رأى معارضون سوريون أن روسيا غير متمسكة ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، لكن ايران تخالفها في هذه الرؤية، كما ان ايران تعتقد بفاعلية الحل العسكري تجاه الحفاظ على حليفها، فيما تحبذ روسيا الحل السياسي وتنسق مع أميركا بغية الخروج بأقل الخسائر.

إيلاف من لندن: اعتبر المعارض السوري حمزة الرستناوي أنه لا خلافات روسية ايرانية تذكر في الملف السوري، وقال لـ"إيلاف": "لا نجد خلافات فعلية وكبيرة بينهما، فنقاط الالتقاء والتقاطع بينهما كبيرة يمكن اجمالها في الحفاظ على صلاحية واستمرار نظام الاسد".

ورغم كل ما يقال الى الآن عن خلافاتهما حول بقاء شخص الاسد في رأس السلطة ، اضاف الا "أنها أقرب الى التحليل والتكهنات"، ودعا الى أن التفكير جدّيا بـ "ما الذي يزعج الروس ويُنقص من نفوذهم في الشرق الاوسط إن بقي بشار الاسد على قمة السلطة، و هل بشار الاسد من الحماقة لكي يهدد المصالح الروسية؟".

تحجيم النفوذ

وقال ان الهدف الروسي العام أيضا هو "تحجيم النفوذ الغربي الاميركي في الشرق الاوسط، وهذه مصلحة روسية أساسا وتحجيم النفوذ الاقليمي (السنّي) ممثلا بدول الخليج وتركيا، وهذه مصلحة ايرانية اساسا". وأضاف: "على كل حال تصلح القضية السورية لتكون مؤشرا هاما حول خارطة النفوذ العالمي القادمة ومدى نجاح الطموحات الامبريالية لإيران وروسيا في تحقيق أهدافها".

لكن الكاتب السوري حسام يوسف قال لـ"إيلاف" إن هناك ما يمكن ان يقال عنه "صدام مصالح ايران مع روسيا وخيارات ما بعد الأسد"، ورأى أنه "ليس من الغريب أو المدهش أن تجدد طهران تمسكها ببقاء بشار الأسد رئيسا لسوريا، ولكن المفاجئ هذه المرة أن يصدر هذا التصريح في وجه موسكو أقوى حلفاء الأسد وداعميه، لاسيما في ظل ما يحمله مثل هذا الكلام من دلالات ومؤشرات توحي بأن سوريا باتت قريبة من منعطف يغير مجريات الأمور فيها تماما، إلى جانب إمكانية نشوء تحالفات جديدة قد تكون مفاجأة بحد ذاتها".

ولاحظ يوسف أن "أهم ما ينضوي تحته التصريح الايراني الذي جاء على لسان علي أكبر ولايتي مستشار المرشد، هو احتمالية ان تكون ايران قد لمست بشكل جدي تقبلا لدى موسكو لمسألة إزاحة الأسد او تشكلا عندها مخاوف حول ذلك"، لافتا الى ان تركيز هذه التصريحات الايرانية يأتي "بعد امتلاك روسيا قواعد عسكرية إضافية في سوريا وزيادة عدد قواتها على الأرض، الامر الذي قد يعني بشكل أو بآخر أن مصالح روسيا في سوريا لم تعد مرتبطة بشخص الأسد، وإنما في استمرار نهج النظام في سوريا الخالية من عائلة الأسد، لاسيما مع ما نشره بعض الصحف العبرية والغربية عن وجود اتفاقات حول مصير بعض كبار ضباط النظام ومنحهم خروجًا آمنا من سوريا".

وأكد يوسف أن "ما يزيد من أهمية التصريح الإيراني ودلالاته، أنه يأتي في وقت يشهد تقاربا كبيرا بين واشنطن وموسكو الطرفين الأكثر فاعلية في الملف السوري، وهو التقارب الذي اعربت طهران صراحة عن عدم رضاها عنه، وهو الأمر الذي يبدو أنه قد أقلق طهران جديا من امكانية أن يثمر هذا التقارب حلا سياسيا يقصي الأسد من الحكم في سوريا، واستبداله بشخصية سنية حتى وإن كانت من النظام نفسه وهو أكثر ما تخشاه إيران على اعتبار ان مثل هذا السيناريو سيفضي إلى تدمير مصالحها في سوريا والقائمة بشكل واضح ومباشر على اساس طائفي بحت"، بحسب اليوسف .

خيارات طهران

أما بالحديث عن خيارات طهران في حال اقرار حل سياسي في سوريا وفق السيناريو السابق فأوضح أنها تنحصر في ثلاثة خيارات، أولها "العودة إلى نقطة الصفر المتمثلة بزيادة دعم الأسد عبر ارسال المزيد من المقاتلين إلى سوريا سواء من المرتزقة أو الحرس الثوري أو حزب الله، وذلك بهدف زيادة اقناع الأسد بضرورة التمسك بالسلطة ورفض اي اتفاق سياسي يقصيه، واسترجاع دور ايران الذي سرقه الروس في سوريا، بالاضافة إلى محاولة افساد الهدنة الحالية كون ايران تعتبر تلك الهدنة أساس البلاء لمصالحها". وأضاف: "إن هذا الخيار هو الأقرب للواقع بل يمكن القول إنها شرعت به فعلا، عبر لجوئها إلى استفزاز الثوار في خان طومان جنوب حلب في محاولة لفتح الجبهة من جديد".

أما حول الخيار الثاني أمام إيران، فأشار الى أنه "يتمثل بتسليمها بمسألة سقوط الأسد والسعي لفصل مصالحها عنه من خلال تشكيل قوة شبيهة بالحوثيين أو حزب الله أو ميليشيات الحشد الشعبي".

ولكن في الواقع اعتبر أن "لجوءها لهذا الاحتمال ضعيف لعدة نواح أهمها، أن سقوط بشار الاسد ، ان تم ، فسيكون باتفاق سياسي ، وان ذلك يعني سقوط السلاح والمظاهر المسلحة كافة واعادة هيكلة الجيش السوري الشيء الذي لا يتوافق مع مصالح ايران على اعتبار أن كافة جيوبها بالمنطقة العربية هي عبارة عن ميليشيات مسلحة، ناهيك عن الاعتبارات الديموغرافية التي يشكل فيها المكون الشيعي اقلية قليلة جدا غير قادرة على تشكيل مثل تلك الميليشيات".

وبذلك يبقى آخر الخيارات أمام ايران للتعامل مع امكانيات إيجاد حل سياسي، "هو اللجوء إلى السيطرة على العقارات والاستملاك في المناطق التي تمثل بعدا استراتيجيا للمصالح الإيرانية في سوريا لاسيما دمشق وريفها الغربي والجنوبي، وذلك إما من خلال سياسة التطهير الطائفي التي يتبعها حزب الله في الزبداني ومضايا والقلمون الغربي المحاذي للحدود مع لبنان، أو إجبار أهالي دمشق على بيع عقاراتهم وأملاكهم، وهي الظاهرة التي شهدت انتشارا كبيرا خلال العام الماضي".
&