القاسم المشترك الوحيد بين المعارضة السورية ونظام الأسد هو تغييب العنصر النسائي، فلا كرسي ولا صوت ولا رأي للمرأة السورية في جنيف-2.


بدأت محادثات جنيف-2 على أمل وضع حد للحرب الأهلية في سوريا، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 ألف شخص حتى الآن، وأرغمت ما يقرب من 2.4 مليون سوري على الفرار من البلاد، في حين أن ملايين آخرين نزحوا داخليًا.

تغييبها

تأثرت المرأة بشكل حاد وقاسٍ بالقتال في سوريا، فالنساء والأطفال يشكلون ثلاثة أرباع اللاجئين في المخيمات، كما أن المرأة تعتبر الطرف الأضعف في أي صراع، فهي عرضة للقتل والإغتصاب والخطف وكل أساليب العنف، لأنها لا تملك الدفاع عن نفسها أمام المقاتلين الشرسين.

على الرغم من المعاناة الفادحة التي تواجهها المرأة في الحرب الأهلية السورية، إلا أنه نادرًا ما يسمع صوتها، لا في الشارع أو ساحات المعركة، ولا حتى في جنيف-2. فمحادثات جنيف للسلام لم تتمكن حتى الساعة من التوصل إلى نقطة التقاء بين المعارضة السورية والحكومة السورية، ربما باستثناء عامل واحد يجمع الطرفين، وهو تغييب كامل للمرأة.

أصوات مناضلة

ما يحصل اليوم من تهميش للمرأة بعيد كل البعد عما حدث في آذار (مارس) 2011 عندما سارت النساء إلى جانب الرجال في الخطوط الأمامية للاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وفقًا لصحيفة غارديان البريطانية.

وبعدما كانت المرأة تشارك في الاحتجاجات وتناضل لتحقيق التغييرات التقدمية الحقيقية في المجتمع السوري، طغت أصوات الرجال الذين يحملون السلاح على صوت التغيير، وازداد نفوذ الجماعات المتطرفة في البلاد، ما جعل المرأة على هامش الثورة، إنما في قلب الحرب ومآسيها.

في مواجهة هذا الانحدار وتغييب تمثيل النساء في عملية السلام والتحول إلى الديمقراطية، برزت أصوات مناضلة، من بينها الدكتورة منى غانم، نائب رئيس حركة بناء الدولة السورية، التي تعتبر حركة المعارضة الأولى التي أنشئت في سوريا.

على الرغم من استمرار العنف في جميع أنحاء البلاد، إلا أن غانم تعمل لضمان حصول النساء على فرصة القيام بدور نشط في تحقيق السلام في سوريا والمجتمع المدني في مرحلة ما بعد الصراع.

مؤتمر دمشق

في وقت سابق من هذا الشهر، في منتدى المرأة السورية للسلام، عقد مؤتمر في دمشق لأكثر من 60 امرأة من مختلف أنحاء سوريا، يمثلون جميع أطياف المجتمع. جاءت النساء معًا، معرضات أنفسهن لخطر كبير، من أجل وضع ميثاق المرأة السورية من أجل السلام لتقديمه في محادثات جنيف.

ويدعو الميثاق إلى اتخاذ تدابير لمنع توريد الأسلحة إلى سوريا والمسلحين، ووقف تصدير الإرهاب إلى سوريا عبر الدول المجاورة. أوجز الميثاق ضرورة اتخاذ تدابير تتجاوز وضع حد للنزاع، داعيًا إلى ضرورة وضع برامج خاصة لضمان عودة اللاجئين والمشردين داخليًا بأمان وضمان حماية حقوق الإنسان، ولا سيما الحق في المواطنة النشطة.

وربما الأهم من ذلك كله هو دعوة نساء سوريا إلى الإبقاء على الحق الحصري للشعب السوري في العملية السياسية والاجتماعية، بما في ذلك صياغة دستور جديد.

هذا حقها

لكن محادثات جنيف-2 ركزت على طرفي النزاع لا على أطراف الأزمة. فالمعارضة والنظام اختلفا على كل شيء ولم يتفقا سوى على تغييب المرأة وصوتها، باعتبارها جزءًا من نسيج المجتمع السوري، وأيضًا ضحية للصراع.

النساء يعملن يدًا بيد داخل سوريا لتحديد التدابير العملية للحياة في سوريا بعد الحرب، لكن في حين أن الحرب والعنف تطغى على جهودهن داخل البلاد، لم يتم إعطائهن صوتًا على منصة الجهود الديبلوماسية في الخارج.

حق المرأة في أن يكون لها دور مساو للرجل في التعبير عن احتياجاتها وأولوياتها، وحقها في المشاركة بتميم الدولة السورية المستقبلية، يجب أن يكون معترف به من قبل جميع المشاركين في المحادثات.