قالت جريدة ldquo;المستور الإخباريquot; الأردنية (14/6/2012) quot;إن الشعب الذي كان يعتقد أنه ماضي الى ربيع سياسي واقتصادي، يعيش اليوم أبشع ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية، وأبشع عملية إفقار منظم، وسقوط في فخ رفع الأسعار، وتهميش الطبقة الفقيرة والوسطى.quot;
وأضافت:
فرفع الأسعار، أضيف الى قائمة الجوع، والفقر، والتهميش، والتسلط، والفوضى. وهناك الآلة الضخمة داخل الدولة، التي لا تريد للأردنيين الاستقرار، ولا تريد لهم الأمان، وتريد أن تُكمل صناعة الفقر والتهميش، من خلال قرارات اقتصادية بشعة خانقة، تصنعها الحكومة لإعادة السطوة على الشعب الاردني، وإطباق القبضة على لقمة عيشه، تمهيداً لإلغاء هويته الوطنية.quot;
المرارة الكبيرة والحزن العميق
ولا شك أن المواطن الأردني يشعر بمرارة كبيرة، وحزن عميق، لتعثر مسيرة الإصلاح، التي تمثلت كما قال الكاتب الأردني باسل البشابشة، في جريدة quot;في المرصادquot;، 18/6/2012 في اختيار رئيس الوزراء: quot; فبعد عام ونصف العام، من الرسائل التي وجهها الحراك الشعبي، المُطالب بالإصلاح، ومحاسبة الفاسدين، وبعد آلاف الاعتصامات، والمسيرات، والوقفات الاحتجاجية، كانت النتيجة أن النظام لا يريد الإصلاح. وأعاد الحرس القديم، الذي أوصل البلاد إلى ما هي عليه، من تردٍ بسبب سياسات الإفقار التي انتهجها، وكذلك فساده. كما طُويت معظم ملفات الفساد، التي بُحّ الصوت، ونحن نطالب بمحاسبة المسؤولين عنها، وأُغلقت بطريقة شرعية من حيث الإجراءات الشكلية، على الرغم مما تحمله من مغالطات قانونية، وأخلاقية.quot;
أسباب جعلت عين النظام quot;حمراءquot;!
فلماذا حصل هذا كله؟
وما هي الأسباب التي تجعل quot;النظامquot; على هذا النحو من (التصلُّب) و(المقاوحة) الشرسة؟
هناك عدة أسباب منها:
1- تميُّز التركيبة السكانية للأردن، المكونة من أكثر من 70% من الفلسطينيين الذين يبحثون عن الاستقرار ويخافون من التغيير. والمكوَّنة من قبائل وعشائر ذات عصبية قوية، تُشكَّل البقية الباقية من الشعب الأردني، مع وجود نسبة بسيطة (ربما لا تتعدي 2-5% من السكان) من الطبقة المتوسطة المدنية، التي ليست فلسطينية، ولا تنتمي الى قبيلة او عشيرة أو (حامولة) كبيرة، ذات عصبية نافذة.
2- أن quot;التيار الدينيquot; - من أصوليين وسلفيين - هم المحرك الرئيسي الآن للشارع الأردني. وهؤلاء لا يريدون أسقاط النظام - كما أعلنوا عدة مرات - ولكن يريدون مشاركة النظام السلطة. ولهم الحق في ذلك. فهم أصبحوا من quot;عظام رقبة النظامquot;، حين حلّ النظام كافة الأحزاب السياسية عام 1957، وأبقاهم هم وحدهم في الساحة السياسية، طيلة 32 سنة (1957-1989)، فصالوا، وجالوا، وقدموا بعض الخدمات الاجتماعية للمواطنين، وحيث قصَّرت الدولة في هذه الخدمات، فكسبوا تعاطف جزء كبير من المواطنين البسطاء من حرفيين، وعمال، ومعلمين، وتجار، وصغار رجال الأعمال، وغيرهم. وكانت النتيجة اليوم، أنهم إذا تحركوا تحرك هؤلاء معهم. ولكن عيبهم، ونقيصتهم، أنهم يريدون الإصلاح لنظام حكمنا أكثر من 90 عاماً، ولم يُصلح شيئاً. فلا يُصلح العطار (النظام القائم) ما أفسده الدهر (النظام على مدى أكثر من 90 عاماً).
