سلم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى البرلمان اليوم تشكيلة وزارية كاملة لتوزيعها على الكتل السياسية لدراستها قبل التصويت عليها، والتي قال إنها اختيرت على أسس المهنية والكفاءة والنزاهة والقدرة القيادية، فيما طوقت قوات الامن مبنى البرلمان تحوطًا لاقتحامه من قبل المعتصمين.

لندن: سلم العبادي في ختام اجتماع عقده مع رئاسة مجلس النواب، تشكيلة حكومية كاملة عدا وزارتي الدفاع والداخلية طالبًا اطلاع الكتل السياسية على المرشحين فيها، وتحديد وقت للتصويت عليها، حيث ستضم 18 وزيرًا بدلا من 32 وزيرًا، الذين تضمهم الحكومة الحالية. 

ويتم الان خلال جلسة البرلمان دراسة اتخاذ قرار بالتصويت على كامل التشكيلة الوزارية المرشحة أو على قسم منها ثم يتم الاسبوع المقبل التصويت على البقية بعد أن يقدم العبادي سيرًا ذاتية عنهم.

وقال المكتب الاعلامي للعبادي في بيان صحافي اطلعت على نصه "إيلاف"، إن رئيس الوزراء حضر إلى جلسة مجلس النواب لالقاء كلمة مهمة تتضمن مراحل واجراءات تنفيذ الاصلاحات الشاملة وعرض قائمة بأسماء المرشحين للوزارات وسيرهم الذاتية الذين تم اختيارهم من قبل لجنة الخبراء المتخصصة على اسس المهنية والكفاءة والنزاهة والقدرة القيادية في ضوء وثيقة الاصلاحات الشاملة.

ومن جهتها، فقد طوقت قوات من الجيش بعد ظهر اليوم مبنى مجلس النواب، وذلك بعد وصول العبادي إلى المبنى لتقديم تشكيلته الوزارية الجديدة. وطوق عدد من مركبات الجيش المدرعة (همرات) مبنى مجلس النواب مع قوات أخرى من الجيش، كما أكدت وسائل اعلام محلية اطلعت على تقاريرها "إيلاف". 

وقبيل ذلك أجرى العبادي مباحثات اللحظة الاخيرة مع لجنتين مكلفتين بترشيح وزراء التغيير الحكومي المتوقع أن يقدمه إلى البرلمان بعد ظهر اليوم في تأجيل للموعد المحدد بساعات وسط اجراءات امنية مشددة وانتشار مكثف للقوات الامنية المدعومة بالمدرعات مع غلق مدخل المنطقة الخضراء المؤدي للبرلمان.

واجتمع العبادي مع لجنة الخبراء لاختيار المرشحين للحقائب الوزارية التي يترأسها النائب مهدي الحافظ، ومع اللجنة الثلاثية للتحالف الشيعي التي تضم هادي العامري رئيس منظمة بدر، وحميد معلة القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي، وفالح الفياض مستشار الامن الوطني. وقد بدأ البرلمان جلسته الاعتيادية بمناقشة بعض مشاريع القوانين المعروضة عليه بانتظار وصول العبادي لتقديم تشكيلة تضم 8 وزراء جدد.

ومن جهته، ارسل العبادي مبعوثًا إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، المعتصم داخل المنطقة الخضراء، لابلاغه باختيار عدد من مرشحيه لتولي حقائب وزارية، بينما وصل ايضا مستشار رئيس البرلمان إلى خيمة مفاوضات الصدر لابلاغه بضرورة التهدئة والعمل على عدم انفلات الوضع من خلال تصرفات غير محسوبة لانصاره المعتصمين خارج الخضراء.

وانتشرت القوات الأمنية بكثافة في المنطقة الخضراء وحولها، تحسباً لاقتحام أتباع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المقرات الرسمية مع انتهاء المهلة التي حددها البرلمان للعبادي لتقديم تشكيلة حكومة التكنوقراط. وانتشرت عناصر قوات لواء بغداد المخصص لحماية المنطقة الخضراء المحصنة بمحيط المنطقة، تمهيداً لوصول العبادي.

