انهالت عليّ الأسئلة في الأسبوع الماضي، من عدة وسائل صحافية. وكانت أبرز الأسئلة والأجوبة على النحو التالي:

س- هل أنت العربي الفلسطيني الذي هجر من أرضه كما يوحي به اسم العائلة، أم أنه الأردني المعارض للنظام في وطنه البديل أو الأصلي ؟!

ج- أنا الإنسان الحر، المدافع عن الحرية في كل مكان، وزمان، بعيداً عن العصبية، والإيديولوجية!

تهمة الماركسية

س- : يقال انك كنت ماركسي التوجه ، أو اشتراكي الفكر ، ثم أصبحت ليبرالي الفكر والهوى والتوجه بعد أن هاجرت الى أمريكا ، فما هو تعليقك وجوابك ؟!

ج- هناك بعض الحالات والطروحات الاقتصادية والاجتماعية، تستدعي استعمال أدوات حديثة لتحليلها.

وللعلم، أنا لم انتمِ الى أي حزب سياسي أو فكري قط. كنت دائماً طائراً خارج الأسراب.

أُحلِّق في سماء الفكر يميناً وشمالاً، شرقاً وغرباً، بكل حرية ، وبلا قيود، ولا سدود.

س- ما هي استراتيجيتك ككاتب سياسي؟
ج- أنا لست كاتباً سياسياً. أنا أكره السياسة، ولا أعمل بها. السياسة كالوسخ أنت بحاجة إلى أن تغتسل منها كل يوم، لتنظف من أوساخها. أكبر خطأ تمَّ في التاريخ العربي حين خلط الأمويون السياسية بالدين، فكسبت السياسة، وخسر الدين. وظل هذا الخلط قائماً الى الآن، مما أوقع العرب في مهالك كثيرة في الماضي والحاضر.

الحراك الشعبي الأردني

س- ما تقييمك للحراك الشعبي الأردني الآن؟
ج- لا شك بأنه بطيء التقدم، ولكنه ثابت. إنه بطيء كتدفق العسل الحر. والأردن ليس تونس، وليس مصر. تونس حرَّكها وحررها بورقيبة منذ 1956، وأصلح فيها التعليم الديني، وهذا مهم. ومصر جاءها عبد الناصر 1952 باشتراكية عرجاء، ولكنها اشتراكية أفادت العمال والفلاحين. الأردن بلد مختلف لم يشهد ما شهدته تونس، أو مصر. ثم إن التركيبة السكانية الأردنية تختلف عن أي بلد عربي آخر. فسبعين بالمائة من الأردنيين من أصل فلسطيني يريدون quot;السُترةquot;، والاستقرار، والباقي من أبناء العشائر وحمائل. والعصبية القبلية ndash; التي قال عنها ابن خلدون - متجذرة في الأردن. بمعنى أن السياسي الحزبي التقدمي، يُعطي صوته في الانتخابات لزعيم العشيرة الرجعي، وليس لمرشح الحزب التقدمي. إضافة الى أن التيار الديني المتجذر في الأردن منذ عام 1946 (تاريخ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين) ساعد على تثبيت الملكية، وحمايتها، من أية هزات سياسية، خاصة عندما أُفرغت الساحة السياسية الأردنية من الأحزاب التي حُلَّت عام 1957، وتعطلت الانتخابات حتى عام 1989. وكان quot;الإخوانquot;، هم اللاعبون الوحيدون على الساحة السياسية الأردنية، وعُدوا من عظام رقبة النظام. إضافة لذلك، فأمام عجز الدولة عن تأمين كافة الخدمات السكانية قامت quot;جماعة الإخوانquot; بسد هذا النقص، مما دفع الشارع الأردني المتدين تديناً شعبياً بسيطاً إلى الالتفاف حول quot;الجماعةquot;، ودعمها. وهو ما حصل مؤخراً في مصر، وكان سبباً في صعود التيار الديني على النحو الذي نراه الآن.

