نصح حكيم أحد أتباعه: توقع أسوأ الشر، فإذا وقع تكون فوقه؛ تملك ناصيته، وإذا لم يقع تكون بما استعديت له؛ قد ازددت غنى!
تذكرت قول هذا الحكيم وأنا أتابع الكثير مما يقال حول وضع سد الموصل، لست طبعا خبيرا بأمور السدود، وحركة المياه، ولكنني كأيعراقي صرت خبيرا بالنكبات، وبالشرور حين تأتينا في سياقهاومنطقها، ثم نقول لقد أخذتنا على حين غرة!
اختلفت آراء الخبراء والمسئولين في العراق، أو من العالم خاصة الأمريكيين والإيطاليين حول وضع السد، وما تكتنفه من عيوب وثغرات ومخاطر، فجانب منهم يقول إنه سليم وبحالة مطمئنة، ولا يحتاج سوى لإصلاحات محدودة؛ تحدثوا أنهم شرعوا بها، أو سيشرعون!
وثمة جانب آخر يقول أن السد آيل للانهيار في أية لحظة، وإذا وقع فهذا يعني أن قنبلة ذرية من أحدث وأكبر طراز قد انفجرت في العراق،وستهلك خلال يوم أو يومين مالا يقل عن ثلاثة ملايين عراقي!! فالمياه ستغمر الموصل تماما، تعلوا فوقها بحولي ثمانية أمتار، ثم تزحف لتغرق بغداد وتعلو بحوالي أربعة أمتار، جارفة في طريقها كل ما تصادفه من بشر أو حيوان أو نبات وعمران ، وهذا يعني قصم ظهر العراق تماما، هكذا يقولون!
ولكن هل هذا الشر لا يمكن أن يقع ومن حق المسئولين في الحكومة والبرلمان أن يناموا قريري العين؟ أ أم هو محتمل جدا وقابل للوقوع فيقتضي هبة كبرى تدرأه تماما، فيكون البلد قد أمن، ليواجه تحديات أخرى آملين أن ينتصر عليها!
ثمة خطر لا ينبغي إغفاله بل توقعه كاحتمال خطير،يقتضي منتهى الحذر والحيطة، ماذا حين يصل الدواعش إلى مرحلة اليأس النهائيتماما، بعد أن عاشوا أوهام انتصارهم، ألا يمكن أن يقدموا وهم المجرمون الذين لا يتورعون عن ارتكاب كل الكبائر، على إرسال انتحاريين غطاسين تحت مياهه ويقومون بتفجيره؟ من يجازف، ويقول أن هذا غير ممكن؟
أكرر، لست خبيرا في قضايا المياه والسدود، لكنني فقط أشير لمجرد الإشارة، ترى إذا لم يكن بالإمكان إصلاح السد الآن، إلى الحد الذي يؤمن شر انهياره، لم لا يجري فتح بواباته تدريجيا؛ وتسريب مياه حوضه الهائل إلى النهر والاستفادة من مياهه في إعادة ملئ أرض الأهوار الشاسعة التي حسب علمي أن أجزاء كبيرة منها لم تصل إليها المياه بعد لشحتها كما يقول المسئولون. على أن يسبق ويرافق ذلك حملة كبيرة عاجلة لتحذير السكان في مناطق الفيض ونقلهم إلى أماكن آمنة، ريثما تستقر مستويات المياه! وحبذا لو تطلق معها حملة وطنية لإعادة بناء قراهم على أسس عصرية توفر فيها كل الخدمات الضرورية للعيش الصحي والحضاري!
بذلك تكون الدولة قد درأت خطر السد سواء انهار أو لا، وبنفس الوقت أعادت الأهوار إلى سابق عهدها ممتلئة، زاخرة بالسمك والطير، موفرة للناس هناك حياة لائقة سليمة!
قد لا يكون هذا عمليا ولا ممكنا، لكن ما هو هام ولا بد منه : أن يحسم الحكم على وضع السد؟ وأن تمحص إمكانات هجوم الدواعش، خاصة بعد دحرهم وطردهم من الموصل. ثم يتخذ القرار، وينبغي أن يصدر عن رئيس الحكومة نفسه! هل السد آمن لينام الناس آمنين؟ أم غير آمن ليتحركوا نحوه لا يبرحونه حتى تتم معالجة أمره بما هو صالح ومفيد وممكن!
تقول الأسطورة أن العراق كان أرض الطوفان الأول ، فتلقفه نوح بسفينته التي أنقذت البشر والحيوان! هل ثمة اليوم من أحفاد نوح من يدرأ الطوفان قبل قيامه؟ أم لا منقذ في العراق ، لا من الماء ولا من الدم؟
أتمنى أن تكون موضوعة سد الموصل من بين أهم مطالب المناضلين الوطنيين في ساحة التحرير، وليتهم ينبرون لتشكيل هيئة خبراء منهم تتابع
هذه القضية كونها عاجلة وفي غاية الأهمية!
التعليقات