فيما أشار البرلمان العراقي إلى وجود 1030 عراقية في سجون البلاد، يتعرض بعضهن للاعتداءات، فقد أكدت منظمات عراقية أن السجينات يواجهن أوضاعا سيئة منها الاغتصاب، وأن عددا منهن اعتقل بدلاً عن أقارب لهن مطلوبين من العدالة، فيما نفت وزارتا الداخلية والعدل ذلك، إلا أن نوابا عراقيون اكدوا على ضرورة معاقبة الضباط والجنود المتورطين بمثل هذه الممارسات.


خلال جلسة مجلس النواب العراقي الأربعاء، قدمت لجنة حقوق الإنسان البرلمانية تقريراً اولياً عن المعتقلات في السجون العراقية، أشارت فيه إلى إجراء سلسلة من اللقاءات مع الوزارات والمؤسسات المعنية بهدف الاطلاع على واقع النساء في السجون، مبينة أن عدد الموقوفات والمحكومات لغاية يوم أمس في وزارة الداخلية بلغ 101 امرأة وفي وزارة العدل بلغ 960 امرأة وفي وزارة العمل 69 امراة معتقلة او محكومة. وأكدت أن بعض مراكز الاحتجاز الموجودة تحت إشراف جهات أمنية لا تراعي تماماً ما هو موجود في وزارة العدل، كما انه لم يتم حسم الدعاوى القضائية الخاصة بالعديد من المسجونات برغم مرور وقت طويل على اعتقالهن.

ولفت تقرير اللجنة إلى وجود اكتظاظ في السجون التابعة لوزارة العدل او الجهات الأمنية مشيرة إلى وجود حالات من الاعتداءات حصلت لبعض النساء أثناء عمليات نقلهن إلى السجون، مبينة وجود عقبات تحول دون قيام لجنة حقوق الانسان، بدورها الرقابي بسبب منعها من الدخول إلى السجونمنوهة إلى أن أعداد المعتقلات في تزايد مستمر مما يوسع احتمالية تعرضهن إلى انتهاكات او امراض جلدية.
واشارت إلى اعتقال 12 امرأة في منطقة التاجي بضواحي بغداد الشرقية بدلا عن المطلوبين من اقاربهن وتم احتجازهن دون أوامر قضائية لمدة أربعة أيام وتحويلهن إلى احد سجون وزارة العدل دون السماح لهن بالاتصال مع المحامين .

النواب يناقشون أوضاع السجينات

وفي مداخلات النواب بشأن التقرير، دعا النائب عن الكتلة العراقية سلمان الجميلي إلى ردع ممارسات انتهاك حقوق الانسان، التي بدأت تزيد خلال الآونة الأخيرة، محذراً من تحولها إلى ظاهرة قد تؤثر على المجتمع. وأكد النائب حسن السنيد من التحالف الشيعي رفضه لاي انتهاكات في حقوق الانسان، بعد معاقبة ضباط وجنود متورطين بمثل هذه الممارسات باعتبارها اخطاء فردية، مشيراً إلى اهمية عدم الاعتراض على الاعتقالات التي تتم وفقا لمذكرات قضائية.

ولفت النائب بهاء الأعرجي عن التيار الصدري إلى أن دور السجون يقتصر على إصلاح المسجونين او المعتقلين، وأشار إلى أهمية معاملة النساء المعتقلات معاملة خاصة بعيدة عن الروتين الاداري داعيا إلى تدقيق تاريخ مذكرات القبض الصادرة بحقهن في منطقة التاجي. وطالبت النائب عتاب الدوري من العراقية، باطلاق سراح جميع المعتقلات من السجون ممن ثبتت براءتهم حيث تم اعتقالهن بدلاً من الرجال المطلوبين بكفالة شيوخ العشائر، داعيا إلى استضافة وزراء العدل وحقوق الانسان والداخلية والدفاع.

وشددت النائب سميرة الموسوي من التحالف الشيعي على أن الانتهاكات الجارية ضد النساء مرفوضة شرعاً وقانوناً، مشيرة إلى اهمية وجود شكاوى من النساء اللاتي تعرضن إلى الانتهاكات من اجل الملاحقة القانونية ضد المنتهكين. ونوه النائب عمار طعمة من التيار الصدري إلى ضرورة تكثيف الجهود وتوحيدها لكشف ورصد المخالفات كونها اساءة لمجمل التجربة الديمقراطية.