سر quot;القلبةquot; على النظام
س- هل لك أن تحدثنا عن سر هذه quot; القلبة quot; ولماذا تهاجم quot;آل البيتquot; من الهاشميين؟
ج- لا يوجد في التاريخ مَنْ هُمْ quot;آل البيتquot;. الهاشميون ليسوا من quot;آل البيتquot;. هُمْ أسرة عربية سعت الى الحكم، وتلفعت برداء الدين، لكي تصل الى السلطة. وأطلقوا على أنفسهم quot;آل البيتquot;. وكما قال الشيخ عبد الوهاب المفتي في quot;إيلافquot; (18/6/2012)، فقد زوَّر لهم بعض أشياخ الدين وثائق غير صحيحة، لكي يُدخلوا في روع الناس أنهم مقدسون، ومن quot;آل البيتquot;. فكل مسلم هو من quot;آل محمدquot;، عليه الصلاة والسلام.
سئل الرسول عليه السلام:
من هم quot;آل محمدquot;؟
فقال: كل تقي. (أي كل مسلم).
فهل كان سلمان الفارسي من نسل quot;آل محمدquot;، عندما قال له الرسول الكريم:
quot;سلمان منّا آل البيتquot;؟!
وقد نفى القرآن الكريم أن يكون للنبي عليه السلام سلالة، فقال: ﴿ وما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم﴾ (الأحزاب:40). وبذا، فإن صفة quot;أهل البيتquot; لا تعني من هُمْ مِنْ سلالة الأسرة النبوية. والشيعة هم مَنْ أطلقوا صفة quot;آل البيتquot; لأغراض سياسية فقط، حيث كانوا يرون، أن الولاية خاصة بأئمة الشيعة من quot;آل البيتquot; فقط.
ثم لا عداء بيني وبين الهاشميين. كل ما هنالك، أن الهاشميين عندما جاءوا من الحجاز عام 1921 كان عددهم لا يتجاوز عشرة أفراد. وكان الأردن بإمكانياته المالية المتواضعة جداً قادراً على الانفاق عليهم. اليوم الهاشميون، وبعد أكثر من 90 عاماً من حكمهم للأردن، أصبحوا أكثر من خمسة آلاف أمير وأميرة، وشريف وشريفة. وكلهم يتقاضون مخصصات شهرية من خزينة الدولة. ويكلفون الخزينة أكثر من 300 مليون دولار، حسب بعض التقارير السرية. والأردن ليس بلداً غنياً كبريطانيا، أو السويد، أو الدنمارك، لكي ينفق على عائلة مالكة. كما أن الأردن ليس دولة نفطية لكي ينفق على مثل هذه العائلة، التي تكبد الأردن إضافة الى المخصصات الشهرية، والاعفاءات من الضرائب، واستيراد السيارات والآلات الكهربائية بدون رسوم جمركية، وبيعها في الأسوق، والاستيلاء على الأراضي والعقارات من الدولة، ومن القطاع الخاص. وهذا ما رفع دين الأردن الى 23 مليار دولار، لن تسددها العائلة المالكة أو تساهم في تسديدها، ولكن سيسددها الشعب الأردني (الغلبان). مرحباً بالملكية المجانية في الأردن حتى ولو كانت من الزط، أو من (النَوَر). وأهلاً وسهلاً بها في الأردن. شرط أن لا تدفع الخزينة الأردنية أكثر من نصف مليون دولار سنوياً، لملكية دستورية، تملك ولا تحكم، كما هو الحال في حكم quot;آل هانوفرquot; لبريطانيا. أما إذا حكم الهاشميون الأردن بطريقة quot;آل البوربونquot; في فرنسا، فمصيرهم سيكون كمصير الملك لويس السادس عشر عام 1793!
الأردن لا يحتمل رئيساً، ملكاً كان أم رئيس جمهورية، أم مفتياً، إلا براتب لا يزيد عن نصف مليون دولار سنوياً (مقطوعة) وبشروط تحدد صلاحيات، ولا تجعله حاكماً مطلقاً كحكام القرون الوسطى، الذين كانوا يعتبرون أنفسهم خلفاء الله على الأرض، ولهم الحق الإلهي المطلق في الحكم.

