اليوم الجمعة آخر أيام جنيف-2 في مونترو، وجهود الأخضر الابراهيمي لم تسفر عن تقدم كبيرلردم الفجوة الكبيرة بين طرفي النزاع السوري.


اختتمت اليوم الجمعة أعمال الجولة الأولى من مفاوضات جنيف، أو ما سمي بجنيف-2، بين المعارضة السورية ونظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقد اجتمع صباحًا وفدا الحكومة والمعارضة للمرة الاخيرة، من دون الكثير من التوقعات حول ما يمكن أن ينتج في اتجاه حل الأزمة السورية المستعرة من ثلاثة أعوام تقريبًا، أودت خلالها بحياة نحو 130 ألف قتيل.

بداية متواضعة

واعتبر الوسيط الدولي في مفاوضات جنيف-2 اليوم الجمعة أن الجولة الأولى من المفاوضات بين وفدي الحكومة والمعارضة السوريين تشكل quot;بداية متواضعة جدًاquot; في اتجاه ايجاد حل للازمة السورية المستمرة منذ حوالى ثلاث سنوات.

واعلن الابراهيمي في مؤتمر صحافي عقده في ختام جلسات التفاوض في قصر الامم في جنيف أن الجولة المقبلة من المحادثات ستعقد quot;مبدئيًاquot; في العاشر من شباط (فبراير). وقال الابراهيمي quot;إنها بداية متواضعة، لكنها بداية يمكن أن نبني عليهاquot;.

واضاف أن التقدم بطيء جداً بالفعل، الا أن الطرفين تكلما بطريقة مقبولة. هذه بداية متواضعة جداً يمكن البناء عليهاquot;. وتابع الابراهيمي quot;خلال الايام الثمانية الماضية في جنيف، كان الطرفان يتحدثان بواسطتي. كانت بداية صعبة. لكنّ الطرفين اعتادا الجلوس في غرفة واحدةquot;.

وقال الابراهيمي إنه اقترح أن تستأنف المفاوضات quot;بالاستناد الى أجندة واضحة، وأن نلتقي في العاشر من شباط (فبراير)quot;، مشيرًا الى أن وفد الحكومة قال إنه quot;يحتاج الى التشاور مع دمشق اولًاquot;.

أمل ضعيف

وكان الابراهيمي أعرب عن أمله في استخلاص الدروس من أجل عمل أفضل في الجولة المقبلة. وهو قلل سابقًا من احتمال إحراز أي تقدم ملموس بنهاية هذه الجولة، quot;لأن الهوة كبيرة بين الفريقينquot;.

وفي هذا الاطار، نسبت وكالة الصحافة الفرنسية للباحث سلمان شيخ، من مركز بروكينغز للدراسات في الدوحة، قوله: quot;واضح أن المحادثات لم تكن ناجحة، والكل كان مدركًا أنها ستكون صعبة جدًا، ومن دون توافق دولي للضغط على النظام السوري، يشارك فيه الروس، واذا تطلب الامر، تشكيل تحالف معين لتطبيق هذا الضغط، لن نرى تغييرًا كبيرًا في موقف النظام، غير المستعد لأن يحيد شبرًا واحدًا عن موقفه في مسألة تشكيل هيئة حكم انتقالي، كما نصت وثيقة جنيف-1quot;.

ووثيقة جنيف-1 صدرت عن مؤتمر غاب عنه السوريون في حزيران (يونيو) 2012، وتنص على تشكيل حكومة من ممثلين عن النظام والمعارضة بسلطات كاملة، تتولى المرحلة الانتقالية، تعتبرها المعارضة مرادفة لتنحي الاسد، وهو ما يرفض النظام التطرق اليه، متمسكًا بمعالجة ما سماه quot;مسائل الارهابquot; قبل الحكومة، ومشككًا في تمثيل المعارضة المشاركة في جنيف-2.

لم ينجح ولم يفشل

من بداية المفاوضات، بدا وفد المعارضة مرتاحًا. وقال مراقبون غربيون مطلعون على بواطن جنيف-2 إن المعارضة تخرج اليوم من المفاوضات مرتاحة، ولو لم تتوصل إلى تحقيق أي من مطالبها، خصوصًا أن الكتائب المقاتلة في سوريا لم تهاجم الوفد، بل التزمت الصمت، ومنها ما أرسل إليه رسائل دعم عدة، تقوي مكانته التفاوضية. فهو واقف الموقف نفسه، وأعضاء الوفد كانوا حريصين على التعبير دومًا أن جنيف-2 هو بداية الطريق لانتقال السلطة.