أما النائب آلا الطالباني من التحالف الكردستاني، فقد دعت إلى الوقوف صفاً واحداً لمواجهة اي انتهاك في حقوق الانسان، او خرق الدستور عبر الاحتجاز خارج السقف القانوني، مشددة على ضرورة تفعيل المفوضية المستقلة لحقوق الانسان. بدورها حثت النائب حنان الفتلاوي من ائتلاف دولة القانون على أهمية الابتعاد عن الاثارة العاطفية في التدقيق بشان انتهاكات حقوق النساء لافتة إلى وجود العديد من القضايا التي تثبت تورط نساء وجرائم مرتكبة في التأكيد على ضرورة رفض اي انتهاك لحقوق النساء .
ودعا النائب محمد الخالدي إلى الحفاظ على التجربة الديمقراطية في العراق من خلال حماية حقوق الانسان وتعزيزها ومعاقبة الجناة.

من جهته اكد النائب سليم عبد الله عن القائمة العراقية رئيس لجنة حقوق الانسان ان التقرير المقدم إلى مجلس النواب اولي وسيعقبه تقرير نهائي بشان اوضاع المعتقلات، مشيرا إلى ان المعلومات الواردة في التقرير اعتمدت على تقارير وزارتي العدل وحقوق الانسان في التقرير الخاص باللجنة بعيدا عن عرض الاستنتاجات منوها إلى ان الهدف من التقرير لا يتدخل في الجوانب السياسية.
اما رئيس ملس النواب اسامة النجيفي فقد دعا لجنة الأمن والدفاع إلى المباشرة بالتحقيق في القبض على النساء دون مذكرات قضائية وبقاءهن معتقلات اكثر من السقف القانوني المحدد او تعرضهن إلى انتهاكات خطيرة في حقوقهن، والعمل على تقديم لجنتي الامن والدفاع وحقوق الانسان لتقرير متكامل بشان اوضاع المعتقلات في جلسة المجلس خلال الأسبوع المقبل. حسم الدعاوى القضائية الخاصة بهن رغم مرور وقت طويل.

وزارتا الداخلية والعدل تتنصلان من الاتهامات

وشهدت مدينة الرمادي أمس تظاهرات تطالب بالتحقيق في اغتصاب سجينات واعتقالهن بدلاً من اقارب لهن لإرغامهم على تسليم انفسهم. كما دعا النائب عن العراقية احمد العلواني إلى بحث قضية تعرض نزيلات في السجون الحكومية إلى اغتصاب واعتداءات جنسية من قبل محققين وحراس وسجانين استغلوا مراكزهم الوظيفية في ارتكاب أعمال منافية للقانون والقيم والاخلاق. وأكد أن ذوي عدد من النزيلات في السجون العراقية أبلغوا نواباً عراقيين عن تعرض قريبات لهم للاعتداء والاغتصاب وأن الخشية من الفضيحة بسبب التقاليد الاجتماعية والأعراف العشائرية منع الكثيرات منهن من البوح والاعلان عما تعرضن له.
لكن وزارة العدل قالت حول تقارير بهذا الشأن إنها غير مسؤولة عن التحقيق باعتباره تابعاً لوزارتي الداخلية والدفاع. وأشارت إلى أن وزير العدل حسن الشمري، قام بزيارة ميدانية بشكل مباشر وبصحبة عدد من وسائل الإعلام والفضائيات إلى سجن النساء للإطلاع على أوضاعهن والتوجيه بتوفير جميع احتياجاتهن حيث أمر بتوفير جميع المستلزمات اللازمة في السجون الجديدة التي يتم إنشاءها ومن بينها سجن بابل، وتلافي السلبيات الموجودة في البنايات القديمة وبناها التحتية المتهالكة. واشارت إلى انه يتم حاليا تصنيف المحكومات حسب نوع الجريمة المرتكبة.

ومن جانبها، ردت وزارة الداخلية العراقية في بيان صحافي ارسلت نسخة منه إلى quot;إيلافquot; اليوم الأربعاء أن quot;بعض وسائل الإعلام وبعض الشخصيات السياسية اثارت موضوع اعتقال نساء دون أوامر قبض قضائية مصدقة، والاعتداء على الموقوفات داخل أماكن التوقيف التابعة للوزارة وتعذيبهن من أجل انتزاع اعترافات مزعومة ضد أزواجهن للإطاحة بهم وإحالتهم على القضاءquot; لكنها تؤكد رفضها لمثل هذه الأفعال المشينة وتنفي بشكل قاطع هذه الاتهامات التي لا أساس لها من الصحةquot;.
وشددت الداخلية على quot;أن جميع الأوامر التي تنفذها الوزارة بحق المتهمين من الذكور أو الإناث تتم وفق سياقات قضائية وقانونية، إذ إن القانون يجيز لأعضاء الضبط القضائي ضبط المتهمين في حالة الجرم المشهود وكذلك تنفيذ مذكرات قبض صادرة من السلطة القضائية والتحقيقية المختصة وتؤدي الوزارة هنا دورها التنفيذي الذي فرضه الدستور عليها كما أن أبواب مواقف الوزارة مفتوحة أمام جميع اللجان المحلية والدولية المختصة وذوي الشأن للتحقق من زيف وكذب الإدعاءات الباطلة وأن وجود الدوائر الرقابية ومديرية حقوق الإنسان في وزارة الداخلية لهو خير دليل على شفافية عمل الوزارة وقانونيته حيث عملت هذه المديريات على تعزيز المنظومة الأخلاقية لدى منتسبي الوزارة ومحاربة أية أفعال فردية قد تصدر هنا أو هناكquot;.

