بعد يومين من إعلان اقليم كردستان العراق عن موعد استفتائه الشعبي حول الانفصال، أكد العبادي مستندًا إلى دستور البلاد معارضته لانفصال الاقليم، فيما توسعت الخشية الداخلية والخارجية من النتائج المترتبة على إجرائه على وحدة العراق وتوتير أوضاع المنطقة.

إيلاف من لندن: أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، اليوم الجمعة، معارضته لانفصال اقليم كردستان عن العراق مستندًا في ذلك الى السدتور العراقي الذي ينص على وحدة البلاد.

وقال المتحدث الرسمي بإسم المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء سعد الحديثي في بيان صحافي تابعته "إيلاف"، إن العراق يستند الى الدستور كمرجعية لتحديد العلاقة بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان مؤكدًا "انه لا يمكن لاي طرف تحديد مصيره بمعزل عن الآخرين".

واشار الى أن "أي قرار يخص مستقبل العراق يجب ان يراعي النصوص الدستورية فهو قرار عراقي ولا يخص طرفًا دون غيره".. مضيفاً بالقول "نحن نستند الى الدستور كمرجعية قانونية وسياسية لتحديد العلاقة بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان، ولذلك يجب ان تكون لجميع العراقيين كلمتهم بخصوص مستقبل وطنهم، ولا يمكن لأي طرف تحديد مصيره بمعزل عن الآخرين". 

وشدد على ان "أي قرار في ما يخص هذا الشأن يجب ان يتم بالتشاور مع الاطراف الاخرى ويراعي التوافق الوطني".

وينص الدستور العراقي الذي اشار له المتحدث الرسمي في مادته الاولى على أن "جمهورية العراق دولةٌ اتحادية واحدة مستقلةٌ ذات سيادة كاملة نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق". ويؤكد هذا النص الذي وافقت عليه القيادات الكردية ومواطني الاقليم في الاستفتاء الشعبي الذي جرى عليه اواخر عام 2005 على وحدة العراق.

وكانت الأحزاب الكردية في إقليم كردستان العراق قد اعلنت الاربعاء الماضي عقب اجتماع ترأسه رئيس الاقليم مسعود بارزاني عن اتفاقها على إجراء الاستفتاء الشعبي على مصير الإقليم في 25 سبتمبر المقبل وإجراء الانتخابات البرلمانية وانتخابات رئاسة الإقليم في السادس من نوفمبر المقبل.

قوى سياسية عراقية تعارض

واعتبر حزب "اتحاد القوى الوطنية" اصرار الاكراد على اجراء الاستفتاء بشأن انفصال اقليم كردستان عن العراق البذرة الاولى لتقسيم البلاد وتقزيمها، وقال إن اصرار القادة الاكراد على اجراء الاستفتاء للانفصال عن الوطن وضم بعض المدن والمحافظات مثل محافظة كركوك لهذا المخطط يعد البذرة الاولى لتقسيم العراق وتقزيمه وبما يحقق اهدافًا مريبة تصب في مصلحة أعداء العراق.

وشدد الحزب على رفضه تنفيذ هذا المشروع الذي وصفه بالخطير.. وقال إن واقع القيادة السياسية في اقليم كردستان ليس كالسابق، حيث ان السنوات المنصرمة أفرزت مشاكل كبيرة في ما بينها حول إدارة الإقليم وسوء التخطيط خصوصًا من الناحية المالية لتلافي الحالة الاقتصادية المزرية للمواطن الكردستاني، ولذلك فإنهم قد جعلوا من قضية الاستفتاء نقطة للهروب من هذه المشاكل، الامر الذي سيؤثر سلبًا على وضع الاكراد من ناحية وادخال العراق في أزمة كبيرة على الصعيدين الخارجي والداخلي.

