثيرة على لائحة المرشحين الجدد داخل اروقة البرلمان.. موضحًا ان كتلًا سياسية ترفض بنحو صريح الترشيحات جملة وتفصيلاً مثل كتلة التحالف الكردستاني، فضلاً عن اعتراضات لدى كتل تحالف القوى العراقية السنية وتحفظات من كتل التحالف الوطني الشيعي.

والخميس الماضي، حسم العبادي التغيير الوزاري في تشكيلته الحكومية، وقدم الى مجلس النواب قائمة بأسماء 13 مرشحًا لحقائب وزارية، وصفهم بالتكنوقراط، مع بقاء حقيبة وزارة التجارة والصناعة شاغرة، واستثناء حقيبتي الداخلية والدفاع من التغيير، بسبب الاوضاع الامنية التي تشهدها البلاد في حربها ضد تنظيم "داعش" في مناطق غرب وشمال البلاد.

وقد تم منح مجلس النواب عشرة ايام لدراسة السير الذاتية للمرشحين من قبل لجنة ثلاثية تمثل القوى السياسية، ويترأسها رئيس البرلمان سليم الجوري وتنتهي الاحد المقبل.