ودعت وزارة الداخلية quot;إلى ضرورة توخي الدقة والحذر في تناقل المعلومات بنزاهة وشرف مهني والتحقق من المعلومات بعد زيارة دوائر التحقيق والاطلاع على الأوراق التحقيقية من أجل الوصول إلى الحقيقة المبتغاة وليس لمجرد الإثارة والتضليل، لأننا أحوج ما نكون في هذه الفترة إلى الوقوف جنباً إلى جنب من أجل تحقيق الأمن والازدهارquot;.

منظمات زارت السجينات فشكون من اغتصاب وتعذيب

وكانت منظمة حمورابي لحقوق الإنسان قد أعلنت مؤخرا في تقرير لها اثر زيارات لعدد من السجون والمعتقلات للنساء أن بعض السجينات أبلغنها quot;تعرضهن للاغتصاب والتعذيب خلال مرحلة التحقيق وبعدهاquot;.
ومن جهتها قالت سكرتيرة منظمة quot;الأملquot; الناشطة العراقية هناء أدور إن وضع السجينات مأساوي وهناك مؤشرات كثيرة إلى أن حالات الاغتصاب أصبحت قاعدة وليست استثناء .وأضافت في تصريح صحافي quot;ان وزارة العدل وإدارة السجون التفتت أخيراً إلى ضرورة وضع كادر نسوي ليكون المسؤول عن المتهمات سواء أثناء التحقيق أو بعد الإدانةquot;، معتبرة أن quot;هذا الأمر لن يكون كافياً لأن بعض الشرطيات المسؤولات عن السجون قد يمارسن دور السمسرةquot;.

وشددت على أن quot;المطلوب أن تكون السجون مفتوحة أمام منظمات المجتمع المدني لتقدم خدمات تأهيلية إلى السجينات ولتراقب وضعهن quot;حتى عند زيارة منظمة حمورابي للسجون كان معه ممثلون عن وزارة حقوق الإنسان وتم اعطاؤها وقتاً قصيراً لا يسمح بالوقوف على حالة السجيناتquot;. وأضافت quot;لن نقوم بزيارة استعراضية للسجون ولا نريد زيارة من اجل الزيارة بل يجب ان يسمح لنا بلقاء السجينات على انفراد وان يتم منحنا الوقت الكافي لدراسة حالهن وتقديم برامج تأهيلية لهنquot;.

ومن جهتها، قالت رئيسة quot;لجنة الأسرة والطفولة النيابيةquot; انتصار علي خضير أن quot;البرلمان شكل لجنة تحقيق مشتركة من لجنتي حقوق الإنسان والأسرة والطفولةquot;، مبينة أنها ستباشر عملها بزيارات مفاجئة لسجون ومعتقلات النساءquot;. وأضافت quot;ان لجنة الأسرة والطفولة حصلت على أمر من هيئة رئاسة البرلمان بزيارة السجون بصورة مفاجئة ومن دون أخذ موافقات وزارة العدل أو وزارتي الداخلية والدفاعquot;. وأكدت ان اللجنة ستجتمع على انفراد مع كل سجينة للوقوف على حقيقية الأمر لان هذا الموضوع مناف للأخلاق العراقية والعربية، ولا يمكن السكوت عنه أو السماح به بل يجب تقديم من قام به إلى العدالة ليأخذ جزاءه العادل .وأقرت خضير بـصعوبة مهمة اللجنة لأن الخشية من الفضيحة وتقاليد المجتمع تمنع الكثير من النزيلات من الاعتراف بتعرضهن للاغتصاب .
وكانت منظمة quot;هيومن رايتس ووتشquot; قد اتهمت الحكومة العراقية في أيار (مايو) الماضي بأعادة العراق إلى الحكم الشمولي وتعذيب المعتقلين.