وحذر الحزب الذي يترأسه النائب محمد الحلبوسي من ان الإصرار على هذا المطلب هو لادخال البلاد بصورة عامة في أزمة سيدفع الجميع نحو الهاوية.. مطالباً قادة كردستان بايقاف هذه القضية والكف عن المزايدات والمتاجرة والتلاعب بمشاعر الفقراء.. قائلا إن الاحرى بقيادة الاقليم دفع رواتب الموظفين، وليس تسويق شعارات لاتغني ولاتشبعهم من جوع". 

 

أكراد يرفعون شعارات تؤيد الانفصال

 

وطالب الحزب الامم المتحدة والجامعة العربية وجميع منظمات المجتمع الدولي بالوقوف ضد هذه الخطوة التي قال انها ستؤدي الى تقسيم العراق. 

ومن جهتها، رفضت كتلة الفضيلة النيابية الشيعية قرار بعض القوى السياسية الكردية بالتمهيد لاستفتاء استقلال اقليم كردستان. وقالت إن القرار يفتقد للمستند الدستوري والمبرر القانوني، معتبرة أن الخطوة "تهيّئ بذور الانقسام والتوتر في الاقليم".

وقال رئيس الكتلة عمار طعمة في بيان إن "الاستفتاء يفتقد إلى المستند الدستوري والمبرر القانوني ويأتي في مرحلة محفوفة بالتهديدات الأمنية المشتركة للعراقيين المتطلبة لوحدة وتكاتف وانسجام شديدين". 

واشار الى أن "التحديات الأمنية الكبيرة التي يواجهها العراقيون وتقلبات المنطقة وتوتراتها المتزايدة تتطلب الالتزام بوحدة العراق وتعزيز تماسك مكوناته وتجنب أي قرار أو خطوة تقود للانقسام والتقاطع والنزاع". واوضح أن "غالبية القوى السياسية الوطنية والفعاليات الاجتماعية المؤثرة رافضة لهذا الموضوع وترى امتداد تداعياته وآثاره السلبية لا تنحصر بساحة الاقليم، وانما تسري وتنعكس على استقرار العراق وانسجام مكوناته المجتمعية ويوفر مادة للتوتر والاحتقان والمشاعر السلبية التي تعتاش وتنمو فيها حركات العنف والتطرف".

كما عبر تركمان العراق الذين يشكلون المكون الثالث في البلاد عن غضبهم لقرار اجراء الاستفتاء والاصرار على شمول محافظة كركوك موطن التركمان الرئيسي به. فقد دعت الجبهة التركمانية العراقية حكومة العراق وبرلمانه إلى اتخاذ إجراءات "ملموسة" ضد الاستفتاء المرتقب.

وقالت في بيان ان قرار الاستفتاء جاء ليشكل "خطوة مخالفة واضحة للدستور العراقي في مادته الأولى التي نصت على أن جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة نظام الحكم فيها جمهوري نيابي ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق". وأشارت إلى أن "النص يؤكد على وحدة العراق لأن إقحام المناطق الواقعة خارج الإقليم في إشارة لتخوفهم من احتمالية إجرائه بمناطق متنازع عليها بين الإقليم وبغداد ما هو إلا إجراء أحادي وضد رغبة الساكنين من التركمان والعرب والمكونات الأخرى في المنطقة.

وكان رئيس الوزراء العراقي قد عبّر في وقت سابق عن رفضه ضمنيًا لإجراء الاستفتاء في الإقليم.

وكانت الاحزاب الكردية المشاركة في اجتماع مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني الاربعاء الماضي قد حددت يوم 25 سبتبر المقبل موعداً لإجراء الاستفتاء، فيما غابت عن الاجتماع حركة التغيير والجماعة الإسلامية.

توجس تركي وتحذير ألماني وتحفظ أميركي 

كما يواجه قرار القيادة الكردية العراقية اجراء استفتاء شعبي على انفصال اقليم كردستان عن العراق معارضة وتحفظاً دوليًا.

