انتهى مسؤولون روس وأميركيون من كتابة دستور لسوريا، وهو ما اعتبره قانونيون ومعارضون سوريون أنه قدم شكلاً هجينًا لنظام الدولة القادم في سوريا، كما يعدّ تجاوزاً لإرادة الشعوب وتدخلاً خطيراً في الشؤون الداخلية المفصلية.

وقال لـ"إيلاف" الدكتور مخلص المبارك، استاذ القانون الدستوري في جامعة دار العلوم سابقاً، والخبير في القانون الدولي، إن "المشروع الروسي المسرب للدستور السوري القادم لا يعتبر طرحاً عملياً، ويفتقر الى الكثير من أسس الواقعية السياسية ويتناقض مع سياق التطور التاريخي والاجتماعي والثقافي لسوريا".

كما اعتبره "سابقة دولية مستغربة ومستهجنة تؤسس لنوع جديد من الدساتير المفروضة من الخارج، والتي تشكل تجاوزاً لإرادة الشعوب وتمثل شكلاً جديداً من أشكال فرض الوصاية على الدول وانتهاكاً لسيادتها، وهذا يتناقض مع أبسط المبادئ والاعراف الدولية التي تؤكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها واختيار شكل نظامها السياسي، وفي الحالة السورية يعتبر ضرباً بالحائط بكل المقررات الدولية التي تؤكد على أن الشعب السوري هو صاحب الحق الوحيد في اختيار نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي دون ضغط أو تدخل خارجي".

وأوضح المبارك أن "هناك اتجاهاً واسعاً في الفقه الدستوري ينكر امكانية أن يوضع الدستور بموجب اتفاقية دولية أو أن يفرض من خارج الدولة، نظراً لأن رأي الشعب صاحب المصلحة في الدستور مغيب في ذلك، كما أن أي دستور يعتبر انعكاساً طبيعياً لتاريخ الدولة السياسي وتطوره وحصيلة تفاعل عوامل داخلية سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ومرآة لما تشهده الدولة من تطورات وتغييرات، وبالتالي فإن فرض الدستور السوري من الخارج يتنافى مع ماهية الدستور ووظيفته".

وأكد أن "المشروع الروسي قدم شكلاً هجيناً لنظام الدولة القادم في سوريا، حيث استبدل النظام شبه الرئاسي الموجود حالياً بموجب دستور 2012 بنظام هجين يجمع بين النظام البرلماني وبين النظام المجلسي المعمول به في سويسرا، ويجمع معظم السلطات ومظاهر السيادة في الدولة بيد السلطة التشريعية بمجلسيها (جمعية الشعب وجمعية المناطق)، مما يشكل تحدياً سياسياً واجتماعياً تاريخياً أمام الشعب السوري وسعيه للاستقرار السياسي والاجتماعي".

وشدد على "أن وضع دساتير الدول يمر بمسار تأسيسي وهو مسار إنجاز الدستور الذي يبدأ بتحديد الهياكل الوطنية والافراد التي سوف تشارك في صياغته (جمعية تأسيسية أو مجلس تشريعي، لجنة خاصة) وينتهي بدخول الدستور حيز التنفيذ، وخلال هذا المسار التأسيسي يتم الاتفاق على مضامين الدستور بما يعكس توافقاً وطنياً جامعاً، ومن ثم تأتي عملية كتابة الوثيقة الدستورية بلغة قانونية محكمة وتجعل من النصوص قابلة للتطبيق". وبالنسبة للوضع السوري، أضاف المبارك في هذا الاطار فهو يتطلب "أن يكون المسار التأسيسي للدستور مساراً تفاوضياً وتشاركياً من مختلف مكونات المجتمع السوري".

من جانبه، شجب أبو زهير الشامي، القائد العام لغرفة عمليات دمشق وريفها، "أي إعلان يشاع عن وضع دستور الجمهورية العربية السورية بنصوص وبنود تشرعن التقسيم ووجود المحتل الروسي، ويصاغ تحت بنود الوجود العسكري و بالقوة العسكرية في مناطق فرض وجوده غير المشروع جملة وتفصيلا".

واعتبر في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه، "أن هذا التواجد العسكري الذي فرض نفسه بقوة السلاح، لقصف وقتل الشعب السوري بكل&عنجهية، منتهكًا كل الأعراف الدولية لحقوق الإنسان وحرمة الوطن والمواطنين، غير مؤهل وليست له الصلاحية بفرض شروطه تحت أي بند قانوني دولي أو داخلي".

وشدد "أن من له الحق الوحيد لصياغة الدستور الوطني للجمهورية العربية السورية هم فقط الشعب &السوري"، مجددًا الرفض الدائم لأي تواجد لأية دولة تنتهك "حرمة أراضينا، وبالتالي نرفض التدخل في الشأن السوري العام والخاص من أي طرف كان،&سواء أكان عدوًا أو صديقًا".

وكانت جريدة الاخبار اللبنانية قد سربت موادَّ من الدستور الجديد، تقول في احدى فقراتها، "في حال عجز رئيس الجمهورية عن تأدية مهامه الرئاسية، يتحتم على جمعية الشعب&في كافة المحافظات السورية والمناطق أن تقوم بتأدية المهام الرئاسية واتخاذ القرارات اللازمة"، وهو ما رأى فيه الشامي "إتخاذ الخطوة الأولى في طريق التقسيم لخلق دويلات على اختلاف المناطقيات المزمع رسمها".