وفق جميع التفسيرات لن تكون التوقعات من تحرير الجانب الايمن من الموصل من سيطرة تنظم "داعش" كما يؤمل وانما سيشمل الاحتمالات القوية غير المستبعدة حدوث كارثة وفوضى كبيرة ايضا.
فقد بدأت عمليات تحرير الموصل منذ ما يزيد على ثلاثة اشهر ونصف تمكنت خلالها القوات العراقية بتشكيلاتها المختلفة وبخسائر كبيرة الى حد ما مع نزوح حوالي 200 الف شخصودمار كبير قي البنى من ان تحرر الجانب الايسر من المدينة بشكل كامل اي مايعادل 60 في المئة من مساحة المدينة وهي تستعد الان لبدء مرحلة اخرى مكملة للعمليات من اجل السيطرة على احياء الضفة الاخرى من نهر دجلة (الجانب الايمن، الجهة الغربية) والتي ترى التوقعات بان معركتها ستكون اعنف واكثر خسارة ماديا وانسانيا ولاسيما وان هناك اكثر من 750 الف شخص باقون في المنطقة وهم الان يعانون المجاعة والاوضاع المعيشية الصعبة والسيئة للغاية تحت سلطة "داعش".
وباتت استعادة السيطرة على الموصل امرا حتميا ولاسيما بعد ان قتل عدد كبير من المتطرفين وهم في انسحاب مستمر ولا يقدرون على خوض مواجهات طويلة الامد، الا ان الامر الذي لم ينل حتى الان اهتماما يذكر ولا توجد خطط لتحقيقه هو كيفية ادارة المدينة التي تضم اعدادا كبيرة من السكان المحرومين من الخدمات وينتظرها اقتصاد منهار وبنية تحتية مدمرة ووضع امني خطير.
ومع ان التشكيلات المختلفة التابعة للقوات العراقية التي تشارك في عمليات التحرير تحت امر قيادة العمليات المشتركة نفذت حتى الان مهامها بمنتهى التفاني والحرص وضحت في سبيل ذلك بالكثير الا ان المهمة الاكثر اهمية والاصعب ستبدأ بعد طرد مسلحي "داعش" وتطهير المدينة منهم.
وعند الاخذ في الاعتبار الارهاق الذي اصاب القوات العراقية خلال تحرير احياء ومناطق الجانب الايسر من الموصل والتدابير الدفاعية التي اتخذها مسلحو "داعش" في الجانب الايمن بالاضافة الى ضيق احياء الجانب الايمن غير المحررة وبقاء عدد كبير من المدنيين في منازلهم، فان الجزم بموعد محدد لتحرير المناطق المتبقية من المدينة امر غير منطقي لذلك فمن الجائز ان تبقى الاوضاع غامضة كما هي لمدة من الزمن وبالتالي ان يستمر تدهورالوضع الامني وانعدام المؤسسات والافتقار لابسط وسائل الحياة والمجاعة المتفشية والتي اصبحت فعلا خلال العامين والنصف الماضية احدى مظاهر الحياة في المدينة تحت سلطة "داعش" ما يزيد من هموم المصلاويين ويعمق جراحهم.
وفضلا عن كل ذلك فانه لا توجد قوة موحدة متماسكة على الارض تعمل على فرض الامن واستتبابه وتسعى لتنظيم الشؤون اليومية للمواطنين وتأخذ على عاتقها المسائل الادارية بل اصبح المدنيون في ظل وجود قوات وتشكيلات عسكرية متعددة وغير متجانسة في الغالب مهمتها حربية في الاساس، هم الضحية الاولى والاخيرة ويدفعون الثمن من حياتهم وامنهم واستقرارهم غاليا.
واذا ما وصل الخطر الى حد تطور الخلافات وعدم الانسجام الموجود اصلا بين التشكيلات العسكرية المختلفة داخل الموصل كما حصل مع اثيل النجيفي محافظ نينوى السابق وقائد قوات "حرس نينوى" الذي اصدر القضاء قرارا باعتقاله فيما ترى بعض الاطراف والقوى الشيعية انه غير جدير بتولي مسؤولية ادارة اية منطقة من المدينة، فان ذلك سيعرض مصير مستقبل المدينة وسكانه المنكوبين لتهديد حقيقي ويضعهم امام مأساة اكبر واطول امدا لا يحمد احد عقباه.
صحفي من كوردستان العراق*
التعليقات