فقد اكدت تركيا الجمعة على أهمية وحدة العراق، معتبرة حديث القيادات الكردية عن إجراء استفتاء على استقلال إقليم بأنه "خطأ كارثي". وقالت وزارة الخارجية التركية في تصريحات رسمية، أنها "تؤكد على أهمية وحدة الأراضي العراقية". 

وأضافت أن "إجراء استفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق يعد خطأ كارثياً".

وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم في تصريحات صحافية ادلى بها في انقرة، ان "لدى منطقتنا ما يكفي من المشاكل". واضاف "نعتقد ان اضافة مشكلة ليست امرا جيدا"، معتبرا ان قرار اجراء استفتاء "قد اتخذ بطريقة غير مسؤولة".

ومن جهتها، حذرت الولايات المتحدة من أن إجراء استفتاء على انفصال إقليم كردستان العراق قد يشتت الانتباه عن محاربة تنظيم داعش. وقالت الخارجية الأميركية في بيان "نقدّر تطلعات إقليم كردستان العراق لإجراء استفتاء الاستقلال لكنّ إجراءه سيصرف الانتباه عن الحرب ضد داعش". وأضافت أنها "تشجع السلطات الكردية في العراق للتواصل مع الحكومة المركزية العراقية بشأن القضايا المهمة".

وأضافت "أننا نشجع السلطات الإقليمية على التباحث مع حكومة العراق حول مجموعة كاملة من القضايا الهامة بما فيها مستقبل العلاقات بين بغداد وأربيل على أساس الدستور العراقي". وفي الوقت الذي أعربت الوزارة عن تقديرها "للتطلعات المشروعة" لشعب كردستان العراق فقد قالت إنها تؤيد "عراقًا موحدًا فدراليًا مستقرًا وديمقراطيًا.

ومن جهتها، عبرت ألمانيا عن القلق من أن خطط إقليم كردستان لإجراء الاستفتاء قد تؤجج التوتر في المنطقة، وقال وزير الخارجية الألماني سيجمار جابرييل "بوسعنا فقط أن نحذر من اتخاذ خطوات أحادية الجانب في هذه القضية.. وحدة العراق في خطر كبير".

واضاف ان "إعادة رسم حدود الدولة ليس هو الطريق الصحيح وقد يؤدي إلى تفاقم الموقف الصعب والمضطرب أصلا في أربيل وبغداد أيضًا". ودعا "كل الأطراف إلى السعي للحوار وإيجاد توافق للتعامل مع القضايا المعلقة وعدم إشعال الصراعات مجددًا في المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد". وشدد الوزير الالماني بالقول إن من الضروري الحفاظ على الوحدة داخل العراق لدعم الحرب المستمرة ضد تنظيم داعش.

وألمانيا شريك رئيسي لأكراد العراق، وقد قدمت لهم 32 ألف بندقية هجومية ومدافع رشاشة وغيرها من الأسلحة تقدر قيمتها بنحو 90 مليون يورو منذ سبتمبر عام 2014. ويتمركز نحو 130 جنديًا ألمانيًا في أربيل لتدريب قوات البشمركة الكردية.

والاستفتاء المزمع غير ملزم ويتمحور حول استطلاع رأي سكان المحافظات الثلاث في الإقليم، وهي اربيل و والسليمانية ودهوك، في ما إذا كانوا يرغبون بالانفصال عن العراق من عدمه. لكنه يمكن أن تقف كركوك عائقًا أمام الحلم الكردي، فالإقليم يصر على ضم ما يطلق عليها "المناطق المتنازع عليها" وفي مقدمتها كركوك الى حدوده، بينما ترفض بغداد التنازل عنها، اضافة الى عدم نظر الدول المجاورة تركيا وايران وسوريا بارتياح الى قيام دولة كردية، والتي قد تحرك الاكراد في الدول الثلاث للمطالبة بالانفصال ايضًا.