روى بعض ضحايا الأحداث التي دارت رحاها أمام مقر الحرس الجمهوري ما حصل، وقالوا إنهم فوجئوا بهجوم البلطجية والحرس الجمهوري وهم عزّل يصلون الفجر.


القاهرة: تسيطر على التيار الإسلامي في مصر حالة من السخط الممزوج بالحزن والغضب، بسبب ما يعرف بـquot;مجزرة الحرس الجمهوريquot;، التي راح ضحيتها أكثر من خمسين قتيلًا من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، فجر الاثنين 8 تموز (يوليو) الجاري.
وبينما يتبادل الجيش المصري والقوى السياسية المؤيدة له مع جماعة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي المسؤولية عن المجزرة، بدت الأوضاع أمام دار الحرس الجمهوري كارثية. فالحزن يلف المكان كله، ورائحة الموت تفوح من تحت أقمشة الخيام، ومن ملابس المعتصمين فيها. الطريق إلى مقر الاعتصام مفروش بقطع الحجارة وبقايا رماد الحريق، وفي الروايات تفاصيل كثيرة، لكنها جميعًا تنتهي بالدم، وتؤكد أن البادي بالهجوم هم البلطجية، ثم استكملته السلطة ممثلة في قوات الحرس الجمهوري، وقوات من الشرطة.
عائد إلى الميدان
محمد محمود، من الإسكندرية، أصيب بطلقات نارية في الساقين. روى لـquot;إيلافquot; تفاصيل ما حدث، قائلًا إن الهجوم بدأ قبل الانتهاء من صلاة الفجر، مشيرًا إلى أنه كان ضمن المصلين عندما سمع صفارات الإنذار التي أطلقتها اللجان الشعبية المسؤولة عن تأمين الإعتصام.
وأضاف أنه في تلك الأثناء، وصلت إليهم رائحة الغاز المسيل للدموع وأصوات الرصاص، فأنهى الإمام الصلاة سريعًا. وتابع: quot;هرعنا إلى جهة اللجان الشعبية، وكانت قوات الحرس الجمهوري تضرب المعتصمين بالعصي وطلقات الرصاص، وتأمرهم بأن يرحلوا إلى ميدان رابعة العدوية، ولما رفض البعض منهم معللين ذلك بأنهم معتصمون سلميون، رد عليهم الضباط والجنود بسيل من الشتائم والضرب بالعصي، وأطلق بعضهم الرصاص بإتجاههمquot;.
أصيب كثيرون بطلقات في الرأس أو الصدر، وقال محمود: quot;كان القتلى يتساقطون حولنا، فأصيب أحد المعتصمين برصاصة في الرأس وسقط صريعًا، وأعتقد أن الإصابة جاءت من بندقية قناص يعتلي سطح عمارة أو مقر الحرس الجمهوري، فتملكنا الهلع، لاسيما أن الهجوم كان شديدًا، والجنود لا يسمعوننا، والرصاص ينهال علينا، فهربنا إلى العمارات التي تقع بجوار الاعتصام، وطاردتنا القوات بداخلها، وهددت السكان بالقتل أو الاعتقال إذا لم يخرجوا من لديهم من المعتصمين، فاستجاب البعض منهم للتهديدات، وتعرض من تم تسليمه للضرب المبرح بالعصي والركل بالأرجلquot;.
أضاف: quot;تعرضت للإصابة أثناء هروبي إلى عمارة مجاورة، ولن أعود لبيتي، فأنا هناك من أجل الشرعية، من أجل عودة الرئيس محمد مرسي للحكم، انتخبه الشعب المصري بحرية، ويجب ألا يرحل بالانقلاب العسكريquot;.
كنا عزّلًا
quot;في بداية الهجوم، توقعنا أن يكون هجومًا من البلطجيةquot;، هكذا استهل عمرو عبد الرحمن، من محافظة البحيرة روايته. وقال لـquot;إيلافquot;: quot;البلطجية هاجمونا في البداية بالخرطوش والعصي وأحرقوا عددًا من الخيام، كانوا في المقدمة، بينما كانت قوات الحرس الجمهوري ورجال آخرون بلباس مدني يسيرون خلفهم ويحثونهم على ضربنا، وأعتقد أن هؤلاء الرجال الذين كانوا يرتدون ملابس غالية الثمن ونظيفة ليسوا من قيادات البلطجية، بل من جهاز مباحث أمن الدولةquot;.
وأضاف: quot;لما حاولنا صد هجوم البلطجية، انهالت علينا قوات الحرس الجمهوري بإطلاق الرصاص الحي والخرطوش، وقنابل الغاز المسيل للدموع، وأحرقوا الخيام أيضًا، ولم يكن أمامنا سوى المقاومة بقطع الحجارة، فاستدعينا ذكريات أحداث موقعة الجمل التي وقعت في الأول من شباط (فبراير)، أثناء ثورة 25 يناير، كسرنا بلاط الأرصفة وقذفنا به المهاجمينquot;.