النصيحة للنظام

س- ما هي نصيحتك للنظام لتجاوز الأزمة الحالية؟
ج- مَنْ أنا حتى أنصح النظام لتجاوز أزمة قاتلة كالأزمة التي هو فيها الآن؟!

ثم إن النظام الآن لا يسمع من أحد، لا مني، ولا من غيري. وأخيراً، أصبح النظام غير صالح للنصيحة؛ بمعنى أنه غير قادر ولا يستطيع العمل بالنصيحة المخلصة. ولو كان لديه القدرة والاستطاعة لإقامة العدل والإحسان، لقام بذلك منذ سنوات طويلة. ولكنه حكمنا حتى الآن أكثر من 90 سنة ولم يُقِّم عدلاً، ولا إحساناً.
فأين ستكون موقع نصيحتنا من نفسه الآن، لو كان لدينا نصيحة؟!
ورغم ذلك فقد حاولنا النصيحة عام 2004 ، كنا نأمل في الملك أملاً كبيراً، في الإصلاح الشامل، وصل بنا إلى أن نُطلق عليه الملك الحداثي، فيما لو قام بالتالي:
* السعي إلى توحيد الأحزاب السياسية في حزبين رئيسيين، حزب يحكم وحزب يعارض، وذلك على غرار ما هو قائم الآن في الدول الغربية الديمقراطية. ولكن عشائرية الأحزاب الأردنية، وتفردها القبلي، يأبى عليها إلا أن تظل متفرقة حتى يكون في الأردن ndash; كما هو الحال الآن - أكثر من عشرين زعيماً سياسياً لعشرين حزب سياسي، بدلاً من زعيمين سياسيين لحزبين فقط.
* تأييد عملية السلام الشامل في المنطقة. وهو صدى للعملية السلمية التي قام به والده، من خلال اتفاقية quot;وادي عربةquot;، في 1994. وإيمانه الراسخ بأن المشكلة الفلسطينية مشكلة سياسية، ويجب حلها سياسياً وسلمياً. وأن لا مجال للصراع المسلح مطلقاً مع إسرائيل، نظراً لافتقاد توازن القوى بين الجانب العربي والإسرائيلي.
* السعي إلى تغيير، وتطوير أنظمة التعليم الأردنية، منذ العام 2000، وهو ما كان والده ينادي به. ولكن، تحكُّم quot;جماعة الإخوان المسلمينquot; بوزارة التربية والتعليم التقليدي، وانتشارهم فيها انتشاراً كبيراً، إضافة إلى قوى يمنية ويسارية أصولية أخرى، حالت وتحول الآن بين أي إصلاح جذري لنظام التعليم الأردني.
وكنا في العام نفسه (2004)، قد اقترحنا عدة اقتراحات، كطريق للإصلاح في تلك السنة، لكي يسود العدل والإحسان، منها:
1- الأردن الآن في مرحلة تستوجب أن يفوّض فيها الملك بعض صلاحياته للشعب، ويتحول الملك شيئاً فشيئاً من حاكم مطلق بالحق الإلهي (كما كان حكام القرون الوسطى) إلى حاكم دستوري يملك، ولا يحكم، كالحكم الملكي في بريطانيا، وبعض الدول الاسكندنافية.
2- إجراء تعديلات كثيرة وفورية في الدستور الأردني، الذي وضع منذ أكثر من نصف قرن وتجيير الكثير من صلاحيات الملك المطلقة الحالية لمجلس الأمة، المُنتخب انتخاباً حراً ونزيهاً.
3- على الملك أن يتدخل شخصياً وبقوة، لتوحيد الأحزاب السياسية في حزبين رئيسيين: حزب يحكم، وحزب في المعارضة، بدل هذا العدد من الأحزاب الصغيرة التي نشأت نتيجة للاحتقان السياسي، وللتنفيس عن كثير من مشاعر الغضب والسخط على ما يجري في الأردن.
4- إيقاف منح تراخيص جديدة للمزيد من الأحزاب السياسية.
5- رفع الحصانة الدينية عن رجال المؤسسات الدينية السياسية. ومعاملة رجال الدين الذين يعملون بالسياسة كسياسيين فقط، وليسوا كرجال دين.