واليوم، اكد وزير اعلام النظام السوري عمران الزعبي أن الوفد الحكومي لن يقدم أي تنازل في هذه المفاوضات. قال: quot;لن يأخذوا في السياسة ما لم يأخذوه بالقوةquot;، وذلك أمام نحو 250 متظاهراً، حشدهم أنصار الأسد أمام قصر الأمم في جنيف. أضاف: quot;في الايام القادمة، ستكون هناك جولة جديدة من حيث المبدأ، لكن لا في هذه الجولة ولا في أي جولة قادمة يمكن أن يحصلوا من الوفد السوري على أي تنازلquot;.

واضاف quot;لن يحصلوا على أي تنازل لم تستطع اسرائيل أن تحصل عليه طوال نصف قرن، ولن يستطيعوا الحصول على أي تنازل لم يستطع الارهاب الحصول عليه خلال ثلاث سنوات، ولن يحصلوا على أي تنازل لم تستطع تركيا وقطر والسعودية والاردن والمتآمرون في لبنان أن يحصلوا عليه منّا بالقوةquot;. وتابع: quot;لن يأخذوا في السياسة ما لم يأخذوه بالقوةquot;. (التفاصيل)

وما قاله الزعبي يوازي ما أعلنه النظام السوري أنه انجز نصرًا دبلوماسيًا في جنيف-2. وقالت صحيفة الثورة السورية الحكومية: quot;لم ينجح جنيف، لكنه لم يعلن فشله، وليست أحجية ولا هي مفارقة لا معنى لها، بل هي كلمة السر في صراع الإرادات التي تقاطعت على الحاجة لجنيف، حيث يلتقي عرّابوه مجددًا من أجل جولة جديدة لا تمتلك أي فرصة في النجاح، ومن غير المسموح لها أن تفشلquot;.

القتل مستمر

وإن كان هدف جنيف-2 التخفيف من حدة الأزمة في سوريا، فإنه لم يوقف حمام الدم، إذ لقي نحو 1900 شخص مصرعهم في سوريا منذ بدئه في 22 كانون الثاني (يناير) الجاري، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد، اليوم الجمعة إن عدد القتلى في سوريا منذ فجر 22 كانون الثاني (يناير) وحتى منتصف ليل الخميس بلغ 1870 شخصًا، بينهم 498 مدنيًا.

واوضح أن القتلى الآخرين هم 464 مقاتلاً معارضًا، و208 عناصر من تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة، و454 عنصراً من القوات النظامية والميليشيات الموالية لها، وثلاثة عناصر من وحدات حماية الشعب الكردية.

وقضى هؤلاء في معارك في مختلف المناطق السورية، أكان في الاشتباكات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية، أو الدولة الاسلامية وتشكيلات أخرى من المعارضة المسلحة، أو في معارك بين الجهاديين والاكراد في شمال شرق البلاد.

ورأى المرصد في بريد الكتروني أن هذه الارقام quot;مخيفةquot;، وأنه كان من المفترض quot;أن تنعقد جلسات جنيف-2 مع وقف كافة العمليات العسكرية، وتوقف الاعتقالات بحق المواطنين في سورياquot;.

وطالب المجتمع الدولي quot;بالعمل بشكل جاد وحقيقي لوقف القتل وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، قبل البدء بأي حل سياسي، لأنه من المعيب والمخجل على مجتمع يتشدق بأنه يحترم حقوق الإنسان، أن يستمر بالوقوف موقف المتفرج على مأساة الشعب السوريquot;، الذي يفقد quot;المئاتquot; من افراده يوميًا.

جولة قادمة

وإن كان الجميع يغادرون مونترو اليوم، فالعين على الجولة القادمة من المحادثات، التي لا يستبعد غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن تبحث في تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، في شباط (فبراير) القادم.

ونقلت روسيا اليوم عن غاتيلوف اليوم الجمعة قوله إن الأمر سيحدده الإبراهيمي، quot;الذي وعد بتقديم مقترحات محددة حول أطر الجولة الثانية، بينها تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، رغم صعوبة الملف وحساسيته، فهو يتطلب جهودًا من الطرفين لإظهار الإرادة السياسية والجاهزية للتوصل إلى حل وسطquot;.