الرئيس التركي رجب طيب إردوغان

تساءل بعض الكتاب في الصحف العربية "ما الكسب الذي يمكن لإردوغان تحقيقه من وصف جيرانه بالنازيين والفاشيين؟" محذرين من تداعيات ذلك على خلق مناخ لانتعاش اليمين المتطرف في أوروبا.

في المقابل، انتقد كتاب السلوك الهولندي بمنع وزراء أتراك من دخول البلاد، واصفين إياه بالتصرف "المشين".

يقول راجح الخوري في جريدة النهار اللبنانية: "الهياج التركي ضد الدول الأوروبية سياسة متعمد من رجب طيب إردوغان، الذي يريد تأجيج الشعور القومي عند مؤيّديه، ليحصد أكبر عدد من الأصوات في الاستفتاء الذي يجري يوم ١٦ نيسان/أبريل المقبل، لإعطائه حكماً رئاسياً يجعله سلطان سليم عصره".

ويضيف محذراً: "السيئ في كل هذا ان العلاقات بين تركيا والأسرة الأوروبية تتهاوى باستمرار منذ محاولة الانقلاب التركية في 15 تموز/يوليو الماضي وانزلاق تركيا أكثر فأكثر نحو الحكم الاستبدادي وخصوصاً بعدما شملت الاعتقالات أكثر من مائة ألف تركي".

وفي الجريدة نفسها، ينتقد جهاد الزين التصعيد التركي، قائلاً: "ستكون الإردوغانية، المشتقّة من سيرة الرئيس التركي إردوغان، عنوانا لكل خدعة تَحَوُّلِ رجلِ سياسة أو رجل دولة يأتي في انتخابات حرة باسم دَمَقْرَطةِ النضال ضد الوصاية العسكرية على السلطة، ويتحوّل بعد السماح له بالوصول إلى ديكتاتور يفعل عكس ما كان يدّعيه في السابق".

وعن تهديدات إردوغان، يقول كريم عبد السلام في اليوم السابع المصرية: "تأخرت أوروبا كثيراً في التحرك لمواجهة الرجل المريض بالإرهاب القابع في قلب القارة العجوز يوزع تهديداته يميناً ويساراً ويدعم الجماعات الإرهابية علناً ويقيم لها معسكرات التدريب ويطلقها باتجاه دول الشرق الأوسط، ثم يستقبل موجات النازحين العرب في مخيمات اللاجئين، ليستخدمهم كورقة ابتزاز وتهديد ضد الدول الأوربية مجدداً".

"معارك دونكيشوتية"

ويتساءل طارق مصاروة في جريدة الرأي الأردنية: "ما هي القيمة المضافة لنظام تركيا الرئاسي، لإطلاق آلاف الأتراك في شوارع أوروبا. علماً بأن بعضهم يحمل الجنسية الألمانية أو الهولندية، وبعضهم أعضاء في البرلمانات والمجالس المنتخبة؟! وما الكسب الذي يمكن لإردوغان تحقيقه من وصف جيرانه بالنازيين والفاشيين، وهما صفتان يعرف الذين عاشوا في أوروبا بشاعتهما في مجتمعات ديمقراطية، لها وجهها الانساني الحقيقي؟!"

ويذهب مصاروة إلى التحذير من أن "المعركة الكلامية ليست قطعاً في مصلحة أوروبا الديمقراطية. فالتحرش سيعطي لليمين صفات اليمين الأمريكي، ومن غير المستبعد أن يحوز اليمين المتطرف على مكاسب مؤذية لفرنسا أو هولندا".

كما تتساءل جريدة الأهرام المصرية في افتتاحيتها: "كيف يريد إردوغان إرغام دول ذات سيادة علي الخضوع لإرادته، والسير في ركابه؟".

من جانبه، يرى عريب الرنتاوي في جريدة الدستور الأردنية أن تصعيد إردوغان ما هو إلا "معارك دون كيشوتية"، ويقول: "ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتكتيك "شد العصب القومي" لدى الأتراك لتحقيق أغراض سياسية، انتهازية بالأساس".

"مشاعر معادية" لإردوغان

رجب طيب إردوغان

من ناحية أخرى، يدين عيسى الشعيبي السلوك الهولندي على أساس أن "منع وزراء أتراك من دخول هولندا هو بالأساس تصرف مشين "، ويضيف: "ما حدث لوزير خارجية تركيا في هولندا، وما جرى مع نظيرته وزيرة الأسرة أيضاً، لم يكن ابن ساعته، جراء فورة غضب مفاجئة، بل كان على الأرجح قراراً معبراً عن مناخ أوروبي عام تسوده مشاعر معادية لزعيم حزب العدالة والتنمية، أملاها النزوع التركي المتزايد نحو السلطوية، الأمر الذي خلق استخفافاً متراكماً، إن لم نقل نوبة استهانة وضيق بالزعامة التركية المثيرة لكل أنواع سوء الفهم في محيطها الاوروبي، ناهيك عن جوارها الشرق أوسطي الواسع".

أما أحمد منصور فيرى أن "الصدام الأوروبي التركي قادم لا محالة، لكن كل العوامل ليست في صالح أوروبا في هذه المرحلة"، ويقول في جريدة الوطن القطرية: "أردوغان يدرك تماماً أن أوروبا لن تسمح بدخول تركيا للاتحاد الأوروبي المسيحي الذي كشر عن أنيابه مؤخراً ودعم مع الولايات المتحدة حسب مسؤولين أتراك محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي جرت في شهر يوليو/ تموز العام الماضي".

ويرى الكاتب أن الاتحاد الأوروبي "يسعى الآن للتضييق على الأتراك حتى لا يتحولوا للنظام الرئاسي رغم أن هذا شأن داخلي تركي سيقرره الشعب التركي لكنهم يدركون جيدا أن يقظة المارد التركي يمكن أن تؤدي إلى تراجع مكانة أوروبا التي يشكل الأتراك امتداداً طبيعياً في قلبها ليس من خلال الأتراك المقيمين فيها ولكن من خلال خمسة عشر مليوناً يقيمون في شرق أوروبا في منطقة البلقان".

وانتقد جمال سلطان في جريدة المصريون السلوك الهولندي أيضاً، وتساءل: "الاستفتاء الدستوري التركي لماذا يفزع أوروبا ؟!"

ويضيف: "الذي لا صلة له بسياسة ولا منطق ولا احتراف هو الموقف الأوربي الذي فجر الأزمة من الأساس ، والذي حشر نفسه في استفتاء داخلي يخص الشعب التركي ، وقرر خوض المعركة ضد إردوغان وحزب العدالة والتنمية التركي كما لو أن الحكومات في ألمانيا وهولندا والنمسا هي أحزاب تركية ، هذا تطرف لا يصدق في جنونه وغرابته" .