6- فصل الدين عن الدولة فصلاً تاماً واعتبار quot;جبهة العمل الإسلاميquot; وquot;جماعة الإخوان المسلمينquot; أحزاباً سياسية لا غطاء دينياً لها، بأي حال من الأحوال.
7- القضاء على السحر، والشعوذة، وحكم الجان، والأساطير، التي يرويها رجال الدين، ويوظفوها لأغراض سياسية معينة.
8- وأخيراً، القيام بتعديل المناهج ووضع سياسة تعليمية تحوّل الأردن إلى مصانع تعليمية.
ولكن، مضت سبع سنوات على هذه الاقتراحات، ونحن نراقب وننتظر تنفيذ واحد منها، فلن يتحقق ذلك. وأيقنَّا بعدها، أن الإصلاح عسير على العائلة الملكية الهاشمية، وغير مستطاع، وأن ظنونا الحميدة، وآمالنا العريضة بحداثة العهد المتوخاة، وبإخلاصه للحداثة السياسية، والاجتماعية، والثقافية، كانت سراباً، وكانت وهماً، وكانت بالتالي خداعاً للنفس. فقمنا ليس بقلب ظهر المِجَن للملك وللملكية الهاشمية، كما يقول بعض من يعتبرون الهاشميين أسياداً لهم، ولكن رحنا نرصد المخالفات المتتابعة في حق الوطن والمواطنين.
ورغم يقيننا بعدم جدوى الإصلاح، التي يمكن أن تقوم به الملكية الهاشمية في الأردن، إلا أننا لم نكف عن توعية الملك بما يدور في الأردن وخارج الأردن، لعل هذه التوعية توقظ بعض الضمائر في النفوس.
ومن ذلك، أنه في عام 2005، التقى الإعلامي الأمريكي Tim Russert من قناة MSNBC الأمريكية في برنامجه الشهير،( واجه الصحافة Meet The Press quot; ، 13/11/2005) الملك عبد الله الثاني ، وسأله عدة أسئلة عن العمل الإرهابي الفظيع والمجرم الذي وقع في عمان، في نوفمبر 2005 ، حيث نسف إرهابيون عراقيون، وأردنيون، وبحرينيون، فندق الديز إن، وفندق راديسون ساس، وفندق جراند حياة، وراح ضحيته المخرج العالمي مصطفى العقاد. وسقط 57 قتيلاً و120 جريحاً على الأقل، والذي وصفته في إحدى الفضائيات، نائبة البرلمان السابقة والمعارضة توجان الفيصل (صاحبة كوبونات النفط العراقية الذهبية) وصفاً بشعاً، بقولها إنه نتيجة لمصادرة الحريات في الأردن، ونتيجة للكبت وضيق الهامش الديمقراطي الذي يعاني منه الشارع الأردني!
واستجابة لروح العصر ومتطلباته وواقعه المغاير ومستقبله، فالطريق السالكة إلى برِّ الأمن والأمان، هي الملكية الدستورية، التي تملك ولا تحكم على الطريقة البريطانية، أو على الطريقة الإسكندنافية. وهي الطريق الموصل إلى هذه المصالحة مع النفس، والمصافحة مع الشعب.
والملكية الدستورية التي تملك ولا تحكم، هي الوسيلة الوحيدة، لكي يضمن الهاشميون استمرار ملكهم في الأردن، ويخيبوا توقعات الملك المصري فاروق (1920-1965) الذي قال في 1950 بأنه quot;في خلال سنوات قليلة لن يبقى في العالم من الملوك غير ملك بريطانيا، وملوك ورق اللعب الأربعة.quot; كما ذكر وليم آتوود في كتابه، 1950.
وليعلم القراء، أن ما ذكرناه أعلاه، كان هذا من ضمن الأسئلة الثلاثة التي وجهها الرئيس أوباما في اجتماعه مع الملك في واشنطن، في 17/1/2012. فسأل أوباما الملك:

