نشر الدكتور عبد اللطيف الهميم  رئيس ديوان الوقف السني وعلى موقعه في الفيس بوك، خبر يقول (الدكتور الهميم يضع الحجر الاساس لاعادة بناء جامع ومرقد النبي يونس، مضيفا  ان جامع ومرقد النبي يونس يمثل تاريخ نينوى والعراق وسوف يشهد هذا العام اعادة بنائه. وقال انه مهتم في انجاز هذا الجامع واعادة بنائة وبالطريقة نفسها التي كان عليها سابقا، وبالتعاون مع دائرة الاثار، لانه يمثل تاريخ نينوى والعراق.

شاع في نهاية سبعينيات القرن الماضي، عن قيام شركة امريكية بتقديم طلب الى العراق، يتضمن قيامها بنقل جامع النبي يونس من مكانه الحالي الى اي مكان يتم اختياره وبصورت التي كان فيها ودون اي تغيير، وان تقوم الشركة بالكشف والتنقيب في قصر الملك الاشوري اسرحدون، مقابل ان تحتفظ الشركة بالقطع المتكررة من اللقي والاثار التي ستكتشف. الا ان المقترح جوبه حينها باعتراض واسع من قبل الشخصيات السنية في الموصل. ولمن لا يعرف عن جامع النبي يونس، فهو مبني على تله، تكونت على خرائب قصر اسرحدون، بعد قرون من سقوط نينوى، وقد بني عليها معبد للنار، وبعد دخول المسيحية تحول المعبد الى دير تابع للكنيسة الشرقية، ويقال ان المرقد او ما يشاع انه مرقد النبي يونس ما هو الا مرقد احد مطارنة الكنيسة الشرقية. حيث جرت العادة ان تكون الكنائس والاديرة مكان دفنهم. وبعد الاحتلاالاسلامي، تم بناء مسجد ومقبرة اسلامية الى جانب الدير ومن ثم تدريجيا تم الاستيلاء على الدير، وفي القرن الرابع الهجريتحول المسجد الى مسجد النبي يونس بعد ان جددته جميلة ابنة ناصر الدين الحمداني واوقفت عليه اوقاف كبيرة.

لا اعتراض على ان جامع النبي يونس قد تكون تكونت له قدسية، بمرور الزمن وبفعل المرويات، ولا اعتراض على اعادة بنائه، ولكن هل من الضروري ان يكون البناء فوق قصر اسرحدون، وخصوصا ان اثار القصر قد بدأت بالظهور؟ وهل ان جامع النبي يونس يمثل تاريخ العراق ونينوى، ولكن قصر واحد من الملوك المشهورين للامبراطورية الاشورية، وبما يضيفه اكتشافه وعرضه، من سمعة دولية وثقافية ودعوة لتنشيط السياحة وتشغيل ايدي عاملة تعتمد على هذا الاكتشاف المذهل، لا يمثل تاريخ نينوى والعراق؟ انه السؤال الذي يفرض نفسه،وخصوصا، ان الناس بحاجة الى السكن والعمل وهناك كفاية من الجوامع ودور العبادة. ففي كل انحاء العالم، تاتي المتطلبات بحسب الاهمية، وبالاخص ان تمكنا من اتمام احد المتطلبات في طرق او امكنة اخرى. 

تقول المادة 113 من الدستور العراقي ((تعد الاثار والمواقع الاثرية والبنى التراثية والمخطوطات والمسكوكات من الثروات الوطنية التي هي من اختصاص السلطات الاتحادية وتدار بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات وينضم ذلك بقانون.)) سؤالنا للسلطات التي تحمي الدستور، هل تم مفاتحتكم بالامر، ام انه وضع الجميع امام الامر الواقع، في اعادة وتكرار لما حدث في التاريخ، من انه لا يمكن ان يمس بناء تحول الى جامع. 

يلاحظ في موقع الدكتور الهميم ان اغلب المعلقين، معترضين على عملية وضع حجر الاساس باعتبار ان توفير المسكن والماوى ولقمة الخبز افضل ولها الاولية. اي ان الناس العادية اكثر وعيا بمتطلباتها من ما يقوم به الدكتور الهميم المنطلق من فرض امر واقع، خوفا من ظهور الاصول الحقيقة للجامع وما تحته. لان ذلك سيفتح عيون الناس الى ماضيها الحقيقي، ماضيها المنتج للثقافة والعلم، وليس الماضي المبني على السيف. 

بالرغم من ان العراق هو من البلدان المؤسسة للحضارة الانسانية، وارضيه خصبة، بالمواقع الاثارية التي يمكن ان تجذب افواج من السواح، لو توفرت الاجواء الاجتماعية والسياسية المساعدة، الا انه لم يحضى بحضور سياحي على الخارطة العالمية، خصوصا السياحة الثقافية، بفعل مسك البلد من قبل سلطات دكتاتورية كانت تخاف من كل غريب، لاعتقادها ان الغريب قد يثير اسئلة لا تريد ان تثار. ان السياحة في الكثير من بلدان العالم تضخ في ميزانياتها المبالغ الطائلة، و انها تشعل ايدي عاملة كثيرة. ولكن في بلدانا، مع الاسف، يتم طمر الاثار لاجل اعادة بناء جامع، يمكن ان يبنى على بعد كلومتر واحد او اقل, 

من هنا ندعوة للحكومة العراقية، والجهات المختصة بالاثار وثقافة البلد، لكي تقوم بمهامها في ابراز، اثارنا واساس حضارتنا، وفتح الابواب لتطوير السياحة الثقافية، باعادة ابراز اثارنا ومنح حق التنقيب لشركات كبرى، مع الاهتمام بالبنية التحتية لتطور السياحة، مثل طرق المواصلات، المطارات، والوضع الاجتماعي، وتدريب كوادر متمكنة لغويا وثقافيا للتعامل مع الاخر. وعدم ترك هذه المواقع لكي يتلاعب بها البعض ممن همهم الاساسي هو فرض العقائد.