سوسن الشاعر


إن أراد أهل الفاتح أن‮ ‬يظلوا رقماً‮ ‬صعباً‮ ‬فلا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يظلوا معتمدين على زخم تجمعهم الأول أو الثاني،‮ ‬ويجتروا ثقلهم السياسي‮ ‬منه وحده رغم أهميته في‮ ‬لحظة تاريخية فاصلة في‮ ‬تاريخ البحرين السياسي‮.‬
هذه الغالبية العظمى عليها أن تعي‮ ‬أنها تخطت الآن لحظة الولادة وإعلان الوجود،‮ ‬كما تخطت أيضاً‮ ‬مهمة وهدف التجمع الأساس الأول وهو الاستفتاء على الشرعية‮.‬
هذه الغالبية الآن عليها أن تعي‮ ‬أنها إن أرادت الحفاظ على كيانها الهلامي‮ ‬فلابد من التنظيم والعمل المؤسسي،‮ ‬وحتى لا‮ ‬يختطف هذا الكيان من قبل من له أجنداته الخاصة وصلاته الخارجية وتسلق طوال الفترة السابقة على ظهرها وتحدث باسمها،‮ ‬وقال نيابة عنها‮ (‬الشعب‮ ‬يريد‮) ‬فقط لأنه كان أكثر نشاطاً‮ ‬وتنظيماً‮ ‬منها‮.‬
على الغالبية الآن الحفاظ على مصالحها وأمنها واستقرارها وبقائها معادلة ورقماً‮ ‬صعباً‮ ‬في‮ ‬تحديد أو رسم أية علاقة مستقبلية بين أطراف الدولة أو رسم العلاقة بين الدولة ودول أخرى‮ (‬تخيلوا فقط لو كتب‮ -‬لا قدر الله‮- ‬النجاح للانقلاب لكانت تلك الأقلية هي‮ ‬التي‮ ‬تحدد علاقتنا بإيران مثلاً‮).‬
الغالبية عليها أن تعي‮ ‬أنها من أجل الحفاظ على ركائز الدولة بمؤسساتها وقوانينها لابد أن تكون ضمن تنظيم مؤسسي‮ ‬يتحدث باسمها فلا تعزيز لدور المؤسسات إلا من خلاله لتبقى تلك المؤسسات والقوانين سياجاً‮ ‬حامياً‮ ‬للجميع ومن خلال أطرها وحدها‮ ‬يحفظ أمن واستقرار البلد،‮ ‬فلا‮ ‬يتجاوزها من له أي‮ ‬مطالب أو مصالح وعبرها وحدها‮ ‬يسمح بالحراك السياسي‮ ‬أو‮ ‬غيره‮.‬
فمن‮ ‬غير المنطقي‮ ‬أن تتم دعوة الغالبية للتجمع في‮ ‬كل مرة من أجل تلك الأهداف الحيوية،‮ ‬فللإرادات السياسية آلية حددها ورسمها العقد الاجتماعي‮ ‬الذي‮ ‬ينظم العلاقة بين أطراف الدولة بما فيها طرف الحكم،‮ ‬ودون تلك الآليات لن‮ ‬يتبقى لدى الغالبية سوى التذمر والشكوى عبر وسائل الإعلام وعبر وسائل الاتصال الاجتماعي‮ ‬أو الاعتماد فقط على ما هو موجود من جمعيات سبقت الفاتح‮!! ‬في‮ ‬حين أن مظلة الفاتح تجاوزت واتسعت بكثير وامتدت خارج دوائر تلك الجمعيات الصغيرة،‮ ‬وهذا الفارق هو الذي‮ ‬يجب أن تستوعبه تلك الجموع وتستوعبه الجمعيات أيضاً‮.‬
فإن كانت الأحزاب‮ (‬الجمعيات‮) ‬الموجودة حالياً‮ ‬هي‮ ‬أقل من الطموحات فإن جموع الفاتح عليها أن تتحرك لتشكيل أحزاب جديدة حتى لو كانت أكثر من واحد،‮ ‬فهذه هي‮ ‬البدايات ويبقى دائماً‮ ‬من هو أكثر تلبية لطموحات الشارع ومن هو أكثر تنظيماً‮. ‬
العمل السياسي‮ ‬خارج الآليات الدستورية‮ ‬يعطي‮ ‬المشروعية لمن اعتقد بأن حراك الشارع إما أن‮ ‬يكون ضمن ما هو موجود من جمعيات سياسية أو‮ ‬بالخروج في‮ ‬مسيرات دون ضوابط،‮ ‬أو‮ ‬يعتقد أن حراك الشارع هو المولوتوف أو أن حراك الشارع هو الاصطدام بالأمن‮.‬
الآن‮ ‬يتساءل أهل الدوار؛ دعونا نرى كيف ستحققون المطالب؟ كيف ستدافعون عن حقوقكم؟،‮ ‬وسؤالهم عائد للثقافة التي‮ ‬تم فيها تربية مفاهيم حراك الشارع عندهم وهي‮ ‬تربية تمت في‮ ‬ظل قوانين أمن الدولة وفي‮ ‬ظل العمل السري‮ ‬وتربية‮ ‬يحتاجها من‮ ‬يريد القفز على النظام السياسي‮ ‬للدولة لا أن‮ ‬يكون شريكاً‮ ‬ولاعباً‮ ‬أساسياً‮ ‬ضمن النظام،‮ ‬وهذا هو الفرق بين ما ندعو له وبين خيارات الانقلابيين‮ (‬أهل الجمهورية‮).‬
اليوم هيأ لنا الدستور البيئة الكافية للعمل الحزبي‮ ‬التنظيمي‮ ‬الذي‮ ‬يتيح لكل الجماعات أن تعمل على مصالحها العامة،‮ ‬فإن لم‮ ‬يتكون من خلال تجمع الوحدة الوطنية حزب سياسي‮ ‬فإنه لا بديل عن تشكيل هذا الحزب من أهل الفاتح الذين هم أبعد وأكبر من اللجنة العليا للتجمع بكثير‮.‬
حزب سياسي‮ ‬تفتح باب عضويته للجميع في‮ ‬كل المحافظات الخمس وتنتخب له أمانة عامة وتفتح له مقار في‮ ‬المحافظات الخمس وتشكل لجان للعمل تجهيزاً‮ ‬للانتخابات البلدية والنيابية لعام‮ ‬‭.‬2014
إن شاء التجمع أن‮ ‬يبقى مظلة ائتلافية ليكن؛ إنما حزب سياسي‮ ‬يحمل الصبغة المدنية لا الدينية‮ ‬يفتح باب عضويته لكل البحرينيين مطلب ملح فحاجة البحرين للخروج من عباءة الأحزاب الدينية واحدة من استحقاقات الأمن البحريني‮.‬
‮..