كما تم اغلاق عدد من الجسور والطرقات المحيطة بالمنطقة الخضراء ومقترباتها، فيما عززت القوات الامنية انتشار عناصرها بالمدرعات والحواجز والاسلاك الشائكة على جسري الجمهورية والسنك والطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء، ما ارغم المواطنين إلى السير على اقدامهم للالتحاق بأعمالهم، فيما فضّل البعض المكوث بمنازلهم ومتابعة آخر التطورات عبر شاشات التلفزيون.

ومن جهته، اعلن مصدر سياسي مقرب من مكتب رئيس الوزراء أن العبادي ماضٍ باصلاحاته وبالتغيير الوزاري، وأن ضغوط بعض الكتل هي للحفاظ على مكتسباتها وإحداث فوضى. 

وقال إن البعض يحاول عمدًا عرقلة الاصلاحات والتغيير الوزاري، وان يذهب بالبلد والعملية السياسية إلى منزلق خطير مع وجود تحديات امنية وسياسية واقتصادية وحرب ضد العصابات الارهابية، مما يحتم كشف اصحاب المصالح الخاصة، ومن يريد الحفاظ على امتيازاته من اجل أن نسير بالبلد إلى بر الامان والحفاظ على امن وسلامة المواطنين وتحقيق الاصلاحات التي يريدها المواطنون، والتي يعبر عنها المتظاهرون في اعتصاماتهم، كما نقلت عنه الوكالة الوطنية العراقية للانباء.

واضاف المصدر أن هناك تغييرًا وزاريًا سيكون لتنشيط جميع القطاعات وستقدم الاسماء، كما أن هناك اجراءات تم اتخاذها امس في ما يخص محاربة الفساد، وهناك اصلاحات في قطاعات الاقتصاد والصناعة والزراعة والاستثمار وغيرها، وان التحديات التي يمر بها بلدنا جعلتنا اقوى وسنستمر بطريق الاصلاحات.

وكان العبادي أكد امس انه سيعلن تغييره الوزاري اليوم الخميس إلى مجلس النواب، كما وعد في الاسبوع الماضي، مجددًا عزمه وتصميمه على المضي بالتغيير الوزاري والاصلاحات الشاملة، كما أكد في كلمته يوم امس التي اوضح فيها للمواطنين حقيقة ما يجري من تجاذبات بين الساسة والكتل حول المواقع والمكتسبات، وان هناك من يقف في وجه التغيير بينما يعلن في الاعلام عكس ذلك.

وكان العبادي دعا الثلاثاء مجلس النواب والكتل السياسية إلى تحديد موقفهم بشكل واضح من مسألة الإصلاحات.. موضحًا أن كتلاً سياسية أصرت على أن يتم ترشيح الوزراء من قبلها مع مطالب أخرى شعبية باختيار الوزراء خارج المحاصصة. وأشار إلى أنّه ليس من الحكمة تقديم تشكيلة وزارية تواجه بالرفض من مجلس النواب.

وعلى الفور رفضت كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري المشاركة في التشكيلة الحكومية الجديدة، في حين صوت مجلس النواب العراقي الاثنين الماضي على إمهال العبادي حتى غد الخميس لتقديم تشكيلته الوزارية الجديدة، مهدداً باستجوابه في حال عدم تقديم التشكيلة الحكومية خلال تلك المدة.

يذكر أن العراق يشهد توتر الأوضاع السياسية منذ الاعتصامات التي بدأها انصار التيار الصدري أمام بوابات المنطقة الخضراء، وسط بغداد، الجمعة الماضي، للمطالبة بالإصلاحات، فيما تصاعدت تلك التوترات بعد دخول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى المنطقة الخضراء الأحد الماضي، والاعتصام بداخلها.