- ما هو مشروعك للالتزام بملكية دستورية تحتكم إلى قانون، لا إلى أنظمة، يتمُّ تفصيلها على قياس الحاكم؟
وطلب آخر على شكل سؤال، يقول:
- دعْ الملكية الدستورية تأتي من قِبلك، لا من قِبل الشارع المنتفض؟
وهي الملكية الدستورية، التي سبق وشرحنا الطريق إليها بالتفصيل. وهي الطريق التي بدأ الإعلام الأردني ينير بعض جوانبها. فاستفتاء جريدة quot;الدستورquot; الأردنية (26/5/2005) كانت نتيجته، أن قال 96 % من المستَفتين، إن رئيس الوزراء يجب أن يُنتخب. واستطلاع الرأي العام الذي أجراه quot;مركز الدراسات الاستراتيجيةquot; في الجامعة الأردنية، وقال فيه 92 % من المستَفتين، إن الحكومة الحالية غير قادرة على القيام بمسؤولياتها. وهي نفس النتائج السابقة المُضمرة، لعدد الحكومات الأردنية، الذي فاق أكثر من تسعين حكومة منذ 1923 إلى الآن، لم تترك من ورائها غير الشيء القليل جداً.
ولم يتم حتى الآن شيء مما نادينا به ونادى به الآخرون.
فلا حياة لمن تنادي!

لماذا اسقاط النظام؟
س- هل أنت مع اسقاط النظام، ولماذا؟
ج- نعم، أنا مع اسقاط النظام، لأن النظام لا ينوي الإصلاح، وليست لديه القدرة على الإصلاح. فكيف تطلب من طفل صغير لم يتجوز عمره السنة أن يركض أو يشترك في سباق المسافات؟ ولو كان النظام قادراً على الإصلاح لأصلح ما يحتاج الإصلاح خلال أكثر من 90 عاماً من حكم الهاشميين. إذن، لا بد من إسقاط النظام. ولهذا نطالب بإسقاط النظام، بعد أن أصبح غير قادر على الإصلاح، ولا يملك القدرة على الإصلاح.
س- وما هو البديل ومن سيكون؟
ج- هذا سؤال سُئل للثوار في تونس، وفي مصر، وفي ليبيا، وفي اليمن، وفي سوريا، وفي غيرها. وهو سؤال تقليدي ولا جواب عنه.
الثوار الفرنسيون عام 1789 سُئلوا هذا السؤال، وقالوا: لا نعلم.
وهذا يعني أن الثورات كالبراكين. فعندما تثور البراكين، وتلقي بحممها، لا أحد يدري متى ستخمد، وما هي الخطوة التالية. كذلك هي الثورات. ولكن البراكين عندما تخمد تترك تربة صالحة للزراعة. كذلك هي الثورات عندما تهمد تصبح الأرض خصبة وصالح للزراعة. زراعة كل القيم الانسانية النبيلة، وأهمها قيمة العدل والاحسان، التي نبحث عنها دائماً، والتي جاء بها الإسلام ولم يجرِ تطبيقها.

