أستًبعد أن يَكون السيد عمار الحكيم هو صاحب مشروع التَسوية التأريخية أو المُصالحة الوطنية الكُبرى , فلا أعتقد إن عَقلية السياسيين العراقيين قد تَفَتقت بين لَيلة وضُحاها ليَخرجوا إلينا بِمُصطلح جَديد ظاهره بَراق وباطنه يُمكن أن يَكون مُرعبآ وَيجر الوَيلات على الشعب العراقي المُثقل بالمصائب والنكبات , فَمُصطلح التسوية التأريخية الذي أخذ الحديث عنه منحى تصاعديآ في الآونة الأخيرة لا يُمكن أن يَكون وَليد اللحظة ونستَبعد كما أشرنا أن يَكون من مُخرجات العقل السياسي العراقي الذي تَعودنا على جموده ومراوحته في حيز طائفي ضيق ومحدود طيلة الثلاثة عشر سنة الماضية , بعض أصحاب الرأي والمُقربين من مَراكز من يُمسكون السلطة ويتحكمون بها في العراق يُشيرون الى إن مَشروع التسوية التأريخية هو مشروع أمريكي قديم وَسَبب تأخير إعلانه يَعود للولايات المتحدة نفسها التي أجبرت قادة التحالف الشيعي على تَبنيه وَطرحه والدَعوة له في هذا التَوقيت بالذات , حيثُ تُحقق القوات الأمنية العراقية إنتصارات واضحة على الأرض بِمساعدة جوية ملموسة من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة , والقاعدة الأساس لما يُسمى بِمشروع المُصالحة أو التسوية التأريخية هي لا غالب ولا مغلوب ,ظنآ إن تلك القاعدة سوف تُعيد الروح للعملية السياسية المتعثرة أصلآ عن طريق طمأنة المُكون السُني الذي راهنت جُل قياداته على التََمرُد المُسلح للحصُول على مَكاسب سياسية كبيرة لكن ظهور تَنظيم داعش السريع والمفاجئ أربك كل الحسابات والخطط وجَعل هذا المُكون يَخسر الكثير من أوراق الضَغط التي كان يَملِكُها , حيث تَفكَكت وإختفت أغلب فصائله المسلحة أو ذابت بتنظيم داعش , لكن السؤال الذي يوجه لما يسمى بقيادات التحالف الشيعي الذين تَبنوا هذا المشروع ومن وراءهم الأميركان هو ألم يكن مشروع المصالحة قائمآ منذ اليوم الأول للتغيير , وماذا عن الميزانيات الضخمة التي رصدت لمؤتمرات وندوات وورش عمل ورئيس ولجان كثيرة تشكلت كانت تَعمل كلها تحت يافطة المصالحة الوطنية , أم إنه كان بابآ من أبواب الفساد الكثيرة , ثم هل من العَدالة والمَنطِق أن تَكون هُناك تَسويات مَع داعمي الإرهاب ومُموليه والداعين لهُ والمُحرضين عليه والذين تَلطخت أيديهم بدماء آلاف الأبرياء , وسارقي المال العام , وآكلي قوت الشعب , ومختلسي أمواله , والمرتشين , والفاسدين بكل عناوينهم وألوانهم شيعة كانوا أم سنة , وماذا عن الذين صَدرت بِحقهم أحكامآ قَضائية هل سَيتم تَجاوز القضاء وتَجميد أحكامه , ومن يَنتصف لعوائل مئات الألوف من الضحايا والثكالى , وإذا إستُبعد هؤلاء من هذه المصالحة المَزعومة كما يدعي بعض من ينتمي لما يسمى بالتحالف الوطني , إذن مع من يتصالحون ؟ وهناك ملاحظة مهمة هو إنه كيف يمكن للتحالف الوطني أن يُطلق مثل هكذا مبادرات والكثير من قادة هذا التحالف مُتهمون بالفساد وَسَرِقة المال العام ودعوتهم لهذه المصالحة لها فهم واحد هو تَقاسم ما بَقي من الكَعكة فيما بينهم
إن المُصالحة الحقيقية التي نَعرفها هي مُصالحة مع الشَعب الذي سُلبت حُقوقه وهُدِرت ثرواته على قاعدة التوزيع العادل للثروة وبعد أن يتم مُحاسبة المُجرمين والفاسدين من السياسيين وحواشيهم والذين تَسببوا بِهذا الدَمار الهائل للبلد , وليست المُصالحة بين فاسدين تنازعوا على السلطة والمال
- آخر تحديث :
التعليقات