لم تنقطع السيارات الملغمة أو العبوات الناسفة عن بغداد منذ 13 عشر سنة، ولأن البلاد تعيش منذ شهرين ونصف حالة من التعبئة الوطنية والسياسية جراء حرب تحرير الموصل من داعش، فأن الهدوء النسبي كان سائدا ً في العاصمة بغداد، ولم تعد التفجيرات تشكل مظهرا ًعنفيا ً لافتا ً كما حدث في مفتتح عام 2017.

السؤال الذي يكرر نفسه مرات عديدة، لماذا يستهدف التفجير فقراء الوطن من العمال والناس العزّل في الأسواق وأصحاب المهن والباحثين عن لقمة عيشهم بصعوبة بالغة ..؟ 

وهل يمثل القتل العشوائي وتناثر أجساد الضحايا ضغطا ً على الحكومة أو أية جهة سياسية حاكمة ..؟

الجواب بالتأكيد كلا ..! سيما وأن الحكومة والطبقة السياسية يتسمان بالعجز عن حماية المواطن، ولا يكترثان لحجم الخسائر البشرية التي بلغت أرقاما ً قياسية في السنوات الماضية ..!

بمعنى آخر ان رسائل القتل اليومي للمواطنين لاتهتز لها حكومة الخضراء ومؤسساتها الأمنية، ولاتشكل سوى استثمارا ً للطبقة السياسية وسببا ً لتكريس وجودها بإدعائها حماية الطائفة التي يمثلونها من الإبادة الذي تستهدفهم، والنتيجة أن الطبقة السياسية مستفيدة من هذا القتل الذي يسعى به أعدائهم من الدواعش والتشكيلات السياسية والعنفية الأخرى المعادية داخليا وخارجيا ً..! 

هذه المعادلة تحافظ على توازنها ومكاسبها على حساب الشعب الأعزل الذي خسر وعود الديمقراطية وأحلامها بالحرية والرفاهية والأمن والسلام الإجتماعي، ثم خسر المعيشة اللائقة والخدمات والرفاهية ولم يقبض سوى مخلفات الحروب والموت المفخخ، الذي تصاعدت وتيرته على نحو مفاجئ في الأيام الأخيرة لينذر بسنة – 2017- كارثية أشد وطأة على العراقيين .

ربما يذهب البعض الى الربط بين تعثر مشروع التسوية التاريخية، وماتحدث به رئيس التحالف الوطني العراقي السيد عمار الحكيم بوصفه ؛ " التسوية مقابل المفخخات "...!

 وأن رفض التسوية قد فتح الشهية لمزيد من المفخخات، لكن صاحب مشروع التسوية قد اغفل بيان وتسمية من هي الجهات التي تقوم بالتفخيخ والتفجير ..؟ ومن هنا بقيت القضية في طي التكهن والإتهامات أو تحت يافطة "داعش"..!!

فقدان الثقة بين اطراف العملية السياسية وانعدام مشروع التكامل الوطني والإنكفاءات نحو قطبيات اقليمية بهويات طائفية، أضاع على السياسيين فرص النجاح وتقديم برنامج إنقاذ وطني، كما غيّب عن المواطنين معرفة القاتل ومن يصنع المفخخات ويعمل التفجيرات ويبطش به سواء أكان من داخل الطبقة السياسية المتسلطة، أم من داعش ومشتقاتها ،أم الحركات والتنظيمات الأخرى المعارضة ...؟؟؟

 النتيجة التي ترنو بالأفق الحزين المغلق، ان الضحايا في تكاثر والخراب يتصاعد مع استمرار سنين الأزمة، عوامل التهديد والقتل متوازنة طائفيا لدى أمراء الموت والحرب، وهنا في العراق جريمة كبرى تحدث كل يوم والضحية منسية ..!