ونفى عبد الرحمن أن تكون لديهم أسلحة نارية أو خرطوش أو سيوف، وقال: quot;أقسم بالله أننا كنّا عزلًا، من دون سلاح، باستثناء قطع الحجارة التي كسرناها من الأرصفة لصد الهجوم، فلم نهاجم قوات الحرس الجمهوري، ولم نحاول تسلق أسواره أو اقتحامه كما روجوا عنّا، نحن ضحايا، ولسنا جناةquot;. لكنه يقول إن بعض الجنود والضباط من قوات الجيش رفض إطلاق الرصاص على المعتصمين، وقال: quot;الحق يقال، شاهدت بعض الجنود والضباط، وهم يفرغون أسلحتهم من الذخيرة، ولم يطلقوا الرصاص علينا، واكتفوا بمطاردتنا بالعصي، وطالبونا بالرحيل بعيدًا إلى ميدان رابعة العدوية وإخلاء الشارعquot;.
قتلى أطفال
quot;ثمة قتلى كثيرون، والإصابات بالمئات، وبينهم أطفالquot;، كما قال شاهد عيان آخر، اسمه نادر عبد الحميد. وأضاف: quot;شاهدت بأم عيني رجالاً يسقطون قتلى بالرصاص، وكان هناك قناصة فوق الأسطح، هم من حصدوا أغلبية الضحايا، وجاءت الإصابات برصاص القوات المهاجمة والبلطجيةquot;. وعن حقيقة وجود قتلى من الأطفال، قال عبد الحميد: quot;لا أعرف إذا سقط أطفال أم لا، لكن المؤكد أن ثمة إصابات بين الأطفال بالاختناق نتيجة إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المعتصمينquot;.
ونشرت صفحات على موقع فايسبوك، تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، صورًا لأطفال وهم مضرجون في دمائهم، وقالت إنهم لقوا مصرعهم أثناء هجوم الحرس الجمهوري على المعتصمين فجر أمس، لكن المتحدث باسم الجيش نفى ذلك، وقال: quot;المتظاهرون قاموا باستخدام صور للتأكيد على أن الجيش قام بقتل أطفال، وهذا أمر منافٍ نهائيًا للحقيقة والصور هي نفس الصور الخاصة بالمواقع السورية منذ أشهرquot;. إلا أن بعض الصفحات التابعة للإخوان والنشطاء بالتيار الإسلامي ردت على المتحدث العسكري، بنشر فيديوهات لقتلى في مشرحة زينهم، بينهم أطفال، وقالت إنهم قتلوا برصاص قوات الحرس الجمهوري.
نادر أصيب بطلقات نارية في ساقه اليمني، وتعرض للضرب من قبل جندي من قوات الأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية، وقال: quot;كنت أنزف عندما ركلني في بطني، وداس عنقي، وبعدها دخلت في غيبوبة ولم أفق إلا بعد ساعة أو ساعتين في المستشفى الميداني في رابعة العدويةquot;.
تراشق التهم
دشنت مجموعة من أعضاء التيار الإسلامي حملة أسموها quot;ضد جرائم الانقلاب العسكريquot;.
وقالت الحملة في بيان لها تلقت إيلاف نسخة منه، إنها فجعت بقتل متظاهرين عزل سلميين أثناء تأدية الصلاة بشكل يخالف كل الأعراف والمعتقدات والمبادئ الحقوقية. وحملت من وصفته quot;قائد الانقلاب العسكري بمصر عبد الفتاح السيسي والرئيس المعين من جانبهquot; مسؤولية جريمة إزهاق أرواح أبرياء بينهم أطفال ونساء يتجاوزن الثمانين ومئات المصابين بحسب تقديرات أولية.
وأضافت: quot;قيام الرئيس المعين عسكريًا بتشكيل لجنة قانونية للتحقيق في ما جرى هو إجراء لا يتناسب مع فداحة ما حدثquot;. وأشارت إلى ظهور قناصة واستخدام القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي واستهداف الطواقم الطبية أثناء إسعاف الضحايا كلها تؤكد انتهاك السلطات العسكرية بمصر لكافة حقوق الإنسان بشكل سافر يحتاج إلى استنكار محلي ودولي من المعنيين بحقوق الإنسان. وأدانت ما وصفته بمسلسل الاختطاف والاعتقال التعسفي.
بالمقابل، اتهمت حركات ليبرالية، مؤيدة للإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، التيار الإسلامي بمحاولة جر البلاد إلى اقتتال أهلي. وقال عبد الرحمن الجوهري، المتحدث باسم حركة كفاية: quot;إن ما حدث فجر الاثنين من اعتداء سافر من المتطرفين على دار الحرس الجمهوري بالقاهرة لا يعدو كونه سوى محاولة يائسة من أتباع المعزول مرسي لجر البلاد إلى حرب أهليةquot;، مشيرًا إلى أن ما تقوم به قيادات العصابة الإخوانية من الزج بالميليشيات واستباحة الدم المصري هو الحرام بعينه، لأن دم المصري أيًا كان انتماؤه كله حرام. وقال: quot;الأحداث أكدت أن العنف والقتل والإرهاب هو المنهج الرئيسي لعصابة الإخوان والتيارات المتحالفة معهاquot;، مشيرًا إلى أن خروج الملايين في ملحمة شعبية للحفاظ على مكتسبات ثورتي 25 يناير و30 يونيو كشف للعالم أجمع أن الثورة شعبية بامتياز ضد نظام رجعي متطرف.quot;