3- يتمتع النظام بأقوى جهاز أمني وبوليسي في المنطقة. وقد استطاع منذ عام 1957 (عام حلِّ الأحزاب السياسية، ما عدا quot;جماعة الإخوان المسلمينquot;) أن يُرعب المعارضة، ويمنع توظيف أي مواطن في الدولة، ويُقيل رؤساء تحرير الصحف، ويحمي النظام، من أي تهديد محتمل. ومن هنا تم إفلات يد هذا الجهاز. وتمَّت فيها صفقات مالية مشبوهة، كان quot;محمد الذهبيquot; (رئيس الاستخبارات السابق) أحد أبطالها الكبار، الذين اغتنوا من ورائها.
4- تدعم أمريكا النظام، كما تدعمه المجموعة الأوروبية. وأمريكا لها مصلحة كبرى في النظام القائم، الذي يعتبر النظام العربي الوحيد الآن، الذي له علاقة جيدة مع إسرائيل. إضافة الى أن النشاط الاستخباري الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط ينطلق من عمان.
5- تدعم دول الخليج النظام. ودول الخليج تعتبر النظام الملكي الأردني هو النظام الأمثل في المشرق العربي. ولذا، تحمَّست دول الخليج في مرحلة من السنة الماضية لضم الأردن ndash; قسراً ndash; الى quot;مجلس التعاون الخليجيquot;. ولكنها عادت الى رشدها، مرة أخرى. في حين لبس معظم الأردنيين في ذلك الوقت ndash; على عجل - (الدشاديش )، و(البشوت) (العباءات)، و (الغُتر) الخليجية كذلك، رعونةً، واستخفافاً.
6- تعثُّر ثورات الربيع العربي، على نحو ما يجري في مصر، وليبيا، وسوريا. وهذا التعثر، هو الذي جعل معظم المعلقين الأردنيين يؤثرون الاستقرار والسلامة على الثورة والتغيير.
وكان السؤال الدائم ما هو البديل؟
وهو سؤال غبي وساذج.
فالثورة قَدَرٌ، مثلها مثل البركان. ولا أحد يعرف الدقيقة التالية للبركان، كذلك للثورة.
7- خبرة النظام الطويلة في quot;شحاذة الأموالquot; من الخارج. فالنظام يعرف quot;المحسنينquot;، في العالم، وفي دول الخليج، ويعرف أبوابهم، وحراسهم، ويتحسس جيوبهم جيداً، إن كانت قادرة على الدفع أم لا. وزوال هذا النظام، معناه زوال أموال المحسنين، التي تتمتع بها العائلة المالكة، والمنتفعين بها من حولها.
8- استعداد النظام، لبيع، وتأجير جنوده، وجهازه الأمني، لمن يشتري. فباع للبحرين جهازاً أمنياً، وقالت المعارضة البحرينية، أنه كان المسؤول عن تعذيب عناصر المعارضة. وباع لقطر الجنود المرتزقة، الذين تم إرسالهم للقضاء على نظام القذافي في ليبيا. وباع لأمريكا في أفغانستان جنوداً وضباطاً، حيث قُتل جنود أردنيون في منطقة quot;لوغارquot; الأفغانية الذين كانوا يحاربون الى جانب quot;قوات الحلفاءquot; ضد طالبان. وفي عملية quot;خوستquot; في أفغانستان قُتل الأمير علي بن زيد (من أبناء عمومة الملك عبد الله الثاني) مع سبعة ضباط من المخابرات الأمريكية ( (CIA، كانوا يحاربون هناك ضد طالبان.
9- حرص النظام على أن يكون المعني العربي الأول بالقضية الفلسطينية، من خلال تجنيسه لأكبر عدد من الفلسطينيين، ومصاهرته لعائلات فلسطينية. فهناك ملكتان اردنيتان/فلسطينيتان تزوجتا ملكين (علياء طوقان)، و (رانيا الياسين).
10- وأخيراً، حاجة الأردن المالية للآخر، سواء كان غربياً (سلاح، وخبرة أمنية، ودعم سياسي) أو عربياً (أموال، واستثمارات) ومعرفة النظام وحده لهذه الأبواب، واتكال الأردنيين البسطاء عليه في الحصول عليها، لكي لا يموت جوعاً. وهو خوف أطفال سخيف، لا مبرر له. فلم يمت شعب في التاريخ جوعاً، ولكنه مات قهراً وطغياناً.
ومن هنا بدا النظام غير خائف على نفسه وعلى كيانه، ويقول للمعارضة، التي تتحرك الآن في الشارع الأردني، ببطء شديد:
quot;طز فيكم. وأعلى ما في خيلكم أركبوه.quot;
كما قال الكاتب الأردني باسل البشابشة، في جريدة quot;في المرصادquot; الأردنية، (18/6/2012).
السلام عليكم.
التعليقات