في زمن اختلطت فيه اوراق السياسة، اصبحت أصغر دول العالم، تعطي نفسها دوراً اكبر بكثير من حجمها، في محاولة لتدمير اقدم حضارات العالم، وفرض سيطرتها ومد نفوذها في العالم العربي بشكل عام، والشرق الاوسط والشمال الافريقي بشكل خاص، منذ بداية الاحداث المخطط لها في عدد من الدول العربية، وبالاعتماد على القمع والاستبداد الذي تعيش فيه شعوب المنطقة، حاولت عدة قوى اقليمية ودولية، بأيدي عربية، في الاستفادة من الظلم وانعدام الحريات في هذه المنطقة، لقلب الكفة بما يتناسب مع سياساتهم، وتسيير وتغيير مسار الثورات إلى ما يتماشى مع مصالحهم الاستراتيجية والاقتصادية، هذا من طرف، والعمل على نقلها إلى دول أخرى، من مصلحتها أن تتزعزع امنياً، وينعدم الاستقرار فيها، من طرف آخر، لون جديد للحروب، طريقة جديدة تدّمر فيها الدول، بشرياً، سياسياً واقتصادياً، إلى ما هنالك من انواع الدمار. بالنسبة لهم، هذا بحد ذاته نجاح... دمّر خصمك، وقسمه، من دون المواجهة المباشرة، من دون خسائر بشرية من طرفهم، يعني (فخار يكسر بعضو)، وهذه هي السياسة الجديدة المتبعة واللون الجديد للحرب الجارية القادمة، والتي ستستمر بالانتقال، من دولة إلى اخرى ( باسم الحرية والديمقراطية)، والتي ليست لها علاقة بها لا من بعيد ولا من قريب.
إن بعض هذه الدول، التي تتحدث عن الحريات، والديمقراطيات، منها قطر وتركيا وعدد من الدول الخليجية الأخرى، والتي كانت في مقدمة الدول العربية مع مصر وسوريا في اتخاذ القرارات الشائكة بما يخص العالم العربي، والشرق الاوسط، اصبحوايتحركون بحسب رغبة قادتها، الولايات المتحدة، وأوروبا، والمدهش أكثر، أن هذه الدول، هي أكثر الدول قمعاً واستبداداً لشعوبها، ومن أكثر الدول انعداما لحق ممارسة المواطنة، وحق التعبير عن الرأي، وحق الوصول إلى السلطة، وحقوق المرأة، حقوق الطفل وحقوق الأنسان بشكل عام، أصبح المواطن العربي رهناً لهم، ولمحطاتهم التي كانت في يوم من الايام منبراً للحقيقة، ومع أني اشك بذلك، quot;ومن يتكلم عن الإصلاح، وعن عمل الخير، فليبدأ ببيته اولاًquot;، المقولة الانكليزية المعروفة، مستخدمين جميع الطرق المشروعة وغير المشروعة، لإنجاح مشروعهم.
هناك من سيقول أنهم يعملون، لإسقاط المشروع والمد الإيراني في المنطقة، أنا لا انكر هذا، فكل دولة لها مشروعها الخاص بها، وكلٌ منهم على حدا، يعمل على إنجاح ما يخطط له، إذاً، إن كان المشروع الإيراني يتضمن دول الخليج وسوريا، ماذا نقول عن التدخل السافر للدول التي ذكرتها سابقاً، في ليبيا، تونس ومصر أم العرب، بعد أن كانت قوة، لها دورها المؤثر على جميع الأصعدة، العربية، الاقليمية والدولية، اصبحت دولة مهمشة، مع احترامي الشديد للشعب المصري الأبي، ماذا نفهم هنا، هل قطر التي استلمت زمام الامور، وعملت على إخراج الدولة المجاورة لها من اللعبة، وعادت لتتدخل بدعم امريكي، قادرة على استلام دفة القيادة، وهل حجمها السياسي يسمح لها أن تقود العالم العربي؟
لن أتكلم عن الحجم الاقتصادي، لأننا نعرف حجمها الاقتصاديquot; الكبيرquot;!، والتي حاولت بمواردها المالية، شراء ذمم الحكومات، أو افراداً في هذه الدول، لبغية الوصول إلى العرش، ومنهم، من باعها من اجل بضعة ملايين، ومن لا يريد الملايين؟
ماهي خطيئة الشعوب، هل مصيرها، أن تعيش تحت القمع والاستبداد، أم تعيش تحت سيطرة خارجية، لا تسعى إلا، أن تسيطر وتمرر مشاريعها، ولا تملك أي حس وطني وعروبي، اصبحت الحالة quot; تجارة quot; من يدفع أكثر، هو يربح.
رأينا وبشكل ملحوظ هرولة، شخصيات ممن كانوا يحاولون الوصول للحكم، منهم من هو شريف، ومنهم شخصيات كرتونية، مصنعة بالخارج، إلى شاشات التلفاز يتكلمون عن الحس الوطني، وعن القمع والاستبداد والظلم الذي حل بشعوبهم، أصبحنا نعرف كل شخصية منهم، حفظنا اسماءهم، نعرف عن ظهر قلب ما سيقولون، الكل يتحدث عن انعدام الحريات والديمقراطيات، كلما قلبنا من قناة تلفزيونية لأخرى، نرى نفس الشخصيات، يتناوبون على الدوام، للخروج على هذه الفضائيات.
لقد سئم الشعب العربي، من الخطابات، والكلام الرخيص، لم نر أحدا منهم يطرح برنامجاً، يساعد في بناء الدولة، وفي نفس الوقت يحفظ حرية المواطن وكرامته، لو أعطيت الأموال التي صرفت في الدول العربية، لتدميرها وتقسيمها، وإنجاح مشاريعهم، وتهيئة أزلامهم للقدوم إلى الحكم، ليس كما يدعون، لإخراج الشعوب من الظلم الذي يعيشون فيه، لو أعطيت هذه الأموال للشعوب العربية، فرداً فرداً، لما كان هناك أحدا عاطلا عن العمل اليوم، والشعوب العربية قد تخلصت من الفقر، وعاشوا في رفاهية عالية، مع أنه شيء غير وارد، ولكن لا مانع بأن نحلم ونتمنى، فلا تملك شعوبنا اليوم، سوى الحلم، الذي سرق منها، وما يزال يسلب.
إن الحكومات والمعارضات العربية لا تملك الشفافية والموضوعية للتعامل مع شعوبها. الحكومات، قسمت، ما بين موالاتها، للولايات المتحدة الأميركية، وأروبا وروسيا، أما المعارضة ما بين الخارج والداخل، وما بين قطر وتركيا، ولا ننسى أيضاً، ان هؤلاء مسيرون من قبل تلك القوى العظمى.
الصراع السياسي على الاقليم، مشروع تقوده الولايات المتحدة، بأيدي عربية وتركية، فكيف ستكون القدرة على الحسم؟ هل المقصود هم العرب بكل مقوماتهم، أم دول المنطقة ككل؟
وهل ستكون سوريا المفصل الرئيسي في حسم الأمور؟
[email protected]
التعليقات