حسم الأخضر الابراهيمي الجدل حول أولويات الجولة الثانية من جنيف- 2 مؤكدًا أن التفاوض سيتناول وقف العنف وهيئة الحكم الانتقالي في سوريا.


جنيف: حسم الأخضر الابراهيمي، الوسيط العربي الدولي في الأزمة السورية، موضوع أولويات الجولة الثانية من المفاوضات بين وفد المعارضة السورية الذي شكله الائتلاف الوطني السوري، ووفد النظام السوري. وقال إن الجولة الثانية من المفاوضات التي بدأت اليوم في جنيف ستتناول بشكل متوازٍ وقف العنف وهيئة الحكم الانتقالي.

حكم الأسدين

وحمّل وفد المعارضة السورية اليوم النظام السوري المسؤولية عن كل ما عاناه المدنيون السوريون حين اختار الحل الامني القمعي لإنهاء الاحتجاجات والثورة التي خرجت بعد عقود من حكم الأسدين. واعتبر التقرير الذي أصدره الوفد أن الثورة هي نتيجة طبيعية لسياسة القمع والاذلال التي اتبعت بطريقه ممنهجة ضد الشعب السوري، الذي خرج طالبًا الحرية والكرامة ليقابله النظام بالرصاص والقتل والتعذيب واتباع سياسة quot;الاسد أو نحرق البلدquot;.

كما قدم وفد المعارضة تقريرًا اليوم إلى الأمم المتحدة حول انتهاكات النظام السوري لحقوق الانسان، أكد فيه أن النظام السوري قتل، منذ بدء المفاوضات في مؤتمر جنيف-2 ، أكثر من 1805 من السوريين، منهم 834 شخصًا في حلب وحدها، مستخدمًا خلالها ما يزيد عن 130 برميلاً متفجراً، خلال الحملة المسعورة التي قام بها تصعيديًا في حلب وداريا، وغيرهما.

جرائم حرب

واستند التقرير إلى عدة تقارير أصدرتها منظمات حقوقية دولية. فقد وثقت هيومن رايتس ووتش تقريرًا مؤلفًا من 38 صفحة أثبتت فيه عبر صور الأقمار الصناعية وشهادات الشهود والأدلة المستمدة من مقاطع فيديو وصور فوتوغرافية أن السلطات السورية قامت عمدًا ومن دون وجه حق بهدم آلاف المباني السكنية في دمشق وحماة في عامي 2012 و2013.

واعتبر التقرير هذه العمليات انتهاكًا لقوانين الحرب، لأنها لم تكن تخدم أي غرض عسكري ضروري، مظهرًا أنها بدت وكأنها تعاقب السكان المدنيين عن قصد، وتسببت في أضرار كبيرة للمدنيين.

كما وثقت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش واللجنة الدولية المستقلة بخصوص سوريا استخدام النظام للقنابل العنقودية والصواريخ البالستيه والبراميل المتفجرة، بالإضافة الى القنص والذبح والتعذيب والاعدام خارج نطاق المحاكمات، واثبتت تورطه بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يشمل أعلى المستويات في النظام السوري.

كما لا يمكن اغفال استخدام النظام للسلاح الكيميائي ضد المدنيين، والذي أدى الى صدور القرار 2118 عن مجلس الامن، والذي يقضي بنزع السلاح الكيميائي من النظام السوري وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي من اجل بدء العملية الانتقالية وتنفيذ الاجراءات الضرورية لإحلال السلام في سوريا عبر تنفيذ بيان جنيف.

كلفة عالية

خلصت اللجنة الدولية المستقلة، التي تشكلت في آب (أغسطس) 2011 للتحقيق في انتهاكات القانون الإنساني الدولي في سوريا، في تقريريها الصادريْن في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، و 22 شباط (فبراير) 2012 إلى أنه جرى بالفعل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا بعلم السلطات على أعلى المستويات في الدولة وبموافقتها على ما يبدو.

وبذلك، يكون التقريران أكدا ما خلصت إليه منظمة العفو الدولية في تقريرها السابق بتاريخ 29 نيسان (أبريل) 2011 في بداية الثورة السلمية من أن quot;الانتهاكات الحقوقية التي ارتكبتها السلطات السورية قد شملت جرائم قتل وتعذيب، فيما بدا أنها ممارسة تأتي كجزء من هجمات منهجية واسعة الانتشار ضد السكان المدنيين. وعليه، فإن مثل تلك الانتهاكات ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانيةquot;.

ووثقت المنظمات الحقوقية الدولية عددًا من وسائل التعذيب التي تستخدم داخل سجون النظام، والتي أدت إلى موت الآلاف تحت التعذيب.

ولفت التقرير إلى البيان الصادر عن الاسكوا في بيروت واعلانه أن استمرار هذه الأزمة يعني أن 6000 شخص سيموتون كل شهر، وأن سوريا تخسر عشرة ملايين ليرة سورية في كل دقيقة، اضافة أن 300 شخص يهجّرون من بيوتهم كل ساعة، وأن 9000 شخص يصبحون تحت خط الفقر الأدنى و2500 شخص يفقدون القدرة على تأمين قوتهم كل يوم، وأن 10000 شخص يخسرون عملهم كل أسبوع. ومع كل سنة تستمر فيها الأزمة تتراجع سوريا ثماني سنوات إلى الخلف، في جميع المؤشرات الاقتصادية والتنموية.

إستفتاء شعبي

إلى ذلك، وفي صورة جديدة من المماطلة والتسويف، استهل وزير اعلام النظام السوري عمران الزعبي اليوم الاول من الجولة الثانية من المفاوضات بالقول: quot;إن اي قرار قد ينجم عن مؤتمر جنيف-2 للسلام سيعرض على الاستفتاء الشعبي العامquot;.

والزعبي الذي ادّعى أن وفد النظام مصر على العملية السياسية والمسار السياسي، اعتبر أن ذلك ليس سهلًا، quot;وهو عمل صعب ومعقد يحتاج إلى وقت وسنبذل أقصى طاقاتنا وسنبقي الباب مفتوحًا لإنتاج مثل هذا الحل السياسيquot;.

واعتبر أن وفد النظام مخول النقاش والحوار في كل القضايا والمواضيع، لكن قرار قبول ما ينشأ عن جنيف إذا نتج عنه أي شيء، فإن الإرادة الشعبية في سوريا هي من ستحكم عليه عبر الاستفتاء الشعبي العام.

وشدد الزعبي على أن وفد النظام سيتوجه إلى جنيف بروح جماعية ومسؤولية وطنية من أجل العمل على خلق مسار سياسي يفضي إلى نتائج حقيقية تشعر الجميع بالرضا على الصعيد الفردي والجمعي، لافتًا إلى ما أسماه quot;المصالح الوطنية العليا لسورياquot;، وانها ستبقى تحكم سلوك وفد النظام شخصيًا وسياسيًا وتفاوضيًا.