التيار العلماني هو الرابح

س : قلت ذات يوم ما فحواه : quot; ونحن نتصور بأن يستمر تجاذب الأطراف على هذا النحو طيلة القرن الحادي والعشرين بين دعاة الدولة الدينية ودعاة الدولة العلمانية، مع يقيننا بأن التيار العلماني هو الذي سيتغلب في النهاية.quot;
فهل لا زلت تعتقد بصلاحية تلك الفكرة , وعلى أي شيء استندت في استقراءك لمستقبل الفكر العربي وشكل الدولة القادمة ؟!
ج- سيدي:
- كم عدد الدول والشعوب في العالم الآن، التي أبعدت رجال الدين عن السلطة السياسية، منذ ثورة لوثر المعروفة؟
- كم دولة في العالم الآن شرقاً وغرباً، التي لا يحكمها رجال الدين؟
- وهل يزداد هذا العدد، أم ينقص؟

س- : قلت ذات مقالة أن التعليم الديني والظلامي قد لعب دورا كبيرا كأحد أسباب الإرهاب . فهل ترى أن هناك تعليما دينيا تنويريا وتعليما دينيا ظلاميا ، وكيف يكون التعليم الديني الظلامي مثلما تقول سببا للإرهاب ؟!
ج- ما هو فكر الإرهاب؟
هو الفكر الذي يؤمن بالحقيقة quot;المطلقةquot;، وليس بالحقيقة quot;النسبيةquot;.
هو الفكر التلقيني، الذي يُعطِّل إعمال العقل في الطروحات والأفكار.
والتعليم الظلامي تعليم تلقيني، يعتمد على الحفظ، وليس التحفُّظ تجاه المقولات المطروحة.

تعليقات القراء!

س- هل تضايقك تعليقات القراء؟
ج- لا. أريد أن يتورط بعضهم في مديح quot;الظل العاليquot;. فالعالي اليوم سيصبح غداً واطياً. وربما ينزل إلى أسفل السافلين.
ولكم مني أيها الثوار الأحرار الشرفاء في الأردن عهداً، بأن استمر في فضح الفساد والفاسدين في الأردن، والسرقة والسارقين، والنهب والناهبين، وأن أكون لهم بالمرصاد، دون تردد، أو خوف، أو وجل. فهذه هي وظيفة المثقف، والمهمة المناطة به.
عموماً، التعليقات قليلة، ومعظمها يأتي من أفراد quot;الرصد والمتابعةquot; في دائرة quot;المخابرات الأردنيةquot;. وهي تعليقات تدافع كلها عن النظام وهذا من حقهم. ولكن النظام في الأردن، ينعم في ظل الأغلبية الصامتة. فهؤلاء لا يتكلمون ولا يفعلون شيئاً ضد النظام، وهم يمثلون 70% من أصل فلسطيني، وأكثر من 20% من أبناء القبائل والعشائر. فمصلحة الغالبية من أصل فلسطيني إبقاء النظام قائماً، لإبقاء الاستقرار الذي يبحثون عنه منذ 1948، ووجدوه في النظام الأردني، ولو أنه استقرار قائم على فوهة بركان الآن. وأبناء العشائر والقبائل الذين يتمتعون بفرص ومميزات كثيرة، منها الانتساب للقوات المسلحة، والوظائف الرفيعة في وزارة الخارجية، والمخابرات، والأمن العام، وخلاف ذلك. وهذا تركيب سكاني فريد في العالم العربي. والنظام محظوظ به. وهو سرُّ عدم وجود انقلابات عسكرية متتابعة كما حصل في سوريا مثلاً، ما عدا انقلاب quot;الضباط الأحرارquot;، عام 1957 بقيادة اللواء علي أبو نوار، واللواء علي الحياري، وغيرهما. وهو سرُّ محدودية أثر كل الهبَّات الشعبية التي حصلت في الماضي. كما أنه سرُّ التحرك الشعبي المعارض، البطيء الآن في الأردن.